الانتخابات الرئاسية الأميركية... انحدار الخطابات نحو الإهانات والتراشق اللفظي

02 نوفمبر 2024
مناصر لترامب في أتلانتا، 31 أكتوبر الماضي (بيتر زاي/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تراجعت أرقام ترامب في استطلاعات الرأي بعد تصريحاته المثيرة للجدل حول المهاجرين، مما أدى إلى زيادة العنصرية والشتائم في الخطاب السياسي.
- وُصف خطاب ترامب في نيويورك بأنه "مهرجان العنصرية والكراهية"، بينما ارتكب بايدن خطأً بوصفه أنصار ترامب بـ"القمامة"، مما أثر على الحملتين.
- المحلل جون جيزي يرى أن التجاوزات لن تؤثر على اتجاهات التصويت، حيث تظل القضايا الأساسية مثل الاقتصاد والهجرة هي المحرك الرئيسي للناخبين.

خلال المناظرة بين المرشحين الجمهوري دونالد ترامب والديمقراطي كامالا هاريس، لخوض الانتخابات الرئاسية الأميركية في 10 سبتمبر/أيلول الماضي، قال ترامب إن المهاجرين من هايتي يأكلون القطط والكلاب، فتراجعت أرقامه قليلاً في استطلاعات الرأي، لكنه ظل ثابتاً بعض الشيء. على مدار أشهر، انحدرت مستويات خطابات الحملتين الرئاسيتين إلى مستوى من الشعبوية والسطحية، إلى درجة غير مسبوقة مقارنة بالانتخابات السابقة في عام 2020، بسبب الانقسام والاستقطاب السياسي والتطرف في طرح الحملتين، خصوصاً أن سباق الانتخابات الرئاسية الأميركية متقارب للغاية بشكل لم يسبق له مثيل خلال أي انتخابات، أقله في العقود الثلاثة الأخيرة. وأدى ذلك الانحدار إلى مزيد من العنصرية والشتائم التي لم تطاول فقط الطرفين المرشحين، بل على الأقل نحو 70% من الناخبين الأميركيين. على مدار السنوات الماضية توالت الإهانات والشتائم على لسان ترامب، إلا أنها لم تغير كثيراً من الواقع السياسي، إلا أنه في هذه الأيام يشير مواطنون إلى أنه ربما تؤثر الاتهامات والإهانات للشعب الأميركي على واقع الخطاب.

الإهانات في الانتخابات الرئاسية الأميركية

في نيويورك، عقد ترامب الأحد الماضي، تجمعه الانتخابي الختامي الكبير، ووُصف هذا التجمع بأنه "مهرجان العنصرية والكراهية". وصف أحد الكوميديين بورتوريكو "جزيرة عائمة من القمامة"، ثم سخر من الإسبان لفشلهم في استخدام وسائل منع الحمل، كما وصف اليهود بـ"الرخص" والفلسطينيين بـ"رماة الحجارة". بلغ الخطاب ذروة الإهانة، عندما شبه أحد المتحدثين كامالا هاريس بـ"عاهرة مع مشغلي القوادين"، ووصفها آخر بـ"المسيح الدجال". وسخر المذيع السابق في قناة فوكس نيوز، تاكر كارلسون، منها قائلاً إنها تتنافس لتصبح "أول مدعية عامة سابقة من كاليفورنيا من أصل ساموي ماليزي ومنخفضة الذكاء يتم انتخابها رئيسة على الإطلاق".


حملت كلمة بيل كلينتون، الصلف الذي يتعامل به الديمقراطيون مع الصوت العربي

على الجانب الآخر، حاول الرئيس جو بايدن الدفاع عن الإهانة لأهل بورتوريكو (لا يمكنهم التصويت في الانتخابات لأنها جزيرة مستقلة تابعة للولايات المتحدة، ويرفض الجمهوريون تحويلها إلى ولاية خوفاً من تصويتها للديمقراطيين)، فارتكب إهانة أكبر في حق مواطنين أميركيين، فوصف أنصار ترامب بأنهم "قمامة" (صوت لترامب في انتخابات 2020 نحو 72 مليون أميركي). لم يفوّت الجمهوريون الفرصة، استغل ترامب تصريح بايدن لتوجيه رسالة أن النخب الديمقراطية تتعالى على الشعب الأميركي، وارتدى سترة عمال شاحنات القمامة وصعد إلى شاحنة قمامة عليها لافتة له، هو يتجه لإلقاء خطاب في ويسكونسن، الولاية المتأرجحة. وفي كلمته قرر أنه "سيقوم بحماية النساء سواء أعجبهن ذلك أم لا من المهاجرين ومن الدول الأخرى". على الفور التقطت حملة الديمقراطيين هذه الجملة، ورددتها هاريس لحثّ النساء على التصويت لها، بأن ترامب يريد إجبار النساء على اختياراتهن وسيفعل ما يريد فيما يخص المرأة حتى من دون موافقتها.

في الوقت ذاته، كان الرئيسان السابقان بيل كلينتون وباراك أوباما يوجهان رسائلهما للعرب والمسلمين، داعيين إياهم للتصويت إلى المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، غير أن لهجة الرسائل كانت تتعامل مع الناخبين بنظرة فوقية على أساس أن ما يقولانه هو الصحيح ويجب على الناخبين الاستماع لهما، في الوقت الذي كان ترامب يعتذر قبلها بأيام لناخبين عرب ويستجدي أصواتهم.

وحملت كلمة بيل كلينتون، الصلف الذي يتعامل به الديمقراطيون مع الصوت العربي، وقال في تجمع انتخابي، الأربعاء الماضي، لدعم كامالا هاريس بولاية ميشيغين: "عندما أقرأ أن الناس في هذه الولاية لن يصوتوا لأنهم غاضبون من إدارة بايدن فهذا خطأ من جانبهم. وكامالا هاريس قالت إنها ستحاول التفاوض على إنهاء العنف والقتل (في غزة)، ويجب أن يكون ذلك كافياً".

