حولت خمسة صواريخ إسرائيلية، صباح الأربعاء، برج "هنادي"، أحد أكبر أبراج قطاع غزة، إلى كومة ركام، بعدما كان سكانه وجيرانه يعتقدون أن التهديد الإسرائيلي بقصف البرج إشاعة، لكنهم تأكدوا مع تساقط الصواريخ أن الأمر جدي وأن البرج الذي يضم أحلامهم تحول لكومة من الرماد وأن عليهم الآن البحث عن بديل.
وبددت هذه الصواريخ ذكريات وتفاصيل عاشتها الكثير من الأسر وأصحاب المكاتب والشركات التي تعمل بداخله منذ سنوات، إذ نسفت هذه القذائف الأحلام وحولتها لمجرد ذكرى ستبقى حاضرة في عقول السكان ورواد البرج الذي يضم عشرات الشقق السكنية والمكاتب العامة.
ولم يكن برج "هنادي" هو البرج الوحيد الذي طاوله القصف الإسرائيلي، إذ استهدف الاحتلال الإسرائيلي بغارات مركزة لأكثر من 7 مرات برج الجوهرة وسط مدينة غزة، الذي يضم مكاتب إعلامية وصحافية وشركات وبعض الشقق السكنية وأصابه بأضرار بليغة للغاية.
وصباح الأربعاء، واصل الاحتلال قصفه للأبراج والتجمعات السكنية، إذ أغار بعدد من الصواريخ على برج السوسي الواقع قرب مقر وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" وأصابه بأضرار جسيمة أخرى وشرد عشرات العوائل التي تقطنه إلى الشوارع.
وتشابه خروج السكان السريع من الأبراج السكنية وسرعة إخلائها مع ذات المشاهد التي كانت قائمة في الحرب الأخيرة على غزة عام 2014، حينما دمر الاحتلال عدداً من الأبراج وحولها أثراً بعد عين وتشردت مئات الأسر إلى المدارس والشوارع والمساجد.
ولم يتوقف الأمر عند حد استهداف الأبراج السكنية، إذ عمد الاحتلال إلى قصف بعض الشقق بشكل منفرد في مختلف مناطق القطاع ودون أي سابق إنذار، ما تسبب في وقوع عدد من الشهداء في صفوف المدنيين وإصابة العشرات بجراح متفاوتة.
وبموازاة ذلك، فقد استهدف الاحتلال عدداً من المنشآت الحكومية بما في ذلك بعض المناطق القريبة من المستشفيات والعيادات التابعة لوزارة الصحة، فضلاً عن استهداف مقر مدينة عرفات التابعة للأجهزة الأمنية والشرطية التي تديرها حركة حماس بغزة.
ورغم مشاهد الدمار الواسع والعدوان المخيف الذي يستهدف الفلسطينيين في غزة، إلا أنهم يحتفون بطريقة غير مسبوقة بصواريخ المقاومة التي ضربت العمق الإسرائيلي على مدار اليومين الماضيين تفاعلاً مع الأحداث الحاصلة في القدس والمسجد الأقصى، في ظل النقلة النوعية في قدرات المقاومة والتي أبهرت الفلسطينيين وأربكت حسابات الإسرائيليين.
وبدأت المقاومة الفلسطينية ردها الصاروخي على استمرار الاعتداءات بحق المصلين في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، بقصف مدينة القدس المحتلة ثم قصفت برشقات صاروخية مركزة تل أبيب وبئر السبع وعسقلان ومنطقة غلاف غزة بكميات ونوعية صواريخ متطورة.
وأحدثت الصور المنبعثة من وسائل الإعلام العربية والإسرائيلية والدولية للأضرار التي تسببت بها صواريخ المقاومة للمدن المحتلة تفاعلاً واسعاً، مع الرشقات الصاروخية التي أطلقتها كل من كتائب القسام وسرايا القدس بأعداد لا تقل عن 100 صاروخ في الرشقة الواحدة.
وشهدت الجولة الحالية إدخال المقاومة الفلسطينية لأنواع جديدة من الصواريخ حيز الاستخدام كانت قد كشفت عنها في السابق، إذ استخدمت كتائب القسام صواريخ "عطار" نسبة إلى أحد قادتها السابقين رائد العطار، وصاروخ "شمالة 85" نسبة إلى القائد البارز فيها سابقاً محمد أبو شمالة.
ومع انطلاق الرشقات الصاروخية كان الفلسطينيون يوثقون صعود الصواريخ في السماء لا سيما في ساعات المساء، ويتداولونها عبر صفحاتهم وحساباتهم المتنوعة في مواقع التواصل الاجتماعي، مع نشر عبارات تشيد بالتطور الحاصل في قدرات المقاومة.
وبحسب آخر الإحصائيات الصادرة عن وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن إجمالي عدد الشهداء والجرحى بفعل العدوان الإسرائيلي على القطاع بلغ 43 شهيداً من بينهم 13 طفلاً و3سيدات و296 إصابة بجراح مختلفة منذ يوم الإثنين الماضي.