أصدرت الحكومة الفرنسية، اليوم الأربعاء، قانوناً يسمح بإعادة الرفات البشرية وجماجم المقاومين الجزائريين المحفوظة في متحف الإنسان في باريس، بعد أن وافق البرلمان على هذا القرار.
وأزالت باريس، بموجب القانون الجديد، آخر مانع قانوني كان يعرقل تسليم رفات وجماجم المقاومين الجزائريين، بحجة أنها ملك وتراث للأمة الفرنسية، إذ يسمح القانون الجديد بإخراج الرفات البشرية في المتاحف والمنشآت الخاصة من دائرة الملك العام، بحيث يصبح ممكناً للحكومة التصرف فيها وتسليمها للدول التي تطالب بها لإعادة دفنها في مناطقها الأصلية، على غرار عشرات جماجم المقاومين الجزائريين الذين تطالب بهم الجزائر.
ومن شأن هذا القانون أن يسرع عملية تسليم ما بقي من جماجم ورفات المقاومين الجزائريين الذين يصل عددهم إلى أكثر من 500 جمجمة ورفات، بعد أن كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد تعهد منذ عام 2017 خلال زيارته للجزائر، بتسليم جماجم شهداء المقاومة الشعبية.
وتسلمت الجزائر في الرابع من يوليو/ تموز من عام 2020، دفعة أولى ضمت 24 من جماجم المقاومين الجزائريين وقادة المقاومة الشعبية، بينها جمجمة قائد المقاومة الشعبية بوبغلة مختار بن قويدر التيطراوي، وزعيم ثورة الزعاطشة في منطقة بسكرة جنوبيّ الجزائر الشيخ بوزيان، ومستشاره العسكري المصري موسى الدرقاوي، لكن جدلاً قانونياً رافق العملية في فرنسا، لأن الرئيس الفرنسي تصرّف حينها بصورة غير قانونية.
وينص القانون الجديد على أنه "يجوز إزالة الرفات البشرية، سواء كان جسداً كاملاً أو أحد عناصر جسد إنسان، من الملك العام"، على أن "تتم عملية الإزالة من الملك العام حصرياً للسماح بإعادة الرفات البشرية إلى الدولة لأغراض الدفن"، ويشترط القانون الجديد تقديم الدولة التي تخصها الجثامين طلب استرداد مجموعة بشرية تخصها، على أن تكون هذه البقايا البشرية المعنية رفات أشخاص فارقوا الحياة بعد عام 1500، ويجب أن تكون "ظروف جمعها تنتهك مبدأ كرامة الإنسان أو أن تتعارض مع احترام ثقافة وتقاليد هذه البلد".
والشهر الماضي، كانت اللجنة الجزائرية الفرنسية المشتركة لمعالجة قضايا التاريخ والذاكرة التي اجتمعت في قسنطينة شرقيّ الجزائر، قد اتفقت على تمكين الجزائر من استرجاع الجماجم المتبقية ومواصلة التعرف إلى الرفات الذي يعود إلى القرن التاسع عشر، وإحصاء مقابر الأسرى والسجناء الجزائريين الذين ماتوا في السجون في فرنسا، إضافة إلى كل الممتلكات التي ترمز إلى سيادة الدولة والخاصة بالأمير عبد القادر وقادة المقاومة.
وكُشف للمرة الأولى عن وجود جماجم تعود إلى المقاومين الجزائريين في متاحف فرنسية، من قبل الباحث الجزائري فريد بلقاضي في عام 2011، عندما كان يجري بحثاً حول قادة المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي في الجزائر، وفي عام 2016 بادر الباحث المتخصص في الفيزياء، والناشط في عدة منظمات دولية للدفاع عن فلسطين، إبراهيم سنوسي، إلى إطلاق عريضة إلكترونية ووقعها 300 ألف شخص، بينهم 16 من كبار المؤرخين الفرنسيين، يطالبون فيها السلطات الفرنسية بإرجاع الجماجم لدفنها في الجزائر، وفي 23 يونيو/ حزيران من عام 2016، عُقد أول اجتماع تنسيقي بين دبلوماسيين جزائريين وممثلين عن الخارجية الفرنسية لبحث هذا الموضوع.