كشف مسؤول عراقي بارز في العاصمة بغداد، اليوم الأحد، عن آخر تطورات التحقيق في جريمة إبادة عائلة كاملة مؤلفة من 20 فردا، بينهم 12 طفلاً، في بلدة جبلة شمالي محافظة بابل، الواقعة جنوبي العاصمة بغداد، والتي على إثرها قررت الحكومة إقالة قائد شرطة محافظة بابل ومدير وكالة الاستخبارات فيها، واستدعاء ضباط وعناصر أمن للتحقيق.
وتتواصل في العراق موجة غضب وتنديد واسعة بالجريمة التي كلف رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، جهاز الأمن الوطني، للتحقيق فيها وخوله صلاحيات واسعة، بعد ثبوت تورط قوات الأمن في قتل العائلة بناء على معلومات مضللة قائمة على مشاكل عائلية سابقة.
واليوم الأحد، قال مسؤول بوزارة الداخلية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، إن لجنة التحقيق المكلفة بالجريمة تواصل عملها، ووصل اليوم فريق أمني رفيع إلى المكان، وتم اكتشاف تفاصيل أخرى تشير إلى محاولات من قبل القوى المتورطة في الهجوم لتغيير مسرح الحادث والعبث بجثث الضحايا قبل انكشاف الأمر، وكذلك قيام أحد الضباط بتضليل مراسلي وسائل إعلام محلية، بإرسال تفاصيل غير صحيحة عن الحادث، وهي أن رب الأسرة قتل عائلته ثم انتحر بعد محاصرته".
وأضاف المصدر ذاته أن "الأمر جريمة مركبة. القوى المتورطة هي من وحدات (سوات) واستخبارات وزارة الداخلية، وتحركت من دون أوامر بناء على علاقات بين ضابط، وهو قريب العائلة المجني عليها وضباط في وحدة مكافحة المخدرات، وأدت إلى هذه الكارثة".
ووفقاً للمسؤول ذاته، فإن "التحقيقات الأولية كشفت أن 3 من أفراد العائلة قضوا بطلقات نارية، أما الباقون فقتلوا نتيجة استخدام أسلحة متوسطة، من بينها قذائف مضادة للدروع قضت على من كان داخل المنزل"، كاشفاً عن "اعتقال عدد من الضباط والعناصر الأمنية المشاركة في الهجوم وأشخاص مشتركين في بغداد بالجريمة، بينما هناك عدد آخر ما زال خارج السيطرة، وتم إصدار أوامر قبض فورية بحقهم". وأوضح أن "الضابط الذي وقعت المجزرة بسببه ما زال هاربا إلى جهة مجهولة".
ووصل رئيس جهاز الأمن الوطني، حميد الشطري، اليوم الأحد، إلى محافظة بابل، لمتابعة آخر التطورات والنتائج التي تم التوصل إليها من خلال سير التحقيق بخصوص الحادثة، بعد تكليف رئيس الوزراء لجهاز الأمن الوطني بالشروع في إجراءات التحقيق والوقوف على ملابسات الحادث".
إلى ذلك، قال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي السابق، مهدي تقي، لـ"العربي الجديد"، إن "الجهات الأمنية العليا مطالبة بسرعة الكشف عن تفاصيل التحقيقات أمام الرأي العام، فما حدث ليس بالأمر الهيّن، بل هي مجزرة حقيقية بحق عائلة عراقية كاملة، وأصبحت قضية رأي عام"، وأضاف تقي أن "نتائج التحقيقات يجب أن تكون بشكل مهني، وبعيداً عن أي ضغوطات وتدخلات من أي طرف، سياسيا كان أو حكوميا، والحقيقة يجب أن تكشف. المقصرون والمتسببون بهذه المجزرة يجب أن يحاكموا ويعاقبوا وفق القوانين العراقية النافذة".
وتابع "نأمل ألا تؤثر الضغوط على مجريات التحقيق وكذلك محاسبة كل مقصر ومتسبب بهذه المجزرة، مهما كان موقعه الرسمي أو السياسي، ونحن كقوى سياسية سنتابع هذا الملف بكل دقة، فلا يمكن التهاون هكذا بأرواح المواطنين".
والحادثة التي أثارت الرعب في العراق، خصوصاً بعد تضارب المعلومات عنها والرواية الحكومية التي أعلنت أن صاحب الدار تاجر مخدرات وهو من قتل عائلته بعد محاصرته من قبل القوات الأمنية، لتبين التحقيقات أن الرواية الحكومية والرسمية، بعيدة عن ما حصل من مجزرة.
وعدّت مفوضية حقوق الإنسان في محافظة بابل، الجريمة "إبادة جماعية"، وقال عبد الحسين الخفاجي، المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان في بابل، إن "الجريمة انتهاك صارخ لحقوق الإنسان، أزهقت أرواح أبرياء، لم تثبت إدانتهم وليس لديهم أي جرم، ولا توجد مذكرات قضائية بحقهم".
وأكد في تصريح متلفز أن "الحادث حسب الشهادات كان نتيجة خلاف شخصي مع أحد أقارب الضحية، القوة استغلت المنصب والرتبة"، مبينا أنه "تمت إبادة ناس أبرياء من دون ذنب ولا أمر قضائي ولا جرم، وقد تم استخدام أسلحة خفيفة وثقيلة في العملية".
من جانبه، دعا شيخ عشيرة المجني عليهم، الشيخ طريف الغريري، رئيس الوزراء، إلى التدخل ومحاسبة المجرمين، مشددا "سنقتص بشدة من الذين نفّذوا الجريمة".
من جهته، انتقد النائب عن الحزب الديموقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي، الصمت على المجزرة، وقال في تغريدة له "جريمة قضاء جبلة لو حدثت في أي دولة أخرى لقدمت الحكومة استقالتها، أو على الأقل جميع الوزراء الأمنيين في الحكومة، ولكن في العراق أرخص شيء هي حياة المواطن وكرامته".
جريمة قضاء جبلة لو حدثت في اي دولة اخرى لقدمت الحكومة استقالتها او على الاقل جميع الوزراء الامنيين في الحكومة ، ولكن في العراق ارخص شيء هي حياة المواطن وكرامته.#مجزرة_جبلة#العراق
— ماجد شنكالي (@majidshingali) January 1, 2022