تصاعدت وتيرة الضربات المتبادلة بين "حزب الله" اللبناني وجيش الاحتلال الإسرائيلي، يوم أمس الأحد وفي الأيام الأخيرة، مع تزايد الدعوات إلى توجيه ضربات أقوى للحزب، وخصوصاً لوحدة "الرضوان" التابعة له.
ويعتقد بعض المحللين الإسرائيليين أن استمرار وتيرة التصعيد قد تحوّل المعركة إلى لبنان، وتترك حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة في الخلف.
ويرى الصحافي الإسرائيلي بن كسبيت، في مقال نشره أمس الأحد في صحيفة "معاريف"، أن الجيش الإسرائيلي يجبي ثمناً باهظاً من "حزب الله" الذي يواصل هجماته، "ولكن يبدو لي أن الخط الأحمر قد تم تجاوزه، والآن حان الوقت لكي يدفع (الأمين العام للحزب حسن) نصر الله ثمناً حقيقياً".
ويضيف الكاتب أن "إسرائيل تخوض حرباً صعبة في الجنوب، وقد تم تجنيد مئات الآلاف من جنود الاحتياط، والاقتصاد في تباطؤ كبير، والشمال مستعد للحرب كما لم يحدث من قبل. حجم قوات الجيش الإسرائيلي هائل، وسلاح الجو مسلّح ومُثقل بالقنابل والأهداف. نصر الله لديه ما يخسره فقط. لا يوجد أي سبب لعدم تلقينه درساً، ولسنا ملزمين بدخول حرب شاملة".
وينقل الكاتب عن ضابط إسرائيلي كبير سابق لم يسمّه، قوله: "يجب البدء بتوجيه ضربات إلى قوات الرضوان. في جميع الأحوال ستكون هناك صعوبة في إعادة سكان خط المواجهة في الشمال إلى بيوتهم في الوضع الحالي، ولذلك لا يوجد أي سبب لعدم جباية ثمن دموي مؤلم من نصر الله في إطار فرصة التأسيس لمعادلة جديدة في الشمال، تقول إن كل من ينتمي إلى قوة الرضوان ويقترب من الحدود، يكون دمه مهدوراً".
وبحسب المسؤول نفسه، "من واجب الدولة الدفاع عن مواطنيها وسيادتها، وهذه الرسالة يجب أن يفهمها الشرق الأوسط بأسره".
من جانبه، كتب المحلل العسكري تال ليف رام، في الصحيفة عينها، اليوم الاثنين، أن الجيش الإسرائيلي و"حزب الله" في طريقهما إلى "مواجهة مباشرة قد تترك الحرب على غزة في الخلف".
وذكر الكاتب أنه "في اليوم الـ38 من الحرب على غزة، يبدو أن الجيش الإسرائيلي سيصعّد العمليات ضد حزب الله"، مشيراً إلى أن "التصعيد الذي شهده يوم أمس (الأحد) والأيام الأخيرة، يشير بوضوح إلى ارتفاع واضح في العمليات العدائية من قبل حزب الله، وهو ما يتطلب في الفترة القريبة تصعيد الرد الإسرائيلي".
وقال المحلل العسكري إن ما يقف في مركز تخبط قيادة المستوى الأمني في إسرائيل الاعتقاد بأن تصعيداً إضافياً على الجبهة الشمالية قد يؤثر على اتخاذ القرارات بشأن استمرار المخططات المتعلقة بالحرب على غزة.
وتابع: "من جانب آخر، هناك إدراك أنه لا يمكن مواصلة احتواء عدوانية حزب الله فقط من خلال الوسائل الدفاعية ومهاجمة الخلايا قبل إطلاق النار أو بعده، ومهاجمة البنى التحتية للمنظمة، ولكن هناك حاجة لتصعيد العمليات الهجومية أكثر لتجبي ثمناً من حزب الله، دون تدهور الأمور إلى تصعيد سريع، بحيث تتحول جبهة الحرب الرئيسية إلى الشمال، وتتطلب تجميد كل ما يتعلق بالجبهة الجنوبية ضد حماس".
