السفينة كاثرين... روايات مصرية مثيرة

02 نوفمبر 2024
مرفأ الإسكندرية، 31 أغسطس 2023 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تضاربت البيانات الرسمية المصرية حول السفينة كاثرين، حيث نفت السلطات في البداية استقبالها، لكن لاحقاً أكدت وجودها في ميناء الإسكندرية بحمولة تخص وزارة الإنتاج الحربي، مما أثار تساؤلات حول وجهتها الحقيقية.

- أثارت القضية جدلاً واسعاً بين المحامين والحقوقيين، مع ظهور صور الأقمار الاصطناعية التي أكدت وجود السفينة، وزادت الشكوك حول نواياها، خاصة مع تقارير عن تجنبها التوجه مباشرة إلى إسرائيل.

- انتقدت شخصيات بارزة استقبال السفينة، معتبرين ذلك إساءة للكرامة الوطنية، ودعوا إلى موقف مصري واضح يتماشى مع دعم القضية الفلسطينية، محذرين من تداعيات الحادثة على سمعة مصر.

تضاربت بيانات رسمية مصرية بشأن السفينة كاثرين التي قيل إن ميناء الإسكندرية استقبلها بحمولة متفجرات في طريقها إلى إسرائيل. ولم تتناقض هذه البيانات، التي صدرت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس الخميس، مع بيانات دولية وصور أقمار اصطناعية فحسب، بل ناقضت نفسها أيضاً. وكانت قضية السفينة كاثرين قد بدأت حينما رست في ميناء الإسكندرية في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وهي ترفع العلم الألماني، وكان يشتبه في أنها تحمل شحنة من المواد المتفجرة، كما كان من المتوقع أن تتوجه لاحقاً إلى ميناء أسدود الإسرائيلي.

ونفى أول رد فعل مصري رسمي ما شاع من أن مصر استقبلت سفينة متفجرات متجهة إلى إسرائيل، نفياً تاماً للواقعة برمتها، أذاعته قناة القاهرة الإخبارية منسوباً إلى مصدر رفيع المستوى. أعقب ذلك صدور بيان للمتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة، من دون إشارة إلى السفينة كاثرين وفيه "تنفي القوات المسلحة المصرية بشكل قاطع ما تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي والحسابات المشبوهة وما يتم ترويجه من مساعدة إسرائيل في عملياتها العسكرية جملة وتفصيلاً، وتؤكد أنه لا يوجد أي شكل من أشكال التعاون مع إسرائيل". وبعد دقائق صدر بيان لوزارة النقل يثبت وجود السفينة كاثرين في ميناء الإسكندرية، لكنه ينفي أن تكون متجهة إلى إسرائيل، بل إلى تركيا، وقال إن حمولتها تخص وزارة الإنتاج الحربي.

أحمد بهاء الدين شعبان: استقبال السفينة في ميناء مصري يُسيء لمصر ومصالحها العليا

وكان محامون وحقوقيون قد تقدّموا ببلاغات للنائب العام يطالبون فيها الحكومة بالإفصاح عن حقيقة موقفها تجاه السفينة كاثرين "المشبوهة"، ويسألون عن سبب استقبالها في الإسكندرية؟ ورغم هجوم إعلاميين ولجان إلكترونية مؤيدة للنظام على مثيري القضية، أثبتت البيانات الرسمية صحّة معلومات متداولة، منها أن مصر استقبلت بالفعل السفينة كاثرين بحسب بيانات وزارة النقل وموقع ميناء الإسكندرية المحجوب لاحقاً. كما أثبت البيان الرسمي أن السفينة محمّلة بمواد تخص وزارة الإنتاج الحربي.

السفينة كاثرين في ميناء الإسكندرية

وأظهرت صور أقمار اصطناعية عالية الجودة، الأربعاء الماضي، موقع السفينة كاثرين راسية في ميناء الإسكندرية، كما تظهر الصور الملتقطة للسفينة أثناء إفراغ حمولتها في الرصيف الحربي للميناء. ومن الأسئلة التي ذاعت: لماذا لم تتجه السفينة كاثرين مباشرة إلى ميناء أسدود القريب بدلاً من الإسكندرية، ولماذا أفرغت حمولتها في ميناء الإسكندرية إذا كانت الشحنة تخص إسرائيل، ولماذا تحتاج إسرائيل أصلاً تلك الشحنة التي تعد صغيرة مقارنة بسلاسل توريدات مفتوحة من أميركا؟

حاول متابعون تقديم إجابات افتراضية، تقول إن السفينة كاثرين تخشى الاستهداف بالضرب حال اتجاهها إلى إسرائيل مباشرة، خصوصاً بعد افتضاح أمرها عالمياً، ما جعل الإسكندرية خياراً مثالياً، يتم تفريغ حمولتها من المتفجرات فيها، ومن ثم نقلها براً من الشمال الشرقي، حيث الإسكندرية، إلى الشمال الغربي حيث رفح، ومنها لإسرائيل عبر الحدود المصرية الإسرائيلية.
وأثارت الحادثة تفاعلاً كبيراً من وسائل الإعلام وحركات المقاطعة العالمية، مثل حركة مقاطعة إسرائيل (BDS)، التي ذكرت أن السفينة كاثرين كانت تتجه نحو إسرائيل، محملة بمواد تستخدم لأغراض عسكرية، ووصفت هذه الشحنة بأنها تساهم في التصعيد الإسرائيلي تجاه الفلسطينيين.

