انسحاب غانتس من الحكومة الإسرائيلية.. ماذا سيغيّر؟

10 يونيو 2024
بني غانتس خلال تقديم استقالته من حكومة الحرب الإسرائيلية، 9 يونيو 2024 (Getty)
+ الخط -
اظهر الملخص
- استقالة غانتس وآيزنكوت تركت حكومة نتنياهو بأغلبية في الكنيست، مما يسمح بمواصلة سياساتها دون تهديد بالحل، لكنها تعزز موقف المتطرفين وتعقد العلاقات الدولية.
- انسحاب غانتس يؤثر على الساحة الدولية بتقوية المتطرفين داخل الحكومة، مما يثير قلق الحلفاء ويعيد السياسة الإسرائيلية إلى الانقسامات والعزلة الدولية.
- الوضع الحالي يدخل إسرائيل في مرحلة جديدة من الصراع الداخلي والخارجي، مع تجدد التمرد ضد حكومة اليمين وزيادة الاحتجاجات المطالبة بانتخابات جديدة.

لا شيء يهدد بحلّ حكومة نتنياهو حالياً لأنها تختفظ بالأغلبية

سيمنح انسحاب غانتس الوزيرين بن غفير وسموتريتش مساحة أكبر للتحرّك

من شأن انسحاب غانتس التأثير على صورة إسرائيل في العالم

عادت الحكومة الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو، بعد انسحاب حزب المعسكر الرسمي بزعامة الوزير بيني غانتس من حكومة الطوارئ التي تشكّلت عقب الحرب على غزة، إلى نواتها الأصلية لدى ولادتها، حكومة يمينية بالكامل، على الأقل وفق الاعتبارات الإسرائيلية، فإزاء القضية الفلسطينية والحروب على الفلسطينيين وبعض القضايا الخارجية، قد تختلف الأقنعة أحياناً بين يسار ووسط ويمين، لكن الجوهر واحد تقريباً، والعقيدة لا تختلف كثيراً.

الحكومة الإسرائيلية.. هل تُحلّ؟

مع هذا قد تؤثر بعض العوامل في توجهات الحكومة الإسرائيلية في قضايا تخص الفلسطينيين وقضايا داخلية، وكذلك في نظرة العالم إليها، إذ شكّل غاتس وغادي آيزنكوت، غطاءً للحكومة أمام العالم، باعتبارهما "الصوت العقلاني" فيها، رغم مشاركتهما فعلياً بحرب الإبادة على قطاع غزة. لكن لا شيء يهدد بحلّ حكومة نتنياهو في الوقت الراهن، مع أغلبية 64 نائباً في الكنيست من أصل 120، فما يجمعهم أكثر مما يفرقهم. وسيمنح انسحاب غانتس وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش، مساحة أكبر للتحرّك داخل الحكومة، وممارسة ضغط أكبر على رئيسها بنيامين نتنياهو، في سبيل المضي في مخططاتهما التي لم تتوقف أصلاً، قبل الحرب وبعد اندلاعها.

وقالت صحيفة هآرتس، اليوم الاثنين: "يدرس نتنياهو حلّ مجلس الحرب بعد استقالة غانتس". ولا تمثل استقالة غانتس وآيزنكوت خطراً كبيراً على حكومة نتنياهو، فحزبهما لم يكن جزءاً من ائتلافه الحاكم، الذي يحتفظ بالأغلبية البرلمانية بـ64 نائباً، أي بزيادة ثلاثة نواب عن الحد الأدنى. لكن الاستقالة، ستترك مجلس الحرب، الذي تم تشكيله في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، دون تمثيل من أي حزب آخر غير "الليكود" (يمين) بزعامة نتنياهو. وتألف مجلس الحرب من الأعضاء نتنياهو وغانتس ووزير الأمن يوآف غالانت، بالإضافة إلى مراقبين هم وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر وآيزنكوت وزعيم حزب "شاس" أرييه درعي.

ومن شأن انسحاب بيني غانتس، التأثير على صورة إسرائيل في العالم وفق بعض التوقعات، وتعامل الحكومات والجهات المختلفة مع حكومتها. ويعتبر الكاتب والصحافي في صحيفة يديعوت أحرونوت ناحوم برنيع، أنّ غانتس وآيزنكوت أخطآ عندما لم يستقيلا قبل نحو ثلاثة أشهر، "عندما فقدت الحرب زخمها، وأحبط نتنياهو إطلاق المزيد من المحتجزين الإسرائيليين (في غزة)".