وبحسب الكاتب، فإن استمرار وتيرة الأحداث على الجبهة اللبنانية قد يؤدي إلى صعوبة وقف التدهور الحاصل والتحول من تبادل للنار إلى حرب بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.
ويرى الكاتب أيضاً أن التصعيد الذي شهده الأسبوع الأخير يعكس بشكل واضح أنه "كلما امتد وقت عمليات الجيش الإسرائيلي، ودخوله مناطق إضافية في قطاع غزة، فإن المواجهة أمام حزب الله ستتصاعد أيضاً في الفترة القريبة، ما قد يقود إلى مواجهة عسكرية تترك الحرب على غزة كجبهة ثانوية، على أثر التهديدات من الشمال، والتي هي أكثر خطورة بالنسبة لدولة إسرائيل".
ويعتقد الكاتب أن الأيام القريبة ستشهد تصعيداً بقوة عمليات الجيش الإسرائيلي، ونقل عن ضابط كبير في قوات الاحتياط، والذي سبق أن خدم بمناصب رفيعة في المنطقة الشمالية، قوله: "الآن بالذات، الوضع في الشمال يتيح ذلك (أي الحرب). سيكون من الصعب أكثر المبادرة لاحقاً بعد عودة جميع السكان إلى بيوتهم".
وبحسب ادعاء الضابط الإسرائيلي، "ليس علينا بالضرورة شن حرب شاملة في الشمال، لكن يجب علينا تصعيد رد الفعل دون خوف من الدخول في مواجهة، وإذا لزم الأمر، توسيع المواجهة، بما في ذلك تدفيع دولة لبنان ثمناً. نحن سندفع ثمناً باهظاً إذا واصلنا سياسة الاحتواء في الشمال".
أما المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" العبرية عاموس هرئيل، فاعتبر في مقال كتبه اليوم الاثنين، أن "حزب الله" يلعب الآن لعبة خطيرة، قد تؤدي إلى فتح الجبهة الأخرى بشكل كامل، ولفت إلى أنه لولا عملية "طوفان الأقصى"، لكانت إسرائيل منذ فترة تخوض حرباً واسعة مع "حزب الله".
وأشار إلى أنه بعد 38 يوماً "من القتال، الذي تركّز على غزة وبدرجة أقل على لبنان، فإن تزايد خطر سوء التقدير على الجبهة مع لبنان ارتفع بشكل كبير. والخوف هو أن إسرائيل لا تسيطر فعلياً على وتيرة التصعيد وشدته. ولسبب ما، يشعر حزب الله بأنه يتمتّع بالحرية لإطلاق ليس فقط قذائف الهاون، بل وأيضاً مجموعة كبيرة ومتنوعة من الوسائل القتالية: مسيّرات هجومية، وصواريخ الكاتيوشا، والصواريخ المضادة للدبابات. وقد بدأ هذا يجبي ثمناً من الجيش الإسرائيلي".
وتابع هرئيل أنه "يتعيّن على إسرائيل، التي تعلن أنها لا تسعى في الوقت الحالي إلى حرب مع حزب الله، أن تفكّر في ما إذا كانت قادرة على الاستمرار في عدم الرد، وإذا لم يكن الأمر كذلك، عليها أن تفكّر بما إذا كانت هناك وسيلة لردود هجومية أقوى، من دون الانجرار إلى صراع كامل على جبهتين".
وأضاف الكاتب أن الولايات المتحدة الأميركية التي عززت انتشارها العسكري في البحر المتوسط، "تراقب تبادل هذه الرسائل العنيفة".
وقال إنه "من المرجح أن تحاول إسرائيل قدر الإمكان تنسيق تحركاتها مع إدارة بايدن. وحتى لو لم يتحرك الجيش الإسرائيلي الآن بكامل قوته ضد حزب الله، فإن المشكلة اللبنانية لن تذهب إلى أي مكان".