يواجه الاتحاد العام التونسي للشغل ضغوطاً شديدة بسبب رفضه المشاركة في الحوار الوطني وفق المسار الذي رسمه الرئيس التونسي قيس سعيد بشكل أحادي، بلغت حد استهداف قياداته وشيطنتهم.
وقال الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نورالدين الطبوبي، في تصريح صحافي يوم الخميس، بمناسبة مؤتمر نقابي، إن المنظمة النقابية "أصبحت مستهدفة بشكل كبير بعد رفضها المشاركة في الحوار".
وبين الطبوبي أن الاتحاد "رفض المشاركة في حوار ذرّ الرماد على العيون"، معتبراً أن الحوار الوطني "مجرد حوار صوري كل مخرجاته حول النظام السياسي جاهزة مسبقاً" وأن "الاتحاد لن يذهب في الخيارات التي تعمق أزمة الشعب التونسي ولن يكون شاهد زور".
وطالب "حراك 25 يوليو" المساند لرئيس الجمهورية، خلال مؤتمر صحافي يوم الخميس، ''بمحاسبة الاتحاد العام التونسي للشغل بسبب توجهه لتنفيذ إضراب سياسي''، حسب تعبيرهم مؤكدين ''ضرورة التدقيق المالي في موارد الاتحاد" متهمين المنظمة بالفساد، ومعتبرين أن ''أمين عام الاتحاد غير شرعي بموجب قضيّة طعن في المؤتمر الأخير''.
وفي سياق متصل، قال رئيس جمعية القضاة أنس الحمادي، اليوم الخميس في ندوة صحافية، إن "من بين القضاة المعفيين، القاضية المتعهدة بقضية مؤتمر اتحاد الشغل، والتي رفضت طلب وزيرة العدل تعيين القضية في دائرة بعينها وبتاريخ محدد".
وبين الحمادي أن "السلطة التنفيذية تدخلت في عمل القضاء في عدد من القضايا تهم النواب والوزير السابق نورالدين البحيري"، مشدداً على أن" وزيرة العدل بصدد تنفيذ المشروع السياسي للرئيس سعيد".
وقال المحلل السياسي، نور الدين الغيلوفي، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "اتحاد الشغل مع بداية الانقلاب أعلن دعمه لـ25 يوليو باعتباره مساراً تصحيحاً كما سماه المنقلب، وبقيت العلاقة بين الاتحاد والسلطة في تراوح بين علو وانخفاض ولكنها ليست ثابتة، وسط روايات مختلفة حول سوء تفاهم أو علاقة متوترة بين سعيد والطبوبي".
وتابع الغيلوفي "بأن اتحاد الشغل منظمة وسيطة كبقية المؤسسات الوسيطة التي يرفضها سعيد، استناداً لمقولته في فكر البناء القاعدي على ضرورة أن يكون الحاكم متصلاً بالشعب رأساً فلا يحتاج إلى وسائط بينهما من قبيل الأحزاب والمنظمات والهيئات".
وأشار إلى أن "اتحاد الشغل قد سلط عليه في البداية سيف مكافحة الفساد من خلال ما يروج ويقال في شأنه من فساد مالي ومشاكل المؤتمر والامتيازات".
وشدد المحلل على أن "سعيد يحسب حسابا كبيرا للمنظمة الشغيلة فيمكن للاتحاد أن يشل البلاد بإضراب وطني عام، وللاتحاد امتداد جهوي ومحلي وحتى علاقات دولية، ولديه تأثيره على سياسيين".
وأكد المحلل السياسي أن "سعيد سيواجه اتحاد الشغل وسيضغط عليه وسيبتز قيادته وسيستعمل القضاء من خلال قضية المؤتمر الأخير التي لم تحسم قضائياً، كالدفع عبر القضاء لإبطال هذا المؤتمر"، مبيناً أن "هذا ما يفسر سبب وضع سعيد يده على القضاء ليوجهه ضد من يشاء".
وأضاف أن "الاتحاد يمكنه أن يقلب موازين القوى إذا انحاز إلى صف مقاومة الانقلاب، ولكن يمكن أيضاً أن يستعمله المنقلب كما فعل بن علي سابقاً، ويمكن أن يضغط أكثر على الاتحاد ويؤدي الأمر إلى خفض أجور الناس أو تمرير إجراءات ضد الشعب".
وقررت محكمة تونسية، عشية اليوم الخميس، تأجيل النظر في القضية المتعلقة بطلب إبطال أشغال المؤتمر الانتخابي للاتحاد العام التونسي للشغل إلى موعد لاحق، وذلك بسبب إضراب القضاة الذي دعت إليه جمعية القضاة التونسيين على امتداد هذا الأسبوع، والقابل للتمديد.
ويستعد الاتحاد العام التونسي للشغل لإضراب عام وطني في القطاع العمومي والمؤسسات الحكومية، الأسبوع القادم يوم 16 يونيو/حزيران الحالي.
وأعلن الاتحاد رفضه الإصلاحات والبرنامج الحكومي المقترح من حكومة نجلاء بودن، مؤكداً عدم مشاركته في هذه الخيارات.
من جانب آخر، أكّد الأمين العام المساعد بالاتحاد العام التونسي للشغل سامي الطاهري، أن "النقابيين يتوقعون كل السيناريوهات خاصة وأن السلطة جربت في السابق كل السيناريوهات كالاعتقالات وتنصيب قيادة موالية".
وقال الطاهري، خلال اجتماع نقابي بجامعة النسيج، إنّ النقابيين متهيؤون لكل الاحتمالات كالتشويه والافتراء والسجون''، مضيفاً ''نحن ندافع عن الحق ولا نخشى نتائج ممارستنا لقناعتنا''.
واعتبر أن "كل سلطة تعادي الاتحاد وتستعديه لأنها تعرف أنه القوة الاجتماعية التي ستقف ضد برامجها التي لا تخدم مصلحة العمال"، وفق قوله.