واصلت القوات التركية قصف مواقع تنتشر فيها مليشيات قوات سورية الديمقراطية (قسد) في الشمال السوري، فيما دارت اشتباكات بين فصائل المعارضة وقوات النظام السوري، وذلك عقب غارات روسية على مناطق انتشار المعارضة شمال غربي البلاد. وتزامن ذلك مع تواصل الفوضى الأمنية في مناطق انتشار فصائل "الجيش الوطني" شمالي سورية، وفي الجنوب الواقع تحت سيطرة قوات النظام.
وذكر مراسل "العربي الجديد" أن القوات التركية وفصائل "الجيش الوطني" قصفت، فجر الأحد، مناطق انتشار قوات "قسد" وقوات النظام في عدة قرى بريف حلب الشمالي، مثل الإرشادية وأناب و كشتعار وصوغانكه وأبين بناحية شيراوا. كما طاول القصف جبهة أبو راسين وقبر الكبير شرق راس العين.
من جهة أخرى، شهد محور معبر أبو الزندين بريف الباب، شرقي محافظة حلب، اشتباكات فجر اليوم بالأسلحة الرشاشة الثقيلة والمتوسطة وقذائف الهاون، بين قوات النظام السوري وفصائل "الجيش الوطني"، دون ورود معلومات عن وقوع خسائر بشرية.
كما تعرضت أطراف بلدتي مجدليا ومعربليت في منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب لقصف مدفعي من جانب قوات النظام السوري.
ويأتي ذلك بعد أن شنّت طائرات حربية روسيّة، ليل السبت - الأحد، غارات بالصواريخ على منطقة جبل الأكراد شمالي اللاذقية، استهدفت محيط بلدتي برزة والكندة، واقتصرت الأضرار على المادية. وذكر الدفاع المدني السوري أن فرقه تفقدت المناطق التي تعرّضت للقصف، وتأكدت من عدم وجود إصابات.
وشنت الطائرات الروسية، أمس السبت، أكثر من ثماني غارات استهدفت مناطق متفرقة في شمال غربي سورية، منها مدن أعزاز وعفرين ودارة عزة بريف حلب، وجبل الزاوية والدانا وأطمة بريف إدلب.
اقتتال فصائل "الجيش الوطني"
من جهة أخرى، حاصر فصيل "الجبهة الشامية" التابع لـ"الجيش الوطني" فجر الأحد عدة مقرات تابعة لفصيل فيلق الشام المقرّب من تركيا، في مناطق سيطرة الجيش ضمن مدينة تادف، بريف حلب الشرقي.
وقال الناشط محمد الشمالي لـ"العربي الجديد" إن ذلك جاء على خلفية اتهام "فيلق الشام" بإدخال مواطنين قادمين من مناطق سيطرة النظام إلى المناطق الخاضعة لسيطرة "الجيش الوطني"، مشيراً إلى أن فصيل أحرار الشرقية، العامل أيضاً ضمن "الجيش الوطني"، أرسل تعزيزات عسكرية إلى المنطقة لتفادي الاقتتال بين الفصيلين.
وقتل شاب وأصيب آخر، الأحد، جراء اشتباكات بين عناصر في "الجيش الوطني" في مدينة عفرين شمال غربي حلب. وينحدر الضحية من الغوطة الشرقية، ولديه خمسة أطفال، وهو المعيل الوحيد لعائلته، إضافة إلى إعالته لطفلي أخيه المتوفى، كما أصيب مسنّ جراء الاشتباكات.
وتتكرر الاشتباكات بين فصائل عاملة تحت راية "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا في ريفي حلب الشمالي والشرقي ومدينتي رأس العين وتل أبيض شمالي سورية، ما يوقع ضحايا مدنيين وخسائر في الممتلكات، حيث يشير ناشطون إلى أن معظم الخلافات، وحتى الصغيرة منها، سرعان ما تتطور إلى استخدام السلاح، رغم إصدار "الحكومة المؤقتة"، المظلة السياسية لـ"الجيش الوطني"، وفصائل منضوية تحت رايته، عدة قرارات لمنع حمل السلاح في المدن، وحمله فقط على خطوط التماس.
