لبنان: الحريري يقدم تشكيلة وزارية أخيرة لعون ويمهله حتى الخميس

14 يوليو 2021
قدم الحريري حكومة من 24 وزيراً اختصاصياً حسب المبادرة الفرنسية (Getty)
+ الخط -

قدَّمَ رئيس الوزراء اللبناني المكلف سعد الحريري بعد ظهر اليوم الأربعاء، تشكيلته الوزارية إلى الرئيس ميشال عون وأمهله حتى يوم غد لتقديم الجواب على أساسها، رامياً بالتالي الكرة في ملعب الفريق الآخر لتحديد مصير الملف الحكومي برمّته.

وقال الحريري لدى خروجه من اللقاء الذي لم يدم أكثر من نصفِ ساعة بعد انقطاع استمرّ لأشهر بينهما: "قدّمت للرئيس عون حكومة من 24 وزيراً اختصاصياً حسب المبادرة الفرنسية، وتتماشى مع مبادرة رئيس البرلمان نبيه بري، وهي بالنسبة إليّ قادرة على وقف الانهيار في البلد".

وتمنى الحريري على الرئيس عون إعطاء جواب يوم غد الخميس "حتى يُبنى على الشيء مقتضاه"، مؤكداً أنّ "الآن هو وقت الحقيقة".

وقال مصدر قيادي مقرّب من الحريري لـ"العربي الجديد"، إنّ الرئيس المكلف اختار تشكيلة وزارية ملائمة من حيث الأسماء والاختصاصات، مشيرًا إلى أن "لا حزبيين فيها، ولا ثلث معطلا لأي فريق سياسي، وموسّعة، ومطابقة لمبادرة الرئيس بري"، كما أكد إجراء الحريري تعديلات عليها تتناسب مع تطلعات الرئيس عون.
وشدد المصدر على أنّ الحريري أمهل عون حتى الغد لإعطاء جوابه على التشكيلة، مؤكدًا أنه سيبدأ مرحلة التنفيذ والنهوض بالبلاد من جديد بعد استعادة الثقة الدولية والعربية، في حال قبل بها الرئيس عون، أما في حال رفضها كما فعل مع سابقاتها، فسيعتذر الحريري، وسيطلّ على اللبنانيين ليكشف لهم كل الوقائع ومراحل التعطيل.
ومن المرتقب أن تترجم نتائج زيارة الحريري لمصر ولقائه الرئيس ميشال عون في المواقف التي سيعلن عنها الحريري تباعاً، ومنها المنتظرة في إطلالته التلفزيونية عبر قناة "الجديد" المحلية مساء الخميس.

من جانبه، أبلغ الرئيس اللبناني ميشال عون رئيس الوزراء المكلف سعد الحريري أن التشكيلة المقترحة بالأسماء الواردة فيها وبالتوزيع الجديد للحقائب، ستكون موضع بحث ودراسة وتشاور "ليُبنى على الشيء مقتضاه".
وقال بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، إن "الرئيس عون تسلّم من الحريري تشكيلة حكومية تتضمن أسماء جديدة وتوزيعاً جديداً للحقائب والطوائف مختلفاً عمّا كان الاتفاق عليه سابقاً". 
واكتفى الرئيس ميشال عون في معرض رده على أسئلة الصحافيين حول لقائه مع الحريري بالقول "إن شالله خير"، وعن المهلة التي أعطاه إياها، قال ممازحاً، "بيؤمر".
وفضَّلت أوساط قصر بعبدا عدم التعليق على قرار الرئيس عون، خصوصاً أنه لم يرفض التشكيلة بشكل فوري كما حصل خلال اللقاءات السابقة التي كان يخرج فيها الحريري معلناً عن نتائج الاجتماع وأجوائه.
وأكدت مصادر لـ"العربي الجديد"، أن "التشكيلة قيد الدراسة، ولا سيما على صعيد الأسماء الجديدة التي أدخلها الحريري (..) سنرى ما إذا كانت تراعي المعايير المطلوبة".

