تبنّى الرئيس الأميركي جو بايدن في مستهلّ زيارته لتل أبيب، الرواية الإسرائيلية لمجزرة المستشفى المعمداني في قطاع غزة، مساء أمس الثلاثاء، التي أدت إلى استشهاد وجرح المئات، قائلاً لرئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو: "حزنت وغضبت نتيجة الانفجار في المستشفى أمس، ووفقاً لما رأيت، يبدو أن الجانب الآخر هو الذي ارتكب الأمر، وليس أنتم".
وقال بايدن قبل بدء لقاء مغلق مع نتنياهو: "أتيت إلى هنا لأنني أردت أن يعرف العالم أننا مع إسرائيل"، متوجهاً إلى نتنياهو بالقول: "الأميركيون معكم"، مضيفاً: "سنتأكد أن لدى إسرائيل كل ما تحتاج إليه في ردها على الاعتداءات".
وإذ تحدث بايدن عن ارتكاب حركة "حماس" "فظائع في إسرائيل"، زعم أنها لا تمثل الشعب الفلسطيني بأكمله، وهي لطالما سبّبت له المعاناة، مشدداً في الوقت عينه على "ضرورة حماية المدنيين الفلسطينيين العالقين في غزة".
وردّ بايدن على سؤال أحد الصحافيين عن السبب الذي يجعله متأكداً من عدم مسؤولية إسرائيل عن القصف وتحميل طرف ثانٍ المسؤولية، بالقول: "البيانات التي عرضتها عليّ وزارة الدفاع".
إلى ذلك، قال بايدن إنه طرح "أسئلة صعبة" على نتنياهو خلال اجتماعهما اليوم في تل أبيب، حيث ناقشا أيضاً الاحتياجات الإنسانية والمساعدة الأمنية والمعلومات عن الأميركيين المفقودين.
وأضاف بايدن، في منشور على موقع "إكس": "طرحت أسئلة صعبة كصديق لإسرائيل، وسنواصل ردع أي طرف يريد توسيع هذا الصراع".
I spoke with Prime Minister Netanyahu regarding the situation on the ground, security assistance and humanitarian needs, and information on unaccounted Americans.
— President Biden (@POTUS) October 18, 2023
I asked tough questions as a friend of Israel. We will continue to deter any actor wanting to widen this conflict. pic.twitter.com/KJpX4eHD4A
بدوره، توجه نتنياهو بالشكر لبايدن لوقوفه بجانب إسرائيل دائماً، قائلاً: "هذه أول زيارة لرئيس أميركي لإسرائيل وهي في حالة حرب، وهذا ينمّ عن دعمكم ونحن شاكرون لكم"، متحدثاً عن "تعاون غير مسبوق مع الولايات المتحدة في هذه الحرب"، مضيفاً: "رسمتم بدعمكم إسرائيل خطاً بين الحضارة والهمجية".
وشدد نتنياهو على أن "على العالم أن يتّحد للانتصار على حماس كما اتّحد في الانتصار على داعش والنازية".
وفي تصريح مقتضب للصحافيين بعد لقائه نتنياهو، قال بايدن: "عقب الأعمال المروّعة التي يصعب تصوّرها، والتي ارتكبتها حماس، نجتمع هنا ونعبّر عن اتحادنا وتضامننا مع إسرائيل، ونؤكد أنكم لست وحدكم"، مضيفاً أنّ "الولايات المتحدة معكم في الدفاع عن حريتكم، ومن أجل إحقاق العدالة ودعم السلام دائماً"، متوجهاً لنتنياهو بالقول: "الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل بينما تدافع عن شعبك".
بدوره، أكد نتنياهو أن إسرائيل ستواصل العمل من أجل تحرير رهائنها، قائلاً إنّ "غزة ستكون نوعاً مختلفاً من الحرب، لأن حماس عدو من نوع مختلف"، مضيفاً: "معنوياتنا قوية وسننتصر".
واتهمت حركة "حماس" في بيان، اليوم، الولايات المتحدة الأميركية بأنها "شريك وداعم مباشر" لإسرائيل في قصفها الذي تشنّه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الحالي.
ورأت الحركة أن تبني الولايات المتحدة للرواية الإسرائيلية ما هو إلا "تأكيد على أن الإدارة الأميركية منحازة بشكل أعمى للاحتلال، وهي شريك وداعم مباشر لقادة الاحتلال في هذه المجازر".
وزعم الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، أنه لا يرى أي دليل على ضربة مباشرة على المستشفى المعمداني في قطاع غزة، مكرراً اتهامه لحركة الجهاد الإسلامي بالمسؤولية عن قصف المستشفى.
