قال مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، إن التوترات الإقليمية والتصعيد المتعلق بالحرب على غزة، وخصوصاً في البحر الأحمر، أدت إلى تباطؤ وتيرة جهود السلام في اليمن.
وشدد غروندبرغ خلال إحاطة دورية له أمام مجلس الأمن الدولي حول الوضع في اليمن، على أنه لا يمكن فصل جهود الوساطة عمّا يحدث إقليمياً، مضيفاً أن "ما يحدث يؤثر في اليمن، وما يحدث في اليمن يمكن أن يؤثر في المنطقة".
وعبّر غروندبرغ عن قلقه من التطورات على الأرض في اليمن، بما فيها هجمات جماعة الحوثيين المتكررة على السفن في البحر الأحمر، وردود أميركا وبريطانيا التي استهدفت عدة مواقع في محافظات يمنية.
وأضاف: "في الأيام المقبلة، وردًا أيضًا على الأعمال العسكرية التي يقوم بها أنصار الله في البحر الأحمر، من المتوقع أن تصنّف الولايات المتحدة الجماعة كجماعة إرهابية بتصنيف خاص"، داعياً إلى ضرورة أن "تبقى قنوات الاتصال مفتوحة، وأن تظل جميع الجهات الفاعلة منخرطة" في مفاوضات السلام.
وأشار المبعوث الأممي إلى إحراز تقدم في الوساطة خلال السنتين الماضيتين وهدوء نسبي على طول الخطوط الأمامية. وقال: "واصلت الجهات الفاعلة الرئيسية المفاوضات من أجل إنهاء الصراع في اليمن. في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2023، التزم الطرفان وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، واتخاذ تدابير لتحسين الظروف المعيشية، واستئناف العملية السياسية اليمنية الداخلية. كذلك التزما العمل مع مكتبي لتفعيل هذه الالتزامات من خلال اتفاق خريطة الطريق للأمم المتحدة".
وحذر في الوقت ذاته من انعكاس التطورات الإقليمية سلباً على ذلك التقدم الذي أُحرِز، قائلاً: "بينما يُسلَّط الضوء على البحر الأحمر، أود أيضًا أن ألفت انتباهكم إلى التطورات المثيرة للقلق داخل اليمن... على طول العديد من الخطوط الأمامية، مع تقارير عن اشتباكات وتعبئة وسقوط ضحايا، بما في ذلك في شبوة والجوف ومأرب وصعدة وتعز. كذلك أشعر بالقلق إزاء التصريحات والتهديدات المتزايدة بالعودة إلى القتال".
وحدد غروندبرغ ثلاث نقاط "يجب أن تحدث" على المدى القريب "لخلق مخرج لهذه الدورة التصعيدية الخطيرة"، وهي تراجع التصعيد الإقليمي وتوقف الأطراف اليمنية عن "الاستفزازات العلنية" والامتناع عن "الانتهازية العسكرية داخل اليمن في هذه المرحلة الدقيقة".
وحثّ المسؤول الأممي الأطراف اليمنية على "إعادة التركيز على حماية التقدم الذي أُحرِز حتى الآن نحو التوصل إلى اتفاق"، لافتاً الانتباه إلى عدد من الأمور في هذا السياق، بما فيها "الحاجة الملحّة في اليمن لوقف إطلاق نار على مستوى البلاد، ودفع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق والموانئ والمطارات، وإعادة الإعمار وغيرها من العناصر التي كانت قيد التفاوض".
وتوقف عند ضرورة انخراط "الأطراف في هياكل حوار مستدامة تحت رعاية الأمم المتحدة لتحقيق هذه التدابير ومعالجة الأولويات الأخرى". وقال إن مكتبه أشرك الطرفين بشأن تفاصيل آلية وقف إطلاق النار التي من شأنها أن تجمعهما معاً، بناءً على لجنة التنسيق العسكرية التي أُنشئت خلال الهدنة، مضيفاً: "نواصل الاستعداد لإنشاء لجنة اقتصادية مشتركة بتيسير من الأمم المتحدة لدعم تنفيذ التدابير الاقتصادية المتفق عليها والتفاوض على أولويات أخرى قصيرة وطويلة الأجل".
من جهتها، وصفت مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، إيديم ووسورنو، الاحتياجات الإنسانية في اليمن بـ"الهائلة." وأعطت المسؤولة الأممية مثالاً على ذلك "حيث سيحتاج أكثر من 18 مليون يمني، أي أكثر من نصف السكان، إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية خلال العام الحالي. ونتوقع أن يعاني 17.6 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي الشديد وسيحتاج ما يقدَّر بنحو 2.7 مليون امرأة و5 ملايين طفل دون سنّ الخامسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد".
وحذرت ووسورنو من استمرار تدهور الأوضاع إن لم تُعطَ الأولوية والاهتمام الكافي لمعالجة ذلك.
وعن مستوى التمويل لصندوق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية، قالت: "في عام 2023، تلقينا 40% فقط من إجمالي التمويل المطلوب في إطار خطة الاستجابة الإنسانية، أي 1.72 مليار دولار من أصل 4.3 مليارات دولار المطلوبة".
وأشارت إلى تغييرات في خطة الاستجابة لهذا العام، بحيث تركز على أولويات محددة، موضحة أنها جاءت بعد مشاورات "على مستوى المنطقة مع السلطات المحلية والجهات الفاعلة الإنسانية والإنمائية، والأهم من ذلك، الأشخاص المتضررون... وتتماشى مع جهود التنمية".
وأضافت أن النداء الإنساني لهذا العام يتطلب 2.7 مليار دولار للوصول إلى 11.2 مليون شخص في جميع أنحاء اليمن، محذرة من أنه إن لم تحصل الأمم المتحدة، وتحديداً برنامج الأغذية العالمي، على الموارد الكافية "قد نشهد تدهوراً حاداً في وضع الأمن الغذائي في بعض المناطق في الأشهر المقبلة. سيواجه 2.4 مليون طفل و900 ألف امرأة مخاطر متزايدة للإصابة بالأمراض والوفيات بسبب المضاعفات المرتبطة بسوء التغذية".
واشنطن تنفي تأجيل سريان تصنيف الحوثيين على قائمة الإرهاب
إلى ذلك، نفى نائب السفيرة الأميركية، روبرت وود، خلال مداخلته أمام مجلس الأمن تأجيل سريان قرار تصنيف الحوثيين ضمن الجماعات الإرهابية.
وقال وود إن الولايات المتحدة "كانت قد أعلنت الشهر الماضي (17 يناير) وضع جماعة أنصار الله في قائمة الجماعات الإرهابية بتصنيف خاص"، على أن يدخل القرار حيّز التنفيذ في 16 فبراير/شباط الجاري، أي يوم غد الجمعة.
ولفت المسؤول الأميركي الانتباه إلى أن الولايات المتحدة، باعتبارها "أكبر جهة مانحة للمساعدات الإنسانية" لليمن، "قمنا بتأخير تاريخ سريان التصنيف للتشاور مع أصحاب المصلحة بشأن تقليل التأثير الذي قد تحدثه هذه الإجراءات على الوضع الإنساني".
ودافع نائب السفيرة الأميركية عن الهجمات التي تشنّها بلاده على أهداف لجماعة الحوثيين، معتبراً إنها تأتي في سياق "الدفاع عن النفس، ورداً على هجمات الجماعة على السفن البحرية الأميركية".
وطالب الحوثيين بالإفراج عن طاