استمع إلى الملخص
- أكد مندوب الجزائر على إخفاق المجتمع الدولي في تطبيق القانون الدولي، متهمًا إسرائيل باستخدام التجويع كسلاح حرب، بينما دعا مندوب روسيا لوقف الحرب ودعم مشروع قرار لوقف إطلاق النار.
- وصفت مسؤولة أممية الوضع في غزة بالكارثي، مشيرة إلى استشهاد آلاف الفلسطينيين وانتقدت الهجمات الإسرائيلية على البنية التحتية المدنية، محذرة من تأثير التشريع الإسرائيلي الجديد على جهود المساعدات.
شهد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي لنقاش الوضع الإنساني في غزة وشبح المجاعة والأزمة الإنسانية، عُقد مساء الثلاثاء بتوقيت نيويورك، تقديم إحاطات من قبل مسؤولين أمميين تحدثوا فيها عن كارثية الوضع الإنساني في غزة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة على القطاع منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وفي حين حاولت المندوبة الأميركية الدفاع عن إسرائيل زاعمة أن الاحتلال قام بتسهيل دخول المساعدات إلى شمال قطاع غزة، اتهم المندوب الروسي الولايات المتحدة بتوفير الوقت لإسرائيل من أجل الاستمرار في حربها.
وقالت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد: "لقد أوضحت الولايات المتحدة لإسرائيل أنه يجب أن عليها أن تعالج الأزمة الإنسانية الواضحة. وحتى الآن وبفضل التدخلات من الولايات المتحدة قامت إسرائيل بخطوات هامة بما فيها ادخال المساعدات الإنسانية إلى الشمال ومع ذلك عليها أن تحرص على تنفيذ جميع التحركات المطلوبة". وشددت غرينفيلد على أهمية دور الأونروا الحيوي في تقديم المساعدات الإنسانية وناشدت بعدم المضي قدماً بتشريع الكنيست الذين يمنع الأونروا من الاستمرار بعملها داخل فلسطين. وبدت مداخلة المندوبة الأميركية منفصلة عن الواقع والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الحرب والداعم لإسرائيل دون هوادة.
أما الوزير البريطاني لشؤون الأمم المتحدة، اللورد كولينز، والذي ترأست بلاده الجلسة، فقال في كلمته إن "المجاعة باتت وشيكة الآن في شمال غزة" مؤكداً أن بلاده تدين "القيود التي تفرضها إسرائيل على المساعدات بأشد العبارات. فهي تتعارض مع التزامات إسرائيل، ولا يوجد أي عذر لذلك". وأضاف كولينز "يجب أن تتمكن الأمم المتحدة، بما في ذلك الأونروا، من الوفاء بولايتها. ويجب على إسرائيل الوفاء بجميع الالتزامات القانونية كقوة قائمة بالاحتلال" مشدداً على أن "غزة في خضم كارثة إنسانية، بمقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني، وتدمير المستشفيات والطرق"، وأكد ضرورة أن "نرى وقف إطلاق النار الفوري في غزة والإفراج عن جميع الرهائن. إن إنهاء الحرب هو أفضل وسيلة لوقف المعاناة".
إخفاق المجتمع الدولي في تطبيق القانون
من جهته قال مندوب الجزائر للأمم المتحدة، عمار بن جامع، والذي دعت بلاده إضافة لسويسرا ودول أخرى لعقد الاجتماع الطارئ، إن "المجاعة تنتشر اليوم بين الفلسطينيين الذين يعانون الأمرين في الوقت الذي يبقى فيه المجتمع الدولي عاجزاً عن وضع حد للقمع الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية المحتلة ضد الفلسطينيين"، وتحدث عن سياسات إسرائيلية ممنهجة ضد الفلسطينيين أوصلت الوضع إلى مستويات كارثية مشيراً إلى إخفاق المجتمع الدولي في تطبيق القانون الدولي.