وأضاف أنه "يتفهم غضب الشباب الفلسطيني والعربي في ميشيغين من قتل الكثير من الناس"، لكنه استدرك أن السبب في ذلك حركة حماس التي "تحتمي بالمدنيين مما يدفعك لقتلهم إذا كنت تريد الدفاع عن نفسك"، في تبرير لقتل أكثر من 43 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال بحجة "الدفاع عن النفس"، متجاهلاً القوانين الدولية التي تجرم قتل المدنيين. كما اعتبر كلينتون أن إسرائيل موجودة قبل "حماس"، متجاهلاً مسلّمة تاريخية بأن حركات المقاومة تنشأ بفعل الاحتلال وممارساته. لم يكن كلينتون فقط، الذي تعامل مع الناخب العربي بنظرة فوقية، إذ قال باراك أوباما كذلك، في تجمع انتخابي لدعم المرشحة الديمقراطية "إذا كنت مسلماً أميركياً وأنت غاضب مما يحدث في الشرق الأوسط فلماذا تصدق شخصاً حظر دخول المسلمين لأميركا، وهو يكرر أنكم لست جزءاً من المجتمع الأميركي".


جون جيزي: أشك في أن أي شخص سيغير رأيه بشأن الشتائم

وأشارت تقارير خلال الساعات الماضية، إلى أن أول الخسائر بالنسبة للمرشح الجمهوري، هي ولاية بنسلفانيا أهم ولاية متأرجحة في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تضم 19 صوتاً في المجمع الانتخابي (المؤلف من 538 مندوباً) والتي يقرب الفوز بها أي مرشح من مقعد الرئاسية، إذ يبلغ عدد السكان من ولاية بورتوريكو في هذه الولاية نحو نصف مليون شخص. وخرجت تحليلات تشير إلى أن تصريح بايدن بشأن ناخبي ترامب سيؤثر على فرص هاريس، غير أن هناك عدة مؤشرات تشير إلى أن التراشق والإهانات الشخصية في الأيام الأخيرة، لن تغير من اتجاهات تصويت الناخبين. جون جيزي، المحلل السياسي وكبير كاتبي العمود السياسي ومراسل البيت الأبيض بشبكة نيوز ماكس الإخبارية الأميركية، أشار في حديثٍ لـ"العربي الجديد" إلى أن بعض حملات الانتخابات الرئاسية الأميركية السابقة كانت "حقيرة"، وتضمنت في كثير من الأحيان إهانات شخصية، مثل المقارنات بالزعيم النازي أدولف هتلر التي كانت موجودة لمدد طويلة، واتهامات الرئيس الأميركي هاري ترومان (1945 ـ 1953) لخصمه الجمهوري توماس إدموند ديوي في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 1948 بـ"الفاشية"، وغيرها، غير أن التجاوزات في هذه الانتخابات كبيرة، واصفاً تصريح بايدن لمؤيدي ترامب بـ"القمامة" بأنه طائش لأنه صادر من الرئيس.

لا دور للشتائم بالانتخابات

وأشار جيزي إلى أنه يشك في أن أي شخص سيغير رأيه بشأن الشتائم أو شيء من هذا القبيل، سواء من الديمقراطيين أو الجمهوريين، أو حتى المستقلين، لافتاً إلى أن نسبة محدودة جداً هي التي لم تحدد رأيها بعد، وطبقاً للانتخابات السابقة لا يبدو أنها ستحدد تصويتها طبقاً للشتائم والإهانات الشخصية. وعلى الرغم من أن ترامب قال إن "مهاجرين من هايتي يأكلون قطط وكلاب سكان أوهايو"، إلا أن جيزي اعتبر أن ذلك لن يؤثر نهائياً، واعتبر أن ذلك "لن يؤثر، وترامب في وضع يسمح له بالحصول على أعلى نسبة من أصوات اللاتينيين منذ جورج بوش الابن، ومن المتوقع أن يحصل على 40% من أصواتهم لأنهم قلقون بشأن الاقتصاد". كما اعتبر أن تصريحات ترامب بخصوص المرأة لن تؤثر كثيراً، مستشهدا بتصريحاته في الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2016، وعلى الرغم من ذلك فاز على هيلاري كلينتون. ولفت إلى أن عدداً قليلاً جداً من الناس لم يحسموا أمرهم في هذه المرحلة، وسيصوتون إما للمرشحين الرئيسيين للحزبين أو لن يصوتوا لأحد على الإطلاق أو سيكتبون اسماً ما في بطاقة الاقتراع.

ورأى جيزي أن القضايا الأساسية لم تتغير قط، ويعد الاقتصاد والهجرة غير النظامية الأمرين اللذين يثيران قلق الناس أكثر من غيرهما. وقال: "يمكنك تحويل الاقتصاد بالطريقة التي تريدها، فقد رأينا اليوم أن معدل البطالة انخفض وأن السوق كان جيداً، ولكن من ناحية أخرى، يعيش المزيد من الناس على الراتب من أسبوع لأسبوع أكثر من أي وقت مضى، لذا يؤثر ذلك على الناخبين ويساعد الاقتصاد ترامب أكثر من غيره، إذ تشير الاستطلاعات إلى أن الأشخاص الذين يعيشون فقط على الراتب الأسبوعي يميلون إلى التصويت له، أما الأشخاص الذين يعيشون حياة ثابتة، ولديهم المال لتجاوز فترة سيئة فسيصوتون لهاريس".

المساهمون