في المقابل، أكدت مصادر في حركة الجهاد الإسلامي، لـ"العربي الجديد"، اليوم الأربعاء، عدم صحة ادعاءات جيش الاحتلال الإسرائيلي حول استهداف المستشفى المعمداني في غزة.
وقالت المصادر، في أعقاب مؤتمر للمتحدث باسم جيش الاحتلال، إنّ الاحتلال يحاول الهروب من مسؤوليته عن المجزرة بعد الإدانات الدولية الواسعة المنددة، وأكدت أنّ الصاروخ الذي أصاب النازحين في المستشفى المعمداني يحمل رأساً متفجراً كبيراً لا تستخدمه "الجهاد الإسلامي" ولا فصائل المقاومة الأخرى.
ووصل بايدن إلى تل أبيب، في وقت سابق من اليوم، ضمن مسعى دبلوماسي لمنع توسع الحرب مع حركة "حماس" إلى صراع أكبر، وهو التحدي الذي أصبح أكثر صعوبة مع موجة الغضب الواسعة في المنطقة بعد مجزرة المستشفى المعمداني.
وفور وصوله إلى مطار بن غوريون في تل أبيب، عانق بايدن نتنياهو الذي كان في استقباله إلى جانب رئيس دولة الاحتلال إسحق هرتسوغ، قبل أن يتوجه للمشاركة في جلسة المجلس الوزاري المصغّر لشؤون الحرب (كابينت الحرب) الإسرائيلي.
وسبق أن شارك وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في وقت سابق من هذا الأسبوع في جلسة "كابينت الحرب".
Joe Biden arrives in occupied Palestine to express his support for the occupying Israeli regime in its ongoing genocide against the #Palestinian people. pic.twitter.com/xPiZYihe3H
— Quds News Network (@QudsNen) October 18, 2023
وتأتي زيارة الرئيس الأميركي في إطار الدعم اللامتناهي لإسرائيل في حربها على غزة، واتخاذ قرارات بشأن سير الحرب وتحديد مسارها.
ومن المنتظر أن يلتقي بايدن خلال زيارته عائلات قتلى وأسرى حرب إسرائيليين في عملية "طوفان الأقصى".
وسبق أن أعلنت شرطة الاحتلال الإسرائيلي نشر 1500 شرطي في مختلف المناطق وعلى محاور الطرق الرئيسية في إطار استعداداتها للزيارة.
وكان من المقرّر أن يزور بايدن الأردن أيضاً، حيث كان مقرراً أن يلتقي ملك الأردن عبد الله الثاني ونظيريه المصري عبد الفتاح السيسي والفلسطيني محمود عباس، لكن اجتماعاته مع القادة العرب ألغيت في أثناء مغادرته واشنطن.
وستكون محطة بايدن الوحيدة إسرائيل، حيث سيلتقي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو. وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي، للصحافيين على متن طائرة بايدن: "الرئيس يريد أن يعرف من الإسرائيليين عن الوضع على الأرض، وسيطرح بعض الأسئلة الصعبة". وأضاف: "سيسألهم باعتباره صديقاً".
وارتكب الاحتلال الإسرائيلي، مساء أمس الثلاثاء، إبادة جماعية في المستشفى الأهلي (المعمداني) في غزة، أدت إلى استشهاد قرابة 500 شخص وأوقعت مئات الجرحى من النازحين والمرضى، وسط مخاوف من ارتفاع حصيلة الضحايا، إذ قالت وزارة الصحة في غزة إنه لا يزال هناك مئات الضحايا تحت الأنقاض، إثر استهداف الاحتلال للمستشفى وسط غزة.
وقال بايدن في بيان إنه "غاضب ويشعر بحزن عميق بسبب انفجار المستشفى في غزة، وما نجم عنه من خسائر فادحة في الأرواح". وأضاف: "أمرت فريقي للأمن القومي بمواصلة جمع المعلومات حول ما حدث بالضبط".
وقال كيربي إن الأردن أعلن الحداد لمدة ثلاثة أيام بعد انفجار المستشفى، وإن بايدن تفهم هذه الخطوة، واتخذ مع العاهل الأردني "قراراً متبادلاً" بإلغاء القمة. وأضاف: "نحن متفائلون بأننا سنتمكن من إيصال بعض المساعدات الإنسانية".
وذكر أن بايدن ستتاح له الفرصة للتحدث مع الزعماء العرب هاتفياً لدى عودته إلى واشنطن.
(أسوشييتد برس، العربي الجديد)