كابوس"الجثث المجهولة" يعود للعراق مع دفن 50 جثة خلال شهر

29 يناير 2021
دفن 50 جثة مجهولة (فرانس برس)
+ الخط -

أثار إعلان دائرة الطب العدلي في بغداد، مساء أمس الخميس، عن دفن 50 جثة مجهولة الهوية خلال الشهر الحالي، مخاوف من عودة كابوس "الجثث المجهولة"، التي شهدتها بغداد خلال سنوات العنف الطائفي بين 2006 و2010، وسط دعوات للحكومة للكشف عن ملابسات عمليات القتل، والجهات التي تقف وراءها.
وقالت دائرة الطب العدلي التابعة لوزارة الصحة، أمس الخميس، إنها دفنت 50 جثة مجهولة الهوية خلال الشهر الحالي، مشيرةً إلى أن غالبية هذه الجثث بدت عليها علامات التفسخ.
ولم يذكر البيان هوية الضحايا أو سبب مقتلهم أو مكان العثور عليهم، لكن بالعودة إلى بيانات متفرقة للشرطة، خاصة في بغداد، فقد شهد هذا الشهر تسجيل عدة حالات عثور على جثث مجهولة في مكبات النفايات والساحات العامة لأشخاص مجهولي الهوية.

وتقضي الإجراءات بإيداع جثة الضحية في ثلاجة والإبقاء عليها عدة أسابيع وفي حال لم يتم التوصل لذويه من أجل تسليمها يصار إلى دفنها من قبل السلطات الصحية في مقبرة بوادي السلام بمدينة النجف، وهو الإجراء المتبع منذ نحو 15 عاماً، لكن الظاهرة التي اختفت عادت مجدداً في ظل مخاوف متصاعدة من تردي الأمن مجدداً، لا سيما قبل الانتخابات.

يأتي ذلك بالتزامن مع إعلان السلطات العراقية عن حملة واسعة في عموم مدن العراق لنشر كاميرات المراقبة ضمن خططها الأمنية الجديدة.
وعبر عضو البرلمان السابق صادق المحنا عن أسفه لعودة ظاهرة الجثث المجهولة، معتبراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن ذلك ينذر بخطر جديد، ويشير إلى أن الوضع الأمني هش وغير مستقر. 
وشدد على ضرورة إطلاع الشعب العراقي على ملابسات هذه القضية التي شكلت صدمة للكثيرين، لافتاً إلى أن عودة الجثث المجهولة إلى الشوارع تعني عدم الاستقرار الأمني. 
وانتقد المحنا الإعلان عن دفن جثث مجهولة دون الكشف عن أي معلومات أخرى، متسائلاً: هل وجدت الجثث في الشوارع؟ أم في السجون؟ أم أين وجدت؟
وأكد أن "الناس يجب أن يعلموا أسباب وجود هذه الجثث"، مشيراً إلى عدم وجود أي توضيح من وزارتي الداخلية والصحة، ولا حتى من محافظة النجف التي دفنت الجثث فيها. 
ولفت إلى أن عدد الجثث المجهولة التي دفنت غير قليل، موضحاً أن "ما حدث يمثل جرس إنذار بعودة ظاهرة الجثث المجهولة ويشير إلى هشاشة الوضع الأمني". 

كما اعتبر رئيس حزب "الخيار العربي" عبد الكريم عبطان أن هذا الموضوع يعد من أخطر القضايا في المرحلة الحالية، لأنه يذهب بنا لإثارة شكوك بشأن المغيبين والمختطفين، مشيراً إلى وجود جريمة منظمة يتم من خلالها قتل الناس وتسجيلهم على أنهم مجهولو الهوية. 
وبين أن الحكومة مطالبة بالتحقيق في ذلك من أجل معرفة هوية هذه الجثث، داعياً السلطات إلى التحري والبحث، لأن هذا الموضوع من القضايا الخطيرة التي إذا تكررت فإنها قد تؤدي بالعراق إلى مسائل يعاقب عليها القانون الدولي. 

وشدد على ضرورة الإفصاح عن هوية المنفذين، مؤكداً أنه "يجب إعلان التفاصيل عن الأشخاص المقتولين، أين قتلوا؟ وهل قتلوا في وقت واحد؟ ولماذا قتلوا؟ وكيف قتلوا، باغتيال أم ماذا؟ ولماذا عدد الجثث 50 جثة؟". وأشار إلى احتمال وقوف عصابات الجريمة المنظمة، أو خارجين على القانون، وراء ذلك، موضحاً أنه من غير المقبول أن تدفن الجثث وتسجل القضية ضد مجهول، وكأن الإنسان في العراق ليس له قيمة. 
ودعا إلى وضع حد لمثل هذه الحالات، وبخلافه ستستمر عمليات الخطف والقتل والجثث مجهولة الهوية، محذراً من تصاعد الاغتيالات والجثث مجهولة الهوية كلما اقترب موعد الانتخابات. 

وغالباً ما تتجنب الحكومات العراقية المتعاقبة الحديث عن هوية الضحايا وعن الجهات التي تقف وراء جرائم القتل الجماعي، إلا أن سياسيين سبق أن وجهوا اتهامات لمليشيات بتنفيذ عمليات قتل بحق مدنيين تم اختطافهم. وتركزت عمليات الخطف التي قامت بها المليشيات في مناطق مختلفة من الأنبار وصلاح الدين وبابل وبغداد ونينوى وديالى وكركوك وحزام بغداد، خلال الأعوام 2015 و2016 و2017.

دلالات
المساهمون