قراءات إسرائيلية لخطاب نتنياهو: أقوال بلا أفعال وتغييب حقائق

25 يوليو 2024
نتنياهو يلقي كلمة في الكونغرس، 24 يوليو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- **نجاحات نتنياهو في الكونغرس**: يُعتبر بنيامين نتنياهو من أفضل الإسرائيليين في مخاطبة الأميركيين، حيث حقق إنجازات سياسية داخلية وارتفاعاً في استطلاعات الرأي بفضل خطاباته في الكونغرس.

- **انتقادات الصحافيين والمعلقين**: رغم الإشادة بأداء نتنياهو، أشار معارضوه إلى أن خطابه افتقر إلى معالجة قضايا هامة مثل إخلاء الشمال والمسيّرة في تل أبيب، مما جعله يبدو كاستعراض سياسي.

- **ردود الفعل المتباينة**: الجمهوريون أبدوا حماسة لخطاب نتنياهو، بينما كان الديمقراطيون في حيرة. في تل أبيب، تجمهر المحتجون معبرين عن عدم ثقتهم في نتنياهو، مما يعكس فجوة بين الأقوال والأفعال.

"يديعوت أحرونوت": نتنياهو لم يذكر كلمة صفقة

نتنياهو كرر العبارات "المبتذلة" عن النصر وتناسى الخسائر

"ميدان المختطفين" في تل أبيب وضع كلمة نتنياهو على شاشة وكتم الصوت

يجمع الكثير من الكتّاب والمعلّقين الإسرائيليين على أنّ رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد يكون أفضل الإسرائيليين في مخاطبة الأميركيين بلغتهم، وأن خطاباته في الكونغرس الأميركي تمثل أفضل نجاحاته، ويتعامل معها على أنها احتفال بالنسبة له، كما أنها تحقق إنجازات سياسية على المستوى الداخلي الإسرائيلي، وارتفاعاً في استطلاعات الرأي. ولاقى خطاب نتنياهو أمام الكونغرس، أمس الأربعاء، إشادة كبيرة من قبل جمهوره الإسرائيلي وشركائه في الائتلاف الحاكم، الذين رأوا أنه مثّل إسرائيل بأفضل صورة، كما لم يخف الكثير من معارضيه أو المعلقين الذين وجدوا ثغرات في خطابه أو لم تعجبهم بعض رسائله التي حضرت أو غُيّبت، انبهارهم بأدائه، لكنهم أشاروا إلى أقوال بلا أفعال، وخطاب لا يعكس حقيقة الحالة الإسرائيلية.

ويتفق الكاتب والصحافي نداف إيال في صحيفة يديعوت أحرونوت، مع كتّاب ومعلقين إسرائيليين آخرين أنّ الخطاب كان سلساً وتم اختيار كلماته بعناية، "لكن كان أيضاً ينقصه شيء ما، وهو أمر لن يفكر فيه الأميركيون في حين يفهمه الإسرائيليون مباشرة، وهو الثقل الذي الذي يجب أن يشعر به قائد قد فشل"، في إشارة إلى الإخفاق الإسرائيلي الكبير في عملية طوفان الأقصى التي نفّذتها حركة حماس في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وأوضح الكاتب أنّ "إسرائيل-نتنياهو كانت قوية وبطلة ولا يمكن هزمها، ولا تحمي نفسها فقط وإنما تدافع أيضاً عن الولايات المتحدة. كما أنها لم تفشل في شيء، ولكن في أحسن الأحوال قد فوجئت". ولم يذكر نتنياهو كلمة "صفقة" في إطار الحديث عن المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة لأن "الإمبراطوريات لا تحتاج إلى صفقات". وتساءل الكاتب: "أين هذا الخطاب من الشمال الذي تم إخلاؤه؟ أو المسيّرة التي انفجرت في تل أبيب؟ أو عائلات المختطفين الذين يتم اعتقالهم بالقوة خلال التظاهرات في الشوارع؟".

وأشار إلى أن قرابة نصف النواب الديمقراطيين تغيّبوا وأن من حضروا منهم كانوا في حيرة شديدة من أمرهم، وحسبوا تحركاتهم ورود فعلهم داخل القاعة، ومتى يصفّقون ويقفون ومتى لا، بخلاف الجمهوريين المتحمّسين. ونقل الكاتب عن المؤرخ يوناتان حين، من كيبوتس نير عوز، أحد مستوطنات "غلاف غزة" المستهدفة في هجوم السابع من أكتوبر، ووالد أحد المحتجزين في غزة، قوله "كان خطاب نتنياهو استعراضاً سياسياً سيئاً. كان هدفه كله تعزيز مكانته في الائتلاف (الحاكم) في إسرائيل. الخطاب لم يفعل شيئاً لتحسين الأمن القومي الإسرائيلي، أو مكانة إسرائيل في الرأي العام العالمي. الخطاب لم يفعل شيئاً لتقريب إعادة مختطفينا. كإسرائيلي، كانت مشاهدة الخطاب بالنسبة لي محرجة ومؤلمة".

