المغرب وموريتانيا: مزيد من التعاون لمواجهة التحديات الأمنية

27 سبتمبر 2022
مراقبون: اتصال الملك المغربي بالغزواني انعطافة جديدة في العلاقات (Getty)
+ الخط -

بحث مسؤولون أمنيون في المغرب وموريتانيا، الثلاثاء، في الرباط، سبل "الارتقاء بالتعاون الأمني بين البلدين الجارين وتنويع مجالاته، بما يضمن تضافر الجهود وتنسيقها لمواجهة التحديات الأمنية التي يفرضها المحيط الإقليمي المشترك.

جاء ذلك خلال استقبال المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني عبد اللطيف حموشي، اليوم الثلاثاء، المدير العام للأمن الوطني الموريتاني مسغارو ولد سيدي لغويزي، الذي يقوم بزيارة عمل للمغرب على رأس وفد أمني مهم.

وأعلنت المديرية العامة للأمن الوطني أن مباحثات حموشي مع نظيره الموريتاني "انصبت على استعراض أشكال ومستويات التعاون الثنائي في الميدان الأمني، ودراسة الآليات الكفيلة بالارتقاء بهذا التعاون وتنويع مجالاته، بما يضمن تضافر الجهود وتنسيقها لمواجهة التحديات الأمنية التي يفرضها المحيط الإقليمي المشترك".

كما تدارس الطرفان كذلك، وفق بيان صادر عن المديرية العامة للأمن الوطني، أهمية تعزيز التعاون في مجال التكوين الشرطي، و"تبادل التجارب والخبرات والممارسات الفضلى في الميدان الأمني، فضلاً عن تبادل المعلومات، بما يسمح بمكافحة مختلف التهديدات والمخاطر التي تحدق بأمن البلدين وبسلامة مواطنيهما".

وقالت المديرية العامة إن اللقاء "شكل كذلك فرصة للمديرين المركزيين في المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني للاجتماع مع نظرائهم في المديرية العامة للأمن الوطني بالجمهورية الموريتانية، لدراسة التعاون العملياتي والمساعدة التقنية في مختلف المجالات والتخصصات الأمنية ذات الاهتمام المشترك".

إلى ذلك، اعتبرت المديرية العامة أن اللقاء "يعبر عن الأهمية البالغة التي يحظى بها التعاون الثنائي المغربي الموريتاني في المجال الأمني، لكونه يشكل نموذجاً فعالاً ومنتظماً للتعاون جنوب- جنوب، خصوصاً أنه يأتي في أعقاب زيارة مماثلة للمملكة المغربية كانت في سنة 2020، كما أنه يترجم العزم الراسخ والأكيد لمواجهة التحديات والمخاطر الأمنية من منظور مشترك".

انعطافة جديدة في العلاقات 

وشهدت العلاقات المغربية الموريتانية طوال العقد الماضي، وحتى مع وصول الرئيس الموريتاني الجديد إلى السلطة، حالة من الفتور والتوتر بسبب ارتباطات جبهة "البوليساريو" بالنظام والقوى السياسية في هذا البلد، غير أن إعلان الملك محمد السادس، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، استعداده لزيارة نواكشوط، اعتبر من قبل مراقبين انعطافة جديدة في العلاقات، ومدخلاً لتقارب بين الرباط ونواكشوط. 

ويرى المراقبون أن اتصال العاهل المغربي بالرئيس الموريتاني "سيكون له أثر إيجابي على النزاع في الصحراء، وكذا على انعكاسات التوتر الصامت بين البلدين، رغم تأكيد الجانب المغربي، منذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الرئاسة، على ألا تكون العلاقة مع موريتانيا علاقة عادية، بل علاقة استثنائية، بحكم ما يميزها من تاريخ ووشائج إنسانية وجوار جغرافي".

وبحسب مراقبين، فإن المغرب يراهن على خروج نواكشوط من حيادها، وعلى تعديلها الكفة المائلة نحو الجبهة الانفصالية والجزائر، وإدارتها قليلاً نحو الرباط، التي ترغب في "علاقات استثنائية" مع الجارة الجنوبية، على أسس واقعية وعملية، يكون الجانب الاقتصادي القاطرة المحركة لها.

وبدا لافتاً توجه الرباط ونواكشوط نحو طي صفحة الخلافات في عهد الرئيس السابق محمد ولد عبد العزيز، خلال أشغال الدورة الثامنة للجنة العليا المشتركة المغربية - الموريتانية، التي ترأسها رئيس الحكومة المغربي عزيز أخنوش، والوزير الأول الموريتاني محمد ولد بلال مسعود، في 11 مارس/ آذار الماضي بالرباط، وتُوجت بالتوقيع على 13 اتفاقية تعاون ومذكرة تفاهم، من بينها مذكرة تفاهم في ميدان التعاون الأمني بين المديرية العامة للأمن الوطني والإدارة العامة للأمن الوطني بموريتانيا.

وتهدف مذكرة التفاهم، التي وقّعها مدير الشرطة القضائية بالمديرية العامة للأمن الوطني، محمد الدخيسي، ومدير الشرطة القضائية بالإدارة العامة للأمن الوطني الموريتانية، عبد الله ولد مبارك، إلى تطوير علاقات التعاون الأمني بين البلدين، لا سيما في مجالات الوقاية والمكافحة الفعالة للجرائم، وخصوصاً ما يتعلق بالجرائم المنظمة، والعصابات الإجرامية الكبرى، والإرهاب، والجرائم المرتبطة بالمخدرات، والاتجار غير المشروع بالأسلحة، وكذلك المساعدة في الدخول والعبور والإقامة غير النظامية.

كما عكست الزيارة التي قام بها قائد أركان الجيش الموريتاني المختار بول شعبان، في 25 مايو/ أيار الماضي، إلى الرباط، مدى التقارب الأمني والعسكري بين المغرب وموريتانيا، وهو تعاون عززته التحديات التي تواجهها المنطقة.

ويرى مراقبون مغاربة أن التعاون العسكري والأمني بين نواكشوط والرباط يأتي ترجمة للديناميكية التي تعرفها علاقات التعاون الثنائي في السنوات الأخيرة، وذلك من خلال رفع وتيرة تبادل الزيارات والخبرات والاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية التي جرى توقيعها خلال المرحلة السابقة، كما تدفع التحديات الأمنية التي تواجهها المنطقة البلدين إلى العمل على تكريس مزيد من التقارب.

المساهمون