أبدت شخصيات وقيادات فلسطينية مختلفة تفاؤلها بالمبادرة التي قدمها حراك "وطنيون لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة"، اليوم الخميس، بعنوان "نداء القدس"، من أجل تحقيق المصالحة الفلسطينية وإنهاء الانقسام الفلسطيني المتواصل منذ أكثر من عشر سنوات.
وأعلنت الأمينة العامة لحزب "الاتحاد الديمقراطي الفلسطيني" (فدا)، زهيرة كمال، عن نص مبادرة "نداء القدس" لإنهاء الانقسام، خلال مؤتمر صحافي عقد اليوم، بمدينة رام الله، وقعت عليه أكثر من مئتي شخصية فلسطينية من مختلف التوجهات التنظيمية والسياسية الفلسطينية والمجتمع المدني، وكذلك من الشخصيات التي قادت هبّة القدس الأخيرة.
وأكدت كمال أن المبادرة جاءت على ضوء انتصار أهالي القدس دفاعًا عن المسجد الأقصى، وقد عقد اجتماع في مدينة البيرة، وسط الضفة الغربية، في الـ30 من الشهر الماضي، بدعوة من "وطنيون لإنهاء الانقسام"، وبمشاركة واسعة من شخصيات قيادية وطنية وأخرى سياسية من الفصائل، بما فيها حركتا "فتح" و"حماس"، وشخصيات عامة ومقدسية ومجتمعية، وأطر نسوية وشبابية.
وتنص المبادرة، التي جاءت من أربعة بنود، على "دعوة حركة حماس وحكومة السلطة الفلسطينية إلى الإعلان الفوري المتزامن عن حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه إلغاء كافة القرارات الإدارية والمالية التي تم اتخاذها تجاه قطاع غزة". وكذلك دعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى البدء الفوري في إجراء مشاورات مع القوى والكتل البرلمانية والشخصيات الوطنية المستقلة، لتشكيل حكومة وحدة وطنية، تنفيذًا لقرارات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني بهذا الخصوص، تكون مهمتها الرئيسية تعزيز صمود الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية، وخاصة في القدس والأغوار، وكافة المناطق المهددة من الجدار والاستيطان، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وتوحيد مؤسسات السلطة، ودعم المقاومة الشعبية، والتحضير لإجراء الانتخابات العامة التشريعية والرئاسية".
كما تنص على "الطلب من رئيس المجلس الوطني، سليم الزعنون، توجيه الدعوة العاجلة لعقد اجتماع اللجنة التحضيرية لاستئناف عملها، ولمتابعة اجتماع بيروت، وضمان مشاركة كافة القوى في صنع القرار الوطني، وتحمل مسؤولياتها الوطنية الجامعة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية، وإقرار إجراء الانتخابات العامة للرئاسة والوطني والتشريعي خلال فترة زمنية لا تتجاوز السنة".
ودعت مبادرة "نداء القدس"، كذلك، إلى توحيد الجهد الوطني في الوطن والشتات، ودعم وإسناد المقاومة الشعبية ضد الاحتلال ومخططاته التوسعية وعدوانه المستمر، والعمل على إسناد وتعزيز دور المرجعية الوطنية التي نهضت بمشاركة فاعلة من مختلف القطاعات الشعبية، وفي مقدمتها المرجعيات الدينية التي قادت نضال المواطنين خلال هبّة القدس الأخيرة، والتأكيد على استمرار وقف جميع الاتصالات، وخاصة التنسيق الأمني، مع الاحتلال. ودعت أيضاً أبناء وبنات الشعب الفلسطيني وقواه الحية في الوطن والشتات، للانخراط والمشاركة في أوسع حراك شعبي وجماهيري للضغط لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة.