تعزيزات عسكرية للمليشيات الإيرانية في دير الزور
وفي الشرق، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن المليشيات التابعة لإيران استقدمت، خلال الساعات الماضية، قافلة تضم عشرات الشاحنات من الأراضي العراقية إلى مناطق نفوذها في غرب الفرات.
وأوضح المرصد أن عدد الشاحنات بلغ نحو 34 مغطاة بالكامل، وتوجهت نحو مطار دير الزور العسكري وأماكن أخرى في منطقة المزارع بريف الميادين، شرقي دير الزور.
وتضم الشاحنات أسلحة وذخائر، بينها صواريخ متوسطة المدى إيرانية الصنع، بالإضافة إلى معدات لوجستية أيضاً، وفق المرصد، الذي أضاف أن ذلك يأتي في ظل تصاعد النشاط الإيراني ضمن الأراضي السورية، مستغلاً انشغال الروس بالحرب في أوكرانيا.
من جهة أخرى، قُتل شابان من رعاة الأغنام وسُرقت أغنامهما على أيدي مجهولين في منطقة دبسي عفنان غربي الرقة، وسط ترجيحات بضلوع المليشيات الإيرانية بهذه الجريمة.
وذكرت مصادر محلية لـ"العربي الجديد" أنه عثر على جثتي الشابين، يبلغان من العمر 20 و25 عاماً، دون العثور على مواشيهما، وسط اتهامات من الأهالي لمليشيا "حزب الله" العراقي بالوقوف وراء مقتلهما.
وأضافت المصادر أن الشابين قتلا بإطلاق نار في منطقة الرأس والصدر، لتقوم لاحقاً قوات النظام بنقلهما إلى مستشفى مسكنة الوطني.
وهذه ليست المرة الأولى التي تَقتل فيها المليشيات الإيرانية مدنيين مِن رعاة الأغنام في مناطق سيطرتها بالبادية السورية، وفق ما يؤكد ناشطون وتقارير إعلامية.
إلى ذلك، قتل عنصر من قوات "قسد" الليلة الماضية جراء انفجار عبوة ناسفة في سيارة عسكرية بريف الحسكة شمال شرقي سورية.
وذكر موقع "نهر ميديا" المحلي أن عبوة ناسفة انفجرت في سيارة عنصر من مليشيا تسمى "الصناديد"، تابعة لقوات "قسد" بالقرب من طريق المشحنية بريف للسعربية، شمالي الحسكة.
من جهة أخرى، ذكرت وكالة "سانا" التابعة للنظام السوري أن عملية "التسوية" تتواصل في صالة العامل بمدينة دير الزور، والتي زعمت أنه استفاد منها "آلاف المطلوبين الذين لم تتلطخ أيديهم بالدماء".
وفي الجنوب، أطلق مجهولون النار على شخصين في مدينة الصنمين شمالي درعا، ما أدى إلى إصابة أحدهما بجروح نقل على إثرها إلى المستشفى.
وذكر "تجمع أحرار حوران" أن الحادثة جرت في محل تجاري، وأن المصاب مدني يعمل في المحل التجاري، بينما الآخر كان عنصراً في فصائل "الجيش الحر" قبيل تسوية 2018.
النظام يتهم واشنطن بالتخطيط لإقامة فيدرالية شرقي سورية
إلى ذلك، اتهمت وسائل إعلام تابعة للنظام السوري الولايات المتحدة بـ"العمل على مشروع لإيجاد كيان فيدرالي" يمتد من شرق الفرات إلى إدلب وعفرين، بهدف مد أنابيب النفط والغاز من شمالي العراق إلى أوروبا.
ونقلت صحيفة "الوطن"، المقربة من النظام السوري، عن سياسي كردي لم تسمّه، يقيم بمدينة الحسكة، قوله: "إن المشروع أصبح شبه جاهز، وإذا توصلوا إلى تفاهم مع الأتراك، فهذا الأمر سيؤدي إلى خلق منطقة فيدرالية في شرق الفرات حتى إدلب وعفرين تكون تحت السيطرة الأميركية، وتقوم على ربط مناطق سيطرة المعارضة مع بعضها بعضاً، ومن ضمنها مناطق سيطرة "قسد"، وهو يتطلب تحقيق مصالحة بين "قسد" والأتراك".
وأضاف السياسي الكردي، بحسب الصحيفة، أن المشروع تشرف عليه أميركا وتركيا "ليكون بديلاً عن الغاز الروسي".