وأثارت الشركة البحرية المصرية "إيمكو"، التي أشرفت على عملية استقبال السفينة كاثرين مزيداً من التساؤلات بشأن دورها، خصوصاً أن تقارير متعددة ذكرت أن رئيسة الشركة، راندا عبد الله، هي ابنة لواء سابق بالجيش يمتلك الشركة، وهي عضو في مجلس إدارة غرفة ملاحة الإسكندرية، وتربطها علاقات وثيقة بالجهات الرسمية المصرية، وأُسندت إليها مشاريع عديدة.
وصرحت وزارة الاقتصاد الألمانية أن الشحنة التي كانت تحملها "كاثرين" لم تكن موجّهة من الأراضي الألمانية بشكل رسمي. وقدّم مركز الدعم القانوني الأوروبي، الذي يضم محامين معنيين بحقوق الإنسان، التماساً إلى القضاء الألماني من أجل منع شحنة تزن 150 طناً من المتفجرات العسكرية وتحملها السفينة الألمانية كاثرين، من المفترض أن تسلم إلى شركة الصناعات العسكرية الإسرائيلية، التابعة لـ"إلبيت سيستمز"، وهي أكبر مورد للمواد الدفاعية في إسرائيل.

دلالات خطيرة لاستقبال السفينة

رامي شعث: التضارب محاولة للتغطية خصوصاً بعد رفض عدة دول استقبال السفينة كاثرين

وقال الأمين العام للحزب الاشتراكي المصري، أحمد بهاء الدين شعبان، لـ"العربي الجديد"، إن "الأنباء عن استقبال السفينة كاثرين المشبوهة بميناء الإسكندرية، والمُحمّلة بشحنات من المتفجرات، في طريقها إلى ميناء أسدود بفلسطين المحتلة، تحمل دلالات مُتعددة وخطيرة: الإيجابي فيها رفض دول عديدة السماح لها بالرسو في موانئها، وبما يُشير إلى افتضاح أمر الكيان الصهيوني المجرم، واتساع نطاق النظر إليه بما هو كيان مكروه ومنبوذ". وأضاف: "من جهة أخرى، يُشير إلى أن مصر التي كانت في مقدمة الصفوف دفاعاً عن القضية الفلسطينية، ومقاومةً للمشروع الاستعماري الصهيوني، لا يُمكن أن تقبل التخلّي عن هذا الدور التاريخي، تحت أي ظرف، ومهما كانت التحديات". واعتبر أن "استقبال هذه السفينة في ميناء مصري يُسيء إساءة بالغة للكرامة الوطنية لمصر ومصالحها العليا، ما يجعلنا نطالب الدولة المصرية بضرورة اتخاذ الموقف المُتسق مع سمعة مصر، ومسؤوليتها تجاه الشعب والوطن، وإعلانه على الرأي العام، حرصاً على قيمة مصر التاريخية، ودورها في محيطها العربي والإقليمي".

من جهته، قال الناشط الحقوقي المصري، رامي شعث، لـ"العربي الجديد"، إن "التضارب واضح، وهو محاولة للتغطية، خصوصاً بعد رفض عدة دول استقبال السفينة كاثرين لأنها مشاركة في قتل الشعب الفلسطيني، ثم تلقفتها الموانئ المصرية، وفي الأغلب أعيد شحن الشحنة العسكرية من المتفجرات على مركبة أخرى متجهة إلى إسرائيل". وأضاف: "الصور التي اطلعنا عليها، تشير إلى أن السفينة توجد في الرصيف الحربي داخل ميناء الإسكندرية (رصيف 22)، وعلى السلطات المصرية أن تنتظر أوراق هذه الفضيحة والجريمة بحق الشعب الفلسطيني، وأن تجد هذه الأوراق المختصة في هذه القضية بمحكمة العدل الدولية ضمن ملف الإبادة الجماعية، وستقدم هذه الأوراق لندافع عن الحق الفلسطيني، ونحاسب كل من ارتكب وشارك الاحتلال الإسرائيلي في الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني وبحق هذه القضية العادلة والقضية الأولى في هذا العالم".

المساهمون