واستبقت لقاءَ "عون – الحريري" جملةُ تطورات خصوصاً على صعيد زيارة الرئيس المكلف لمصر، حيث التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، فيما تردد الكثير من الكلام عن أن الحريري بدّل موقفه الحاسم للاعتذار بعد تمنيات من السيسي له بالاستمرار في مهامه والقيام بخطوة جديدة تجاه الرئيس عون تجلت في التشكيلة الوزارية التي قدّمها إليه اليوم كمحاولةٍ أخيرة من جانبه.
من جانب آخر، شهد القصر الجمهوري في بعبدا حركة زيارات لافتة اليوم كان فيها الملف الحكومي البند الأبرز على طاولة اللقاءات، سواء على صعيد السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتري، أو المدير التنفيذي لصندوق النقد الدولي محمود محيي الدين، أو الموفد الرئاسي الفرنسي باتريك دوريل الذي كان قد التقى أمس رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل والحريري.
وتأتي هذه الجولات استكمالاً للحراك الخارجي المكثف في الأيام القليلة الماضية، بالتزامن مع جدية الحديث عن اعتذار الحريري، الذي دخلت عليه روسيا أيضاً من خلال اتصالات أبرزها من الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الأوسط وأفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف الذي تطرق مع باسيل أمس إلى الملف الحكومي وأهمية الإسراع في تشكيل حكومة.
وعاد الحريري إلى بيروت بعد الظهر قادماً من مصر، حيث التقى الرئيس المصري صباحاً وعرض معه آخر المستجدات السياسية والأوضاع العامة في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين.

وصرّح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن "السيسي أكد دعم مصر الكامل للمسار السياسي للرئيس الحريري الذي يهدف إلى استعادة الاستقرار في لبنان والتعامل مع التحديات الراهنة، فضلاً عن جهود تشكيل الحكومة، مع أهمية تكاتف مساعي الجميع لتسوية أي خلافات في هذا السياق لإخراج لبنان من الحالة التي يعاني منها حالياً بإعلاء مصلحة لبنان الوطنية، بما يساعد على صون مقدرات الشعب اللبناني ووحدة نسيجه الوطني".

من جانبه، أشاد الحريري بجهود مصر الحثيثة والصادقة لحشد الدعم الدولي للبنان على شتى الأصعدة، في ظلّ استمرار التحديات الصعبة التي يواجهها الشعب اللبناني خاصةً على المستويين السياسي والاقتصادي.

من جهته، أكد وزير خارجية مصر سامح شكري دعم بلاده للبنان للخروج من الوضع الحالي، مشيرًا إلى ضرورة تغليب كافة الأطراف اللبنانية للمصلحة العليا للبنان على أي مصالح ضيقة.

وأبلغ الرئيس ميشال عون اليوم الأربعاء موفد الرئيس الفرنسي باتريك دوريل خلال استقباله له في قصر بعبدا الجمهوري، أنّ "الجهود لا تزال قائمة لتشكيل حكومة جديدة تعطي أهمية أولى لتحقيق الإصلاحات ومكافحة الفساد والمضي في التدقيق المالي الجنائي".
وعرض الرئيس اللبناني للموفد الرئاسي الفرنسي الصعوبات والعراقيل الداخلية والخارجية التي واجهت ولادة الحكومة الجديدة، معرباً عن أمله في أن يحملَ لقاؤه مع الرئيس المكلف سعد الحريري اليوم مؤشرات إيجابية ولا سيما أن تسعة أشهر مضت ولبنان من دون حكومة، مكرراً تأييد المبادرة الفرنسية.

وركز السفير دوريل بدوره على أهمية الإسراع في تشكيل حكومة جديدة ومباشرة الإصلاحات التي تنادي بها فرنسا والمجتمع الدولي.

المساهمون