رسم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، صورة قاتمة للوضع الإنساني في اليمن، محذرا من عواقب كارثية بسبب نقص تمويل صندوق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية وباقي المنظمات الإنسانية.
وقال غريفيث، خلال إحاطة له الثلاثاء أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك ضمن الاجتماع الشهري حول الأوضاع في اليمن: "لا يبدو أن الأزمة في اليمن، والتي تهدد ملايين الأرواح، ستزول قريبا"، واصفاً التصعيد الذي شهده اليمن في الأسابيع الأخيرة بـ"الخطير"، قبل أن يكشف أنه "منذ بداية يناير/كانون الثاني قتل وجرح أكثر من 650 يمنيا... وهذا الرقم الأعلى منذ ثلاث سنوات".
وأوضح أن خطة الاستجابة الإنسانية للعام 2021 شملت قرابة مائتي منظمة إنسانية قدمت الخدمات المختلفة لحوالي 11 مليون يمني وبشكل شهري، مشيراً إلى القيود التي يتعرض لها عمال الإغاثة في اليمن، بما فيها تلك البيروقراطية المتعلقة بتيسير حركة التنقل وتأشيرات الدخول.
وتوقف غريفيث في إحاطته عند التحدي في نقص التمويل الذي تواجهه المنظمات الإنسانية وصندوق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية، قائلا: "قد نضطر إلى تقليص المساعدات الإنسانية قريبا حيث بدأ تمويل الوكالات الإغاثية بالنفاد، مما يجبرها على وقف الكثير من البرامج المنقذة للأرواح".
وذكر أنه "مع نهاية يناير/كانون الثاني، قلص أو أغلق ثلثا برامج الإغاثة. وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، قلص برنامج الأغذية العالمي حصص الإعاشة لثمانية ملايين شخص. وبدءا من الشهر المقبل قد لا يحصل هؤلاء الناس على أي غذاء إطلاقا".
وتابع قائلا: "وفي مارس/آذار، قد نضطر إلى إلغاء معظم الرحلات الإنسانية الأممية في اليمن، مما يزيد من الأعباء على العمليات الإغاثية، ويحول دون قدرة الموظفين على الحركة. كما أن توقف خدمات المياه يمكن أن يحرم 3.6 ملايين يمني من مياه الشرب، مما يعرض حياة الأطفال دون الخامسة للخطر".
وأكد غريفيث أنه على الرغم من التحذير من النقص في التمويل بالماضي، لكن النقص الحالي غير مسبوق، وقال: "لم نكن نعتقد إطلاقا أننا سنحرم ملايين الناس الجياع من الغذاء، وأننا سنوقف رحلاتنا الجوية من أجل نقل العمال الإغاثيين والإمدادات إلى اليمن. إن لم يتم سد هذه الثغرة (في التمويل) سيمثل ذلك حكم إعدام على الناس الذين لم يعد بإمكانهم البقاء على قيد الحياة ويعتمدون على مساعداتنا".
قلق من التصعيد العسكري المستمر
بدوره، أعرب المبعوث الأممي الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، عن قلقه إزاء التطورات والتصعيد العسكري المستمر في اليمن، موضحا أن التصعيد في الأشهر الأخيرة سلط الضوء مجددا على البعد الإقليمي للنزاع في اليمن.
وتحدث غروندربرغ عن إطلاق عملية سياسية جديدة يعمل عليها، مندداً بهجمات جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) ضد السعودية والإمارات في الأشهر الأخيرة، وكذا "أي هجوم عشوائي على المدنيين والبنية التحتية داخل وخارج اليمن وراح ضحيته المدنيون"، كاشفا في الآن نفسه عن ظهور جبهات اقتتال جديدة في اليمن.
بحث مجلس الأمن يوم الثلاثاء الوضع في #اليمن، حيث قال المبعوث الخاص هانس غروندبرغ @OSE_Yemen إن إنهاء الحرب ممكن، رغم أنه ليس أمرا سهلا
— أخبار الأمم المتحدة (@UNNewsArabic) February 15, 2022
أما وكيل الشؤون الإنسانية، مارتن غريفيثس @UNReliefChief فحذر من تدهور الوضع الإنساني بسبب نفاد التمويل
المزيد هنا 👇https://t.co/QGryaX49HY pic.twitter.com/pryHKAQ2ps
ثم تطرق المبعوث الأممي إلى ما أسماه حرباً اقتصادية في اليمن، وقال إن "أطراف النزاع تتصارع على الموارد، والتدفقات التجارية، والسياسات النقدية. هذه الحرب الاقتصادية لا تزال تؤثر على كل اليمنيين، حيث شهد الشهر الماضي نقصا حادا في الوقود والمشتقات النفطية، خاصة في المناطق التي يسيطر عليها أنصار الله".
وتحدث عن أن ذلك "فرض أعباء غير مسبوقة على المدنيين، وأنه بعد انتظار طويل سمح فقط لأربع شحنات وقود بالدخول إلى ميناء الحديدة هذا الشهر. واحدة منها فقط سيتم بيع حمولتها في السوق المحلية، وذلك لا يكفي لسد حاجة الناس"، مجددا دعوته إلى إزالة العوائق أمام الواردات والتوزيع المحلي للوقود والسلع الأساسية.
وقال غروندبرغ إن "هناك حرباً مستمرة عبر وسائل الإعلام كذلك، مع تضييق على الصحفيين والناشطين في اليمن، مما يؤدي إلى خلق بيئة سلبية"، مؤكداً أن هناك خيارا للخروج من الحرب.
وقال في هذا الصدد إنه يعمل على "وضع إطار يهدف إلى إطلاق عملية متعددة المسارات يمكن من خلالها معالجة مصالح كل الأطراف داخل أجندة يمنية أوسع تتطرق إلى المسائل السياسية والأمنية والاقتصادية".
وتحدث عن سلسلة من المشاورات التي ينوي قيادتها، بدءا من الأسبوع القادم، تنظر في الأولويات اليمنية على المدى المتوسط والبعيد، مبديا مساعيه لإشراك جميع الأطراف في ذلك الإطار.
وعبر المبعوث الأممي عن أمله في أن يتمكن في فصل الربيع من عرض تفاصيل مخططه على مجلس الأمن، مؤكداً أنه في الوقت ذاته يقيّم "كل السبل الممكنة للتوصل إلى تهدئة في أقرب وقت ممكن".
وكشف عن تواصله مع جميع الأطراف المتحاربة، وبشكل دائم، في محاولة لحثها على تقديم تنازلات متبادلة والتهدئة، مؤكداً على "ضرورة تقديم جميع الأطراف تنازلات صعبة، لا يبدو أن أياً من الطرفين يريد تقديمها حاليا"، معتبراً في الآن نفسه أن "الطريق الأمثل يتمثل في عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة يدعمها مجلس الأمن".