ويرى الكاتب أنّ نتنياهو كان عليه الاختيار أو الحسم بين اتجاهين مختلفين؛ أولهما استمرار الحرب في قطاع غزة وعلى الجبهة الشمالية "حتى تحقيق ما يُسمى النصر المطلق، واستمرار التحالف مع سموتريتش وبن غفير"، والاتجاه الثاني "وقف الحرب في غزة لمدة أربعة أشهر على الأقل، وإطلاق سراح المختطفين، واحتمال التوصّل إلى تسوية على الحدود مع لبنان، وتحالف إقليمي ضد إيران بقيادة الولايات المتحدة، واحتمال للتطبيع مع السعودية، وإعادة ترميم العلاقات الخارجية لإسرائيل، ولكن نتنياهو ذهب نحو الخيار الأول".

ويعتقد برنيع أنّ الانسحاب سيجعل من الصعب على نتنياهو التخاطب مع الحكومات الأجنبية، وخاصة مع الإدارة الأميركية، لأنه "فقد ورقة التوت التي غطت حكومته". وعلى الرغم من ثقة الكاتب بأنّ الجيش الإسرائيلي سيواصل مهامه، إلا أنّ التصدّعات التي بدأت في قوات الاحتياط، وكذلك في القوات النظامية، ستتسع أكثر. وخلص إلى أنّ حكومة اليمين الخالصة، تجدد أيامها، ولكن أيضاً التمرّد ضدها، وعلى رأسه صرخات عائلات المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة.

من جانبه، يركّز الصحافي والمعلق أمير تيفون، في صحيفة هآرتس، على علاقة العالم بحكومة نتنياهو بعد غانتس وآيزنكوت. ويكتب أنّ الدول الصديقة لإسرائيل تخشى أن انسحاب غانتس سيقوي المتطرفين في الحكومة، كما أنها قلقلة إزاء القرارات المستقبلية للحكومة، بشأن الخطوات المقبلة في الحرب، وكذلك مفاوضات الصفقة والأوضاع في الضفة الغربية.

وتنقل الصحيفة عن مصدر دبلوماسي غربي لم تسمّه، قوله "لا شك بأن جميع الحكومات التي تدعم إسرائيل تدرك بأنه سيكون من الصعب عليها أكثر الاستمرار في دعمكم". ويذكّر أحد الدبلوماسيين، في حديث مع الصحيفة، بأنّ وجود غانتس وآيزنكوت في مركز اتخاذ القرارات منذ الأسبوع الأول للحرب، ساهم في تصويت عدة دول إلى جانب إسرائيل في المنظمات والمؤسسات الدولية، وفي "التصدي لجزء من الضغوطات الدولية على إسرائيل، وإقناع دول مهمة في أوروبا بعدم تبني موقف أكثر صرامة ضدها"، في حين أن "جميع الحكومات المهمة في العالم الغربي لا تقيم أي علاقات مع الوزيرين في اليمين المتطرف سموتريتش وبن غفير، ومعظمها يمتعض جداً من رئيس الحكومة نتنياهو، والوزير المقرّب منه رون ديرمر".

أمّا الصحافية والمعلّقة السياسية في موقع والاه طال شيلو، فترى أن دولة إسرائيل استيقظت اليوم على مرحلة جديدة من الحرب، بحيث انتقل مقود القيادة إلى حكومة الـ 64 نائباً برئاسة بنيامين نتنياهو وشركائه المتطرفين. كما اعتبرت أنّ انسحاب غانتس يعيد الحلبة السياسية الإسرائيلية إلى الواقع الذي عاشته قبل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، ودفعت فيه الحكومة الإسرائيلية نحو هاوية التفريق، والانقسامات الداخلية، والعزلة الدولية، وإن كانت استمرت بالقيام بذلك، حتى خلال وجود غانتس وآيزنكوت فيها.

وترى بدورها أنّ "نتنياهو اختار دائماً بن غفير وسموتريتش في مختلف المفترقات التي كان يتوجب عليه الاختيار فيها، بينهما من جهة، وبين غانتس وآيزنكوت في الجهة المقابلة، سواء في أزمة قانون التجنيد، أو ميزانية الحرب، أو مناقشات "اليوم التالي" للحرب، أو مفاوضات تحرير المحتجزين الإسرائيليين المتواجدين في غزة. كما أن حكومة نتنياهو حتى في فترة غانتس وآيزنكوت، دأبت على إضعاف السلطة الفلسطينية والمواجهة مع البيت الأبيض".

ويشار في السياق، إلى أن انسحاب غانتس من الحكومة قد يُكسب الاحتجاجات المناهضة لها زخماً أكبر، ومعها المطالبة بالتوجه إلى انتخابات جديدة.