تدخلات تخفض التوتر في غزة... والهدوء الكامل رهن إنهاء الأزمات

21 اغسطس 2021
يمنع الاحتلال إدخال مواد البناء والإعمار إلى غزة (مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

أسهم التدخل المصري والقطري أخيراً، في دفع الأوضاع في قطاع غزة إلى الهدوء، ولو مؤقتاً، حتى استكمال تفكيك الأزمات كافة، بعد أن كانت الفصائل الفلسطينية تتجهز للتصعيد التدريجي ضد الاحتلال الإسرائيلي، في ظلّ تشديد الخناق والتضييق على الفلسطينيين في القطاع وعدم السماح بإدخال مواد البناء والإعمار.

وعادت الفصائل إلى الاتفاق على "خفض" التوتر وعدم الذهاب إلى التصعيد الحدودي، في ظلّ مؤشرات من الوسطاء والاحتلال على تغيير في السلوك الإسرائيلي تجاه أزمات غزة التي استجدت عقب الحرب الرابعة والتي انتهت بوقف هش لإطلاق النار في 21 مايو/أيار الماضي، وفق مصادر مطلعة تحدثت لـ"العربي الجديد".

وكانت الفصائل الفلسطينية تنوي بجدية أن تذهب لتصعيد حدودي يعيد مسيرات العودة وكسر الحصار إلى المشهد وما يتضمن ذلك من فعاليات مقاومة شعبية خشنة، كالبالونات الحارقة والإرباك الليلي على طول الحدود الشرقية مع الأراضي المحتلة، لكن تدخّلات مصرية وقطرية أدت لتعليق هذا الخيار مؤقتاً، على الرغم من أنه سيظلّ قائماً بالنسبة لحركة "حماس" المسيطرة على القطاع، والمطلوب منها العمل على حلّ أزماته وفك معاناة أكثر من مليوني فلسطيني يقطنون في البقعة الجغرافية الضيقة.

التحرك القطري نجح في فكفكة واحدة من أهم المشاكل التي كانت تعترض طريق الهدوء

وعلى الرغم من أنّ ملامح التحرك المصري الجديد الذي جاء بعد فترة من الغياب بالنسبة لغزة، غير واضح المعالم تماماً، بانتظار عرضه على حركة "حماس" والفصائل في لقاء متوقع في القاهرة قريباً، وفق مصادر "العربي الجديد"، إلا أنّ التحرك القطري نجح في فكفكة واحدة من أهم المشاكل التي كانت تعترض طريق الهدوء. إذ أصبحت مذكرة التفاهم القطرية مع الأمم المتحدة لصرف المنحة القطرية للأسر المتعففة في غزة واقعاً، بعد مماطلة إسرائيل ثلاثة أشهر في هذا الشأن، وذلك بعد توقيع هذه المذكرة من قبل رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي، أول من أمس الخميس، مع منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند.

وتتضمن مذكرة التفاهم آلية توزيع منحة المساعدات النقدية المقدمة من دولة قطر للأسر المتعففة في قطاع غزة، والتي تصرفها قطر منذ نحو 3 سنوات شهرياً لمائة ألف أسرة في القطاع المحاصر بواقع مائة دولار لكل أسرة.

من جهته، أعلن وزير الأمن الإسرائيلي بيني غانتس، أول من أمس الخميس، أن تل أبيب ستعتمد آلية جديدة لنقل أموال المنحة القطرية إلى العائلات المحتاجة في غزة. وقال غانتس في بيان صدر عن مكتبه: "سيتم تحويل المساعدات المالية لمئات الآلاف من سكان غزة من قبل الأمم المتحدة مباشرة إلى حساباتهم المصرفية في البنوك، بإشراف إسرائيل". وأضاف أنّ المحتاجين في قطاع غزة "سيتمكنون من استلام المساعدات المالية مباشرة".

وهذه المنحة، إلى جانب منحة أخرى لموظفي حكومة غزة المدنيين التي تديرها حركة "حماس"، والتي لم يجر الاتفاق عليها بعد، أضحت في السنوات الثلاث الأخيرة أحد عوامل الاستقرار، وفرصة حقيقية لتحريك الأسواق في غزة وضخ السيولة النقدية في هذه الأسواق المتعبة نتيجة للحصار والأزمات المتعددة التي أصابت القطاع حتى قبل الحرب الرابعة الأخيرة.

هجوم إعلامي إسرائيلي استهدف المستويين السياسي والأمني في دولة الاحتلال بسبب الموافقة على تمرير المنحة القطرية

وبالتزامن مع توقيع مذكرة التفاهم القطرية مع الأمم المتحدة لصرف منحة الفقراء، لوحظ هجوم إعلامي إسرائيلي استهدف المستويين السياسي والأمني في دولة الاحتلال بسبب الموافقة على تمرير المنحة، واعتُبر ذلك "إنجازاً" لحركة "حماس" وإخفاقاً جديداً لإسرائيل التي كانت تشترط قبل أي حلحلة لأزمات القطاع، حلّ ملف الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى الحركة.

ويبقى أمام الوسطاء ملفات معقدة أخرى لإنهاء التوتر وضمان الهدوء التام، تتمثل في البدء بإعادة إعمار ما دمرته الحرب الإسرائيلية الرابعة على القطاع وإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل اندلاع هذه الحرب.

ومن المقرر أنّ تقيم الفصائل الفلسطينية فعالية شعبية في مخيم "ملكة" شرقي مدينة غزة، مساء اليوم السبت، في ذكرى إحراق المسجد الأقصى (في 21 أغسطس/آب 1969)، ويعني ذلك أنّ الفعالية ستكون "مضبوطة" ولا تحتمل "الاشتباك" المباشر بين الناشطين الفلسطينيين والاحتلال على السلك الفاصل. وكانت الفصائل تنوي القيام بفعاليات موسعة، اليوم، على طول الحدود الشرقية للقطاع مع الأراضي المحتلة، مشابهة لفعاليات مسيرات العودة التي توقفت بعد التفاهمات وأزمة كورونا، لكنها عدلت عن ذلك واكتفت بفعالية موحدة شرقي مدينة غزة، في استجابة لطلبات من الوسيطين المصري والقطري.

المساهمون