تطبيق القانون الإسرائيلي على محميات في الضفة: مقدمة للاستيلاء عليها

18 سبتمبر 2024
مستوطنة إفراتا على المشارف الجنوبية لمدينة بيت لحم، 27 يونيو 2020 (Getty)
+ الخط -

تظهر مصادقة الحكومة الإسرائيلية، نهاية الأسبوع الماضي، على قرار قانون يتعلق بالمحميات الطبيعية جنوبي الضفة الغربية، يسمح بهدم منازل الفلسطينيين فيها، سياسة إسرائيلية ثابتة في السيطرة على أراضي الفلسطينيين والاستيلاء عليها. وكانت سلطات الاحتلال قد أصدرت، نهاية الأسبوع الماضي، أمراً عسكرياً يخول الجانب الإسرائيلي بإصدار أوامر هدم في المنطقة المصنفة (محمية طبيعية)، والتي تمتد شرق الخليل وبيت لحم والقدس من أراضي بني نعيم والشيوخ وسعير وزعترة ودار صلاح والعبيدية.

وفي هذا السياق، يقول الباحث المختص بشؤون الاستيطان خليل تفكجي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "المحميات الطبيعية كانت جزءاً من قضية السيطرة على الأرض خاصة في منطقة الأغوار، في وقت إن منطقة الأغوار من الناحية الأمنية الإسرائيلية كانت على الدوام تعتبرها سلطات الاحتلال جزءاً من إسرائيل". ويشير تفكجي إلى أن سلطات الاحتلال أصدرت في شهر مارس/ آذار المنصرم، ثلاثة أوامر عسكرية إسرائيلية جديدة، تستهدف أكثر من 45 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية، تقع في منطقة مصنفة "محمية طبيعية".

وأردف تفجكي: "لدينا الآن محميتان طبيعيتان، محمية أولى هي محمية (خريطون) عند هيروديون ومساحتها حوالي 3500 دونم، ثم محمية (غار) عند وادي سعير، وجزء كبير منها تم تجديد أمر مصادرته القديمة في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، مثل محمية (أوغ) قرب أريحا، ثم محمية العوجا، ومحمية وادي سونيط، وهي محميات تقع جميعها في منطقة الأغوار ضمن مشروع الون الذي يتكلم عن قضية لا يمكن التنازل عنها".

ويضيف تفكجي: "ما يجري الآن من عملية تطهير عرقي للبدو سواء كانت في منطقة شمال الأغوار، وأقصد بذلك بردلة وعين البيضا التي كانت في منطقة شمال الأغوار باتجاه منطقة الجنوب في مسافر يطا، يأتي ضمن البرنامج السياسي الواضح تماماً الذي يروج إلى أن هذه المنطقة خالية من السكان وتجب السيطرة عليها، وإقامة أراضٍ رعوية يهودية والتي بدأت تنتشر بشكل كبير في الأغوار، وفي منطقة رام الله".

ويشير تفكجي إلى أنه "توجد ثلاث بؤر رعوية تم تحويلها إلى مناطق تحت السيطرة الإسرائيلية (...) في النهاية إسرائيل لن تسمح بالسيطرة الفلسطينية على سبيل المثال فإن المحمية الطبيعية في برية الخليل لن تعطى للفلسطينيين، وهي محمية طبيعية بين جبل هيروديون كان قد تم تجديد أمر بخصوصها بأنها منطقة تاريخية، وهذا كله يدل على أن السياسة الإسرائيلية تقوم على فرض الأمر الواقع على الأرض في منطقة الأغوار وغوش عتصيون وإيجاد أقلية عربية وأغلبية يهودية".

ويلفت تفكجي إلى أن العقلية الإسرائيلية الاستيطانية تقوم على ركيزة أساسية في الفكر والفعل الصهيوني، ففي الضفة الغربية هناك ثلاث كتل استيطانية مركزية تبدأ من غوش عتصيون في الجنوب، ومعاليه أدوميم في الوسط، وأرئيل في الشمال.

ويقوم التخطيط الإسرائيلي، وفق تفكجي، على أن هذه الكتل الاستيطانية يمكن التخلي عنها كأصابع داخل حدود الأراضي الفلسطينية في حدود عام 1967 في حال جرت تسوية سياسية مستقبلاً، وبالتالي تمكينها وتثبيتها من خلال المزيد من البناء الاستيطاني وهدم مزيد من منازل الفلسطينيين سواء في نطاق المحميات الطبيعية أو خارجها. كما أنها خطوة يرى فيها أنها ربما تأتي في إطار استعراضي دعائي انتخابي بالنسبة لليمين الإسرائيلي، وجزء من أجندة هذا اليمين الذي يدعو إلى ضم الضفة الغربية كلها، بمعنى أنه لن تعود فكرة استصدار تراخيص بناء لمزيد من الوحدات الاستيطانية في داخل مناطق الضفة الغربية.

وتعد هذه الإعلانات استمراراً للمنطلقات المنهجية التي يستخدمها الاحتلال لاستعمار واستيطان الأراضي الفلسطينية، فـ"ما قام به سابقاً أنه حجز مساحات من الأراضي عبر إعلانها محمية، ولم يستخدمها"، بحسب ما يؤكده مستشار رئيس "هيئة مقاومة الجدار والاستيطان" الفلسطينية، محمد إلياس، في حديث سابق مع "العربي الجديد".

وتحتل منطقة غور الأردن مكانة استراتيجية في النظريات الأمنية الإسرائيلية، التي ترى فيها الحدود الشرقية للاحتلال، وأعلنتها الحكومة الإسرائيلية "أفضلية قومية" بتخصيص الأموال الضخمة للمشاريع الاستيطانية، سواء كانت زراعية أو سياحية، وبناء المزيد من المستوطنات وتقليص الضرائب عنها.

المساهمون