كأس العالم السوري

20 نوفمبر 2022
يحتاج السوريون لفسحة من المتعة تنسيهم ظروف الحرب (أليكان أوجاك/الأناضول)
+ الخط -

تتجه أنظار العالم اليوم إلى قطر لمتابعة انطلاق الحدث الأكبر والأكثر شعبية على مستوى الكوكب، بطولة كأس العالم بكرة القدم للرجال، التي تشكل بنسختها الحالية حدثاً استثنائياً غير مسبوق للعرب ولمنطقة الشرق الأوسط، كونها المرة الأولى التي تُنظم فيها النهائيات ضمن دولة عربية أو شرق أوسطية.

الجماهير السورية وبشكل خاص سكان الشمال السوري، وسكان المخيمات تحديداً، تفاعلت مع الحدث العالمي بشكل غير مسبوق، فعدا عن تحضيرات متابعي البطولة من سكان الشمال السوري بتأمين أماكن واسعة واشتراكات في القنوات الناقلة، لمتابعة مجريات البطولة، قام رسامون برسم لوحة غرافيتي على أحد الأبنية المهدمة تجسد كأس العالم في قطر، وتحتفي بها، كما تظهر الرسمة كرم الضيافة القطرية، ونجاحها في تنظيم المونديال.

كما قام أحد الموسيقيين بتأدية الأغنية الرسمية لكأس العالم مع أطفال المخيمات، الذين ظهروا وهم يتلقون كرة ممزقة خاطتها لهم عجوز داخل مخيم، وبدأوا يمارسون لعب كرة القدم وهم يؤدون الأغنية، في فيديو حصد ملايين المشاهدات. كذلك ستشهد مناطق شمال غرب سورية بالتزامن مع المونديال، بطولة مصغرة سيلعب مبارياتها أطفال يمثلون الفرق المشاركة بكأس العالم، هذا عدا عن افتتاح صالة كبيرة في مدينة الدانا عبارة عن ملعب بشاشة ضخمة لمتابعة مجريات كأس العالم، إضافة إلى افتتاح الملعب البلدي في إدلب بالتزامن مع انطلاق الحدث العالمي.

قد يكون أحد أسباب هذا الاهتمام بكأس العالم والتفاعل الكبير معه، تصدير قضية السوريين والتذكير بوضعهم المأساوي من خلال حدث مهم مثل كأس العالم، وتسليط الضوء على معاناتهم، سواء في المدن المكتظة بمئات آلاف النازحين والمهجرين مع انعدام أدنى مقومات الحياة، أو حياة مئات آلاف آخرين الذين يعيشون في خيم مهترئة، بدون وجود أي بارقة أمل لحل قضيتهم.

لكن السبب الأبرز لهذا الزخم من الاهتمام بالمونديال هو حاجة السوريين لهذه الفسحة من المتعة والتشويق والتفاعل، قد تنسيهم بعض ما يمرون به. كما أن عيش تفاصيل المونديال ومنافساته تعيدهم ولو لفترة إلى الحياة الطبيعية التي يأملون الانتقال إليها بعيداً عن أجواء الحرب والتهجير التي يشنها عليهم النظام وحلفاؤه. وتخلق بينهم نوعاً آخر من المنافسة التي اعتادوا عليها خلال السنوات الماضية، لتجعلهم يعيشون منافسات وصراعات إنسانية، رياضية، لاعنفية، صراعات مشحونة بالمشاعر الإيجابية، تعيدهم إلى مدنيتهم التي يحبونها بعيداً عن صراعات السلطة والنفوذ بين الفصائل المسلحة التي تحكمهم.

المساهمون