وأشار بن جامع إلى تصريحات المقرر الخاص للأمم المتحدة، المعني بالحق في الغذاء، والتي قال فيها "أعلنت إسرائيل في الـ 29 من أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن حملتها للتجويع ضد غزة وبحلول ديسمبر/كانون الأول شكل الفلسطينيون في غزة ثمانين بالمئة من البشر الذين يعانون من جوع كارثي في العالم"، وأضاف "هذه التقارير المخيفة تؤكد على الوضع الخطير الذي يعيشه الفلسطينيون في غزة وخاصة شمالها. يموت الفلسطينيون من التجويع والمجاعة حرفياً وهذا يشكل استخداماً واضحاً للتجويع كوسيلة حرب وهذه جريمة حرب". وشدد المندوب الجزائري على وجود نية وراء النهج الإسرائيلي تتعلق بإفراغ شمال غزة من سكانه، وأضاف "هذه سياسة مكرسة وتعترف بها إسرائيل بشكل علني وتهدف إلى تهجير الفلسطينيين من هذه المنطقة وأشارت القوات الإسرائيلية بكل وضوح لذلك عندما قالت "لن يسمح للفلسطينيين بالعودة لديارهم في شمال غزة". كما اتهم مندوب فلسطين للأمم المتحدة، رياض منصور، إسرائيل بالتطهير العرقي وتجويع الفلسطينيين عمدا واستخدام التجويع كسلاح حرب، وتحدث عن قتل الصحفيين الفلسطينيين لمنع وصول التقارير إلى العالم وطالب السماح بدخول الصحفيين الدوليين.
من جهته اتهم مندوب روسيا للأمم المتحدة، فاسيلي نيبنزيا، الولايات المتحدة بخداع مجلس الأمن بالحديث المستمر عن وقف إطلاق النار دون تنفيذه لتوفير الوقت لإسرائيل من أجل الاستمرار في حربها، وأضاف "سأقولها بشكل واضح، الزملاء الأميركيون خدعونا ووفروا الوقت لإسرائيل لكي تنفذ خططها للقضاء على أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين في غزة وتحول هذه الأرض إلى أرض لا يمكن أن ينجو فيها الإنسان ولقد حان الوقت للتحرك". وشدد نيبنزيا على ضرورة أن يخرج مجلس الأمن من حالة الجمود بسبب الموقف الأميركي، معرباً عن تأييد بلاده لمشروع قرار تعمل الدول غير دائمة العضوية في مجلس الأمن لصياغته موضحاً أنه "يطالب بشكل فوري وغير مشروط بوقف دائم لإطلاق النار وإطلاق سراح جميع الرهائن".
70% من الشهداء في غزة هم من النساء والأطفال
ووصفت مساعدة الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إيلزي براندز كيهريس، الوضع الإنساني في غزة بالكارثي مشددة على أن "الأغلبية الساحقة، سبعين بالمئة، من الفلسطينيين الذين قُتلوا منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 في غزة هم من النساء والأطفال"، مشيرة إلى استشهاد أكثر من 43 ألف فلسطيني وجرح قرابة مئة ألف آخرين. ورجحت أن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير حيث ما زال الكثير من الشهداء والجرحى تحت الأنقاض، وشددت على أن الفئة العمرية الأكبر بين الوفيات هي الأطفال ما بين سن الخامسة والتاسعة.
وتوقفت كيهريس عند تشريد أغلبية سكان غزة داخلياً، ونسبة عالية منهم لأكثر من مرة، حيث اُجبر أكثر من 1.9 مليون فلسطيني على النزوح بمن فيهم النساء، والأطفال، والمسنين، وذوو الإعاقة، والنساء الحوامل، والمرضى. وأكدت "أن الغارات الجوية الإسرائيلية على مراكز الإيواء والمباني السكنية أدت إلى قتل عدد غير مقبول من المدنيين، مما يؤكد مجدداً بأنه لا يوجد مكان آمن في غزة"، وأكدت على أن نوعية الهجمات التي تقوم بها إسرائيل تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي "انتهك بشكل منهجي المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي: التمييز والتناسب وأخذ الحيطة في الهجوم".