نتنياهو يكرر عبارات مبتذلة عن النصر

وفي نفس الصحيفة كتب المعلّق والكاتب الإسرائيلي بنيامين دروري، أنّ "نتنياهو قوي في الأقوال وضعيف في الأفعال". وأوضح أنه "من الجميل أن يتحدث نتنياهو عن إيران أمام ممثلي الكونغرس الأميركي، ولكن عندما تقدّم له الولايات المتحدة على طبق من ذهب إمكانية لائتلاف إقليمي، أميركي - عربي -إسرائيلي، فإنه يحبط ذلك بالأفعال". وأضاف أنه "طالما بقي الائتلاف الحكومي مع اليمين المتطرف أهم بالنسبة لنتنياهو من الدولة، فإن كل الكلمات الرائعة التي يقولها تبقى كلمات فارغة من مضمونها". وأضاف الكاتب أنه "على الرغم من أجواء الخطاب الاحتفالية، فإنّ إسرائيل تواصل الانحدار، والشخص والرجل الذي ألقى الخطاب (أي نتنياهو) يتحمّل المسؤولية".

واعتبر دروري أنّ الفجوة "كبيرة" بين الأقوال والعمل بعكسها، مشيراً إلى تكرار نتنياهو العبارات "المبتذلة" عن النصر. "سينتصر وسيهزم (حماس) وسيعيد (المحتجزين). ولم ينس العبارة المبتذلة على الإطلاق، وهي النصر المطلق". وتساءل: "كيف يمكن التحدّث عن النصر وكل يوم يمر هو يوم خسارة آخر لإسرائيل؟ الشركات والمصالح التجارية تنهار. هناك نقص في الجنود. وجنود الاحتياط منهكون. عشرات الآلاف من اللاجئين في بلادهم. الأميركيون لا يزودوننا بالأسلحة. إذن ما الذي يتحدث عنه بحق الجحيم؟"، وأضاف: "ماذا عن الرؤية المستقبلية؟ وكم من الوقت بقي للحديث عن اليوم التالي؟ وكيف يمكن الخروج من حرب الاستنزاف؟ وكيف يمكن التقدّم إلى ما بعد الكلمات الفارغة التي سمعناها نحو إعادة المختطفين؟".

وفي موقع القناة 12 العبرية، كتبت الصحافية دافنا ليئيل، أنّ نتنياهو تحدّث عن مصالح مشتركة مع واشنطن، وأنّ إسرائيل هي قوة عالمية وتقوم بالعمل نيابة عن الولايات المتحدة، وذلك لإدراك نتنياهو أنه قد يجد نفسه أمام إدارة أميركية جمهورية في الفترة القريبة، وعليه يتحدّث عن الشراكة في المصالح والنصر، لكن الكاتبة اعتبرت أن نتنياهو يغامر في ذلك.

أما الصحافي في ذات القناة يارون أفراهام، فرأى أنّ "الخطاب كان ممتازاً مع الكثير من الحماسة لدى الحضور، ولكن لم تخرج منه عناوين مثيرة باستثناء توجهه إلى بايدن بأن زوّدنا بالسلاح سريعاً لكي ننهي العمل سريعاً"، معتبراً أنّ "نتنياهو بالمحصّلة مرّر معظم الرسائل، إذ تطرّق أيضاً لموضوع المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وما يمثله ذلك من إساءة أيضاً للولايات المتحدة، بالإضافة إلى حديثه عن إيران وأن إسرائيل تخوض حرب الولايات المتحدة".

"ميدان المختطفين" غيّب صوت نتنياهو

من جهتها، أفادت صحيفة هآرتس العبرية، بأنّ من تجمهروا في "ميدان المختطفين" في تل أبيب، شاهدوا خطاب نتنياهو بعد أن كتموا الصوت، وأن شخصاً هناك لم يصفق له، وفضّلوا أن يسمعوا بعضهم البعض. وأشارت الصحيفة إلى عرض خطاب نتنياهو على شاشة ضخمة، دون أن يكترث معظم المتواجدين هناك لسماع ما يقوله رئيس الحكومة، لأنهم لم يأملوا شيئاً من أقواله، سواء أعلن في خطابه عن صفقة أم لا، وفضّلوا الاستماع إلى بعضهم وأن يكونوا معاً لمواصلة احتجاجاتهم. وبكلمات أخرى، يمكن قراءة ما كتبته الصحيفة، بأن من تواجدوا في الميدان في تل أبيب، لا يصدّقون نتنياهو ولا يثقون به حتى لو قال من داخل الكونغرس الأميركي إنّ هناك صفقة.