تنعقد، اليوم الخميس، قمة استثنائية لدول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، التي من المقرر أن يناقش فيها رؤساء دول وحكومات الاتحاد الكثير من الملفات المثيرة للجدل.
ومن بين ملفات قمة بروكسل، علاقة الاتحاد مع الصين وروسيا، إثر تسميم المعارض الروسي أليكسي نافالني، والتصعيد العسكري بين أذربيجان وأرمينيا في منطقة القوقاز، وأزمة السلطة في بيلاروسيا، علاوة على العلاقة مع تركيا، في ضوء الصراع على الغاز الطبيعي شرقيّ المتوسط.
كذلك ستناقش القمة عدداً من القضايا الداخلية التي تؤرق التكتل، بما في ذلك تعزيز السوق الداخلية للاتحاد التي ضعفت بسبب أزمة كورونا وموضوع بريكست، وربط مدفوعات الاتحاد الأوروبي بامتثال الدول لسيادة القانون والديمقراطية.
ويبقى الأبرز في هذه القمة، التي تستمر ليومين، بالنسبة إلى ألمانيا، الرئيس الدوري للمجلس الأوروبي، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، تصرف دول الاتحاد الأوروبي بأسلوب موحد وحازم بشأن قضايا السياسة الخارجية الرئيسة.
وكان الاتحاد الأوروبي قد وافق، من حيث المبدأ، على فرض عقوبات على نحو 40 شخصية من أنصار الرئيس البيلاروسي لوكاشينكو.
وترغب قبرص، في الوقت نفسه، في فرض إجراءات عقابية جديدة على أنقرة، على خلفية تنقيب الأخيرة على الغاز الطبيعي في حقول شرقيّ البحر المتوسط، وهذا ما تعتبره نيقوسيا وأثينا غير قانوني، الأمر الذي حدا الاتحاد إلى توجيه إنذار إلى تركيا نهاية أغسطس/ آب الماضي، وهدد بفرض عقوبات عليها.
وقال منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي حينها، جوسيب بوريل، وفق كالة الأنباء الألمانية، أنه إذا لم يكن هناك تقدم في المحادثات لتسوية الصراع، فإن من الممكن مناقشة قائمة من الإجراءات العقابية الإضافية في القمة الخاصة.
ورغم أنه برزت بودار انفراج، إلا أن الأمر غير كافٍ، والجميع في حال من الترقب لما سيصدر عن القمة بهذا الخصوص، إذ من المفترض إعادة التشديد أولاً على التضامن مع اليونان وقبرص الأوروبيتين.
وهنا، يشير المحلل السياسي كاي كستنر، إلى أن من الواضح أن الحكومة الألمانية مستعدة أيضاً لمنح الدبلوماسية فرصة في نزاع الغاز وعدم تعطيل إشارات التقارب بين اليونان وتركيا بالعقوبات، خاصة أن الأمر يتمثل أيضاً بأنه لا يجري التعامل فقط مع شريك في الناتو، بل أيضاً مع دولة تؤدي دوراً في مقاربة أزمة اللاجئين، وهنا تبرز الخشية لدى المراقبين من أن تهدد تركيا بإنهاء اتفاقية اللاجئين مع الاتحاد من أجل تنفيذ مطالبها.
وأبرزت صحيفة "دي فيلت" الألمانية، اليوم الخميس، أن تركيا تعوّل على ألمانيا، مشيرة إلى أن أردوغان يعتمد على ميركل، رغم أن العلاقة مرّت في مرحلة سابقة بحالة توتر شديد بسبب الهجرة واعتقال المراسل دنيز يوجل.
ووفق ما ذكرت الصحيفة، فإن وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، قال أخيراً للصحافيين الألمان في أنقرة، إن العلاقة مع ألمانيا أصبحت أفضل بكثير مقارنة بالسنوات الماضية، والمستشارة الألمانية ملتزمة، بشدة، حلّ المشاكل التركية مع الاتحاد الأوروبي، مشيراً إلى أن تركيا أبدت ليونة من أجل دعم الجهود الألمانية، لكن إبرام اليونانيين اتفاقية حدود بحرية مع مصر أشعلت النزاع مجدداً.
وكانت ميركل قد وصفت أخيراً العلاقة مع تركيا بأنها "متعددة الطبقات"، وعلى المرء أن يعيد توازنها مراراً وتكراراً.
إلى ذلك، نقلت الصحيفة عن مستشار السياسة الخارجية للرئيس أردوغان، إبراهيم كالن، قوله إن استمرار استهداف الفرنسيين لتركيا مرده في الواقع أسباب داخلية، لافتاً إلى القلق الفرنسي إزاء التأثير المتزايد للجمعيات التركية على العديد من الجاليات المسلمة في فرنسا.
وتقول "دي فيلت" إن ألمانيا تنتهز الفرصة لاتباع سياسة موجهة دائماً نحو التسوية والمفاوضات، ومن منطلق أن إيماءات التهديد العسكري لماكرون لا علاقة لبرلين بها.
من جهتها، قالت المتحدثة باسم السياسة الأوروبية لحزب الخضر في البوندستاغ، فرانسيسكا براندنر، في مقابلة مع شبكة "إيه اردي" الإخبارية إن قبرص، الدولة الصغيرة في الاتحاد الأوروبي، ربطت بين قضيتين في السياسة الخارجية، في إشارة منها إلى العقوبات على شخصيات بيلاروسية مقابل العقوبات على تركيا، مشيرة إلى أن ذلك أمر مضرّ بأوروبا.