وأكدت كيهريس أن نهج إسرائيل العدائي أدى "إلى تدمير البنية التحتية المدنية في غزة، بما في ذلك الأماكن التي تتمتع بوضع الحماية بموجب القانون الدولي: المستشفيات والمدارس والخدمات الحيوية بما في ذلك الكهرباء والمياه والصرف الصحي. وهذا يساهم بشكل مباشر في خطر المجاعة الذي نناقشه اليوم"، وأضافت "لقد قتلت إسرائيل المئات من العاملين في المجال الطبي، والشرطة المدنية، والصحفيين، وعمال الإغاثة الإنسانية، بما في ذلك أكثر من 220 من موظفينا في الأمم المتحدة".
وتحدثت المسؤولة الأممية عن تدخل إسرائيل المستمر والمتواصل فيما يخص توزيع ودخول المساعدات الإنسانية، مشددة على أن إسرائيل "باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال ملزمة، بموجب القانون الدولي، بحماية المدنيين الفلسطينيين وتزويدهم بالإمدادات الأساسية لبقائهم على قيد الحياة. ومع ذلك، فقد كان التأثير التراكمي لأكثر من عام من الدمار في غزة سبباً في خسائر فادحة، حيث تم تدمير الخدمات الأساسية للفلسطينيين في غزة وأصبحت الظروف، وخاصة في شمال غزة، غير صالحة للبقاء على قيد الحياة"، وأضافت كيهريس "إن الطريقة التي ينفذ بها الجيش الإسرائيلي عملياته في شمال غزة لا تشير فقط إلى أن نهج إسرائيل يسعى إلى إفراغها من الفلسطينيين، من خلال تهجير الناجين إلى الجنوب، بل يشير أيضاً إلى أخطار جسيمة أخرى وارتكاب فظائع من أخطر الأنواع".
جرائم حرب
من جهتها، تحدثت القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، جويس مسويا، في الجلسة عن "منع دخول المساعدات والسلع والخدمات التجارية الأساسية، بما في ذلك الكهرباء ما أدى إلى زيادة الجوع والتجويع، والآن المجاعة المحتملة. نحن نشهد أفعالاً تذكرنا بأشد الجرائم الدولية خطورة". وأشارت إلى حصار إسرائيل لبيت حانون منذ أكثر من شهر وأضافت "بالأمس، وصلت المواد الغذائية والمياه إلى الملاجئ، ولكن اليوم أجبر جنود الاحتلال الإسرائيلي الناس على النزوح من نفس المناطق (التي وصلتها المساعدات)".
وأضافت مسويا "في هذه اللحظات التي أقدم فيها إحاطتي، تمنع السلطات الإسرائيلية دخول المساعدات الإنسانية إلى شمال غزة، حيث يستمر القتال، ويوجد حوالي 75 ألف فلسطيني يعانون من نقص حاد في إمدادات المياه والغذاء"، وعن الوضع الانساني في قطاع غزة عموماً أكدت أن "ظروف الحياة في مختلف أنحاء غزة غير صالحة للبقاء الإنساني، فالطعام غير كاف، كما أن إمدادات المأوى ــ المطلوبة قبل الشتاء ــ قليلة للغاية". وأشارت إلى التشريع الإسرائيلي في الكنيست الذي يحظر عمل الأونروا اعتباراً من يناير/كانون الثاني القادم، مشددة على أن ذلك يقوض عمل الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية: "إذا تم تنفيذ هذا القانون، فسوف يشكل ضربة مدمرة أخرى للجهود الرامية إلى توفير المساعدات المنقذة للحياة وتجنب خطر المجاعة. ولا يمكن لأي منظمة أخرى أن تسد هذه الفجوات". كما أشارت مسويا إلى تدهور الأوضاع في الضفة الغربية المحتلة بما فيها هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين.