أعدّت الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو، مشروع قانون "إصلاح" الجهاز القضائي الذي يثير جدلاً واسعاً في الساحة الداخلية.
وذكرت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، مساء الأربعاء، أنّ المشروع الذي أعده وزير القضاء ياريف ليفين، يتضمن تمرير تشريع "التغلّب"، الذي يجرد المحكمة العليا من صلاحيات إلغاء القوانين التي يسنّها الكنيست، ويمنعها من إبطال قرارات الحكومية عبر استخدام "حجة عدم المعقولية".
ولفتت القناة إلى أنه بحسب نص مشروع القانون، يمكن تمرير تشريع "التغلّب" إن صوت له 61 نائباً فقط من أصل 120، هم إجمالي عدد نواب الكنيست.
ويسمح تشريع "التغلّب" للمحكمة العليا بإلغاء القوانين التي يسنّها الكنيست، فقط في حالة صدور القرار بعد اجتماع المحكمة، التي تضم 15 قاضياً، بكامل هيئتها، وحصل القرار على أغلبية خاصة.
وأشارت القناة إلى أنّ قانون "إصلاح" النظام القضائي، يمنح الأحزاب المشاركة في الحكومة، دوراً حاسماً في اختيار القضاة، عبر إعادة تشكيل اللجنة المسؤولة عن اختيارهم، من خلال منح الحكومة والكنيست تمثيلاً متساوياً مع تمثيل الجهاز القضائي في اللجنة.
وترمي إعادة تشكيل اللجنة المسؤولة عن اختيار القضاة، إلى منح المستوى السياسي القدرة على تحديد هوية القضاة، من أعضاء هيئة المحكمة العليا وهيئات المحاكم الأخرى.
من جانبها، ذكرت قناة التلفزة "13"، مساء الأربعاء، أنّ مشروع "إصلاح" القضاء، ينصّ على أنّ الرأي القانوني للمستشار القضائي للحكومة، لا يلزمها.
ولفتت القناة إلى أنه بحسب مشروع القانون، فإنّ رئيس الوزراء والوزراء أنفسهم، يحق لهم رفض تطبيق توصيات المستشار القضائي.
يُشار إلى أنّ القانون الحالي يلزم الحكومة بتطبيق توجيهات المستشار القضائي، مع منحهم الحق في الدفاع عن موقفهم فقط.
يُذكر أنّ نتنياهو معنيّ بتمرير تشريع "التغلّب" حتى يتمكّن من الإفلات من العقاب الذي يمكن أن يصدر بحقه، في حال إدانته بقضايا الفساد التي يحاكم فيها حالياً.
ويمنع تشريع "التغلّب"، في حال تمريره، المحكمة العليا من إلغاء القانون "الفرنسي"، الذي يسعى حزب الليكود لتمريره، والذي ينص على إعفاء رئيس الحكومة والوزراء والنواب من المحاكمة، ما داموا يمارسون مهامهم الشخصية.
وتراهن قوى اليمين الديني على تجريد المحكمة العليا من صلاحية إبطال القوانين التي يصدرها الكنيست، وعلى تمكينها من سنّ قوانين عنصرية ضد فلسطينيي الداخل، وقوانين تحسّن من قدرة إسرائيل على إحكام سيطرتها على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وتولي الأحزاب الدينية الحريدية بشكل خاص اهتماماً بتجريد المحكمة من صلاحية إلغاء القوانين التي يسنّها الكنيست، على اعتبار أنّ هذا التطور يسمح لهذه الأحزاب بسنّ المزيد من القوانين التي تغلب الطابع الديني على الطابع "الديمقراطي" للدولة.
في الوقت ذاته، يسمح إلغاء حق المحكمة العليا في إبطال قرارات الحكومة عبر استخدام "حجة عدم المعقولية"، بتحييد تأثير قرار المستشارة القضائية للحكومة غالي باهاراف ميارا، التي اعتبرت أنّ تعيين أرييه درعي وزيراً في الحكومة الجديدة قرار باطل من الناحية القانونية، لأنه صدر بحقه حكم بالسجن مع وقف التنفيذ، بعد إدانته بالتهرب الضريبي.
وكان الوزير ليفين قد أعلن، قبل أسبوعين، في مؤتمر صحافي، مشروعه لإصلاح الجهاز القضائي.
دعوات للتظاهر ضد حكومة نتنياهو السبت
في الوقت ذاته، دعت أحزاب المعارضة وجمعيات يسارية ونقابية، إلى تنظيم تظاهرات واسعة، مساء السبت المقبل، احتجاجاً على سياسات الحكومة الجديدة، وتوجهها لإعادة صياغة قوانين القضاء.
وكانت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان"، قد نقلت عن أوساط حكومية إسرائيلية قولها، إنّ المسّ بصلاحيات المحكمة العليا، يمكن أن يزيد من فرص محاكمة إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في التهم التي توجه لها بممارسة جرائم حرب.
وحذرت هذه الأوساط من أنّ قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الأخير، الذي يطلب فتوى محكمة العدل الدولية في تحديد مكانة الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، سيزيد من خطورة "إصلاحات" ليفين.
وأبرزت القناة حقيقة أنّ إسرائيل كانت دائماً تعترض على تدخل المحافل القضائية الدولية في سلوكها بالأراضي المحتلة، بزعم أنّ لديها جهازاً قضائياً مستقلاً يمكنه "إصلاح الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها الجيش".