وفي السياق، قال عضو سكرتاريا "وطنيون لإنهاء الانقسام"، جمال زقوت، لـ"العربي الجديد"، على هامش المؤتمر الصحافي، إن "هذه المبادرة قد تكون مختلفة عن سابقاتها، بسبب السأم من استمرار الانقسام في ظل هبة القدس الأخيرة للدفاع عن المسجد الأقصى، إذ إن هذه المبادرة أول ما يعلن عنه حراك (وطنيون) وتحظى بدعم شعبي، ومن شخصيات مؤثرة من مختلف الفصائل، بما فيها حركتا فتح وحماس".
ولفت زقوت إلى أن هذه المبادرة قد تطرح للتوقيع الشعبي، لكن "نأمل أن يكون هناك تجاوب على الأقل لبحث مضامينها وأن تكون هناك استجابة سريعة"، فيما أكد أن هبة القدس الأخيرة دفعت طرفي الانقسام لإعطاء مواقف إيجابية ومطمئنة إزاء إنهاء الانقسام، وأن المدخل هو حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، بالتزامن مع إلغاء الإجراءات التي أعلنت عنها السلطة الفلسطينية بحق قطاع غزة.
وفي رد على سؤال لـ"العربي الجديد"، أكد منسق "وطنيون لإنهاء الانقسام"، فوز خليفة، أن مضمون "نداء القدس" مقدم للتطبيق رزمة واحدة، وليس للتعامل معه بـ"التقسيط"، وأن ما جرى من حوارات متعددة تناول مجمل القضايا الخلافية، وما تم من لقاءات بين الرئيس عباس وحركة "حماس"، وكذلك اللقاءات الأخرى في بيروت، خاصة اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني، أقرّ بضرورة تشكيل حكومة وحدة وطنية فورًا، والبدء بالتحضير لانتخابات تشريعية، وعقد دورة توحيدية في إطار منظمة التحرير الفلسطينية. وأشار خليفة إلى أن هذا النداء يأتي كنظرة شاملة ومترابطة وليست مجزأة عن بعضها البعض.
ورداً على أسئلة الصحافيين، قال زقوت "نعتقد أن كل ما ورد في هذا الإعلان يشكل إرادة شعبية عارمة، ويشكل رأي الأغلبية الساحقة من الشعب الفلسطيني وقواه السياسية. نأمل من الجميع أن يتعاطوا مع النداء إيجابًا وكما هو". وأوضح أن هذا النداء، بكل مكوناته، تم إرساله من أجل متابعته للرئيس محمود عباس، وكذلك لرئيس المجلس الوطني الفلسطيني، سليم الزعنون، وكذلك لرئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية.
بدوره، أكد عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة "حماس"، أيمن دراغمة، أن مكونات هذا النداء هي قواسم مشتركة، وتشكل الحدود الدنيا التي يمكن البناء عليها لبدء الحوار وإزالة القيود والعقبات التي تمنع بدء لقاءات المصالحة، داعيًا جميع الأطراف لالتقاط هذه الفرصة التاريخية، خاصة بعدما سطّر أهل القدس الانتصارات الأخيرة.
ورأى دراغمة أن هذا الوقت "مناسب"، والظروف مؤاتية، وقال إن "النوايا التي لمسناها طيبة، وننادي الجميع التقاط هذه اللحظة التاريخية وإنهاء الانقسام والاستجابة لهذا النداء".
من جانبه، قال الأمين العام لحركة "المبادرة الوطنية الفلسطينية"، مصطفى البرغوثي: "لا توجد ضمانة لهذه المبادرة، إلا إذا تحركت كافة الأطراف التي تبنت المبادرة مع الشارع الفلسطيني، ولكن التطور الذي جرى في الفترة الأخيرة أثبت أن للشعب رأيه، ونريد أن نجند ذلك في إنهاء نزيف الانقسام في قضيتنا الوطنية".
أما القيادي في حركة "فتح"، ورئيس نادي الأسير الفلسطيني، قدورة فارس، فقد شدد على ضرورة اتخاذ خطوات وممارسة حالة من الضغط على الأحزاب والقوى لتسارع بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه.