الهولندي مارك روته يتجه إلى أمانة الناتو.. ما علاقة ترامب؟

24 فبراير 2024
يعرف رئيس الوزراء الهولندي روته ترامب حق المعرفة (Getty)
+ الخط -

بعد 13 عاماً في رئاسة حكومات هولندا المتعاقبة، يبدو الهولندي الليبرالي مارك روته سائراً إلى خلافة النرويجي ينس ستولتنبرغ (يغادر مطلع الخريف القادم)، في الأمانة العامة لحلف شمال الأطلسي (ناتو). ذلك على الأقل ما يشير إليه ترشيحه من أكبر دول الحلف الغربي، أميركا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، ودعم دول أخرى في أوروبا.

بالطبع يمكن لبعض دول "الأطلسي" رفض روته، كما هو متوقع في الحالة التركية، التي عاشت فترات توتر في علاقاتها بأمستردام في عهده. فالوصول إلى المنصب يتطلب إجماع الدول الأعضاء الـ31 (وبتصديق المجر الاثنين القادم على عضوية السويد يصبح الحلف 32 دولة). ويمكن حتى بداية مراسم خروج ستولتنبرغ أن تذلل عقبات اعتراض تركي، أو غيره في داخل الحلف المتوجس من احتمالية عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. وعلى سيرة ترامب، وربما لأجل تلك الأسباب، من بين غيرها، يجري الحديث عن ترشيح مارك روته.

فروته يعرف ترامب حق المعرفة، وهو الذي صرح أثناء مؤتمر ميونخ للأمن السبت الماضي، وبعد تصريحات قديمة-جديدة لترامب، عن عدم الاستعداد الأميركي للدفاع عن الدول التي لا تنفق على الدفاع 2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي، بأنه على أوروبا "التوقف عن الشكوى والأنين والتذمر" بشأن ترامب، وبدلاً من ذلك أكد أنه "يجب التركيز على ما يمكن فعله لأوكرانيا في الحرب ضد روسيا"، مشدداً على أنه "يجب العمل مع أي شخص في الحلبة".

بالنسبة لمعظم دول الناتو، يعتبر روته، الخيار المفضل للحلف في مواجهة ما قد تسفر عنه الانتخابات الأميركية مع نهاية العام الحالي. في يوليو/ تموز 2018 عُرف بأنه من أعاد دبوس الأمان إلى قنبلة دونالد ترامب، قبل أن تنفجر وتنسف "الأطلسي" معها، بعد أن همس بشيء في أذن الأميركي المزاجي، فصار يكنى بـ"الهامس لترامب".

بالنسبة لمعظم دول الناتو، يعتبر روته، الخيار المفضل للحلف في مواجهة ما قد تسفر عنه الانتخابات الأميركية مع نهاية العام الحالي

حينها كانت صاعقة ترامب الأقوى تضرب قمة الحلف في بروكسل. فتح ترامب نقاشاً عن جورجيا وأوكرانيا وعلاقتهما بالأطلسي، وخطب بزملائه خطبة عنيفة، وبأن أميركا ستمضي في طريقها الخاص، إن لم تبدأ الدول الأخرى إنفاق المزيد من الأموال على جيوشها. انسحب قادة الدول الأوروبية من القاعة غاضبين حينها، وهم كل من ستولتنبرغ والمستشارة السابقة لألمانيا أنغيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

ووفقاً لصحيفة "بوليتيكو" الأميركية، التي نقلت الحادثة أول من أمس الخميس عن مسؤول هولندي، فإن أمين عام الحلف ستولتنبرغ والقادة الغربيين الآخرين لم يستطيعوا نزع فتيل التفجير، بل من فعلها هو الهولندي مارك روته.

مارك روته.. دون مشروع سياسي

وعلى ما يظهر فإن مارك روته، الرجل الأعزب الهادئ، طويل القامة، البالغ من العمر 57 سنة، والمعروف بنظارته الرفيعة وقيادة دراجته الهوائية من منزله قرب البرلمان في لاهاي، خريج التاريخ الهولندي من جامعة لايدن 1992، وبخبرة قيادته لحزب "الشعب الليبرالي للحرية والديمقراطية"، ورئاسة حكومة بلده منذ 2010، بألوان طيفها المختلفة، هو خيار مفضل لأغلبية الأوروبيين، كونه دخل في السياسة الهولندية في صيغ تعاون مع مختلف المعسكرات التي يأتي منها قادة دول القارة، إضافة إلى معرفته الجيدة بالأميركيين.

ولا تقل حماسة روته في دعم الأوكرانيين في وجه الغزو الروسي المستمر منذ عامين عن الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن، ولا عن المستشار الألماني أولاف شولتز وفي كوبنهاغن ميتا فريدركسن. فالحرب تعتبر الشغل الشاغل لمن سيخلف ستولتنبرغ، خصوصاً بتوقعات الغربيين أنفسهم عن استمرار الحرب الأوكرانية لفترة أخرى من الزمن.

لا تقل حماسة روته في دعم الأوكرانيين في وجه الغزو الروسي المستمر منذ عامين عن الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن

وبرغم أنه يوصف بأنه "شعبي ومرح ويسهل الانسجام معه" ومرن في مجال السياسة، وقادر على تقديم تنازلات وانتزاعها، بما في ذلك قدرته على إقناع اليسار واليمين العمل تحت قيادته طوال أكثر من 13 عاماً، إلا أن الليبرالي روته لا يُعرف له مشروع سياسي أو أيدلولوجي خلال سنوات حكمه.

تذكر وسائل إعلام بلده، هولندا، أن الرجل المرح "بكى للمرة الأولى رئيس حكومة" إثر سقوط لطائرة الماليزية MH17 فوق الأراضي الأوكرانية، بصاروخ روسي، بعد أن أقلعت من أمستردام، وهي الحادثة التي قضى فيها 298 شخصاً، لتدخل منذ ذلك الحين علاقته مع موسكو بتوتر دائم.

وعليه لم يكن غريباً أن تكون هولندا واحدة من الدول الأكثر حماسة لدعم الأوكرانيين، بما في ذلك طائرات إف 16 وتدريب الطيارين الأوكرانيين عليها. وموقف روته من الحرب الأوكرانية هو موقف متشدد مع روسيا.

 وربما الموقف الأوروبي من روسيا سيكون أحد تحديات العلاقة بين حليفي ضفتي الأطلسي، أميركا والاتحاد الأوروبي، في حال عودة ترامب، ليظهر روته مهارته فيها لأجل أن لا يعود شبح القنابل والانشغال في إرجاع إبرة الصاعق إليها، كما شهدت الفترة السابقة من عهد ترامب، الذي لم يخف تعامله مع الأوروبيين بكثير من "الاستعلائية"، التي عاد بايدن إلى تصحيحها. ومتسلحاً بزيادة الإنفاق الدفاعي الأوروبي، خلال العامين الماضيين على وجه الخصوص، يمكن لروته أن يخفف من تشنج علاقة القارة في حال تحول واشنطن إلى الترامبية مع مطلع العام القادم.

 

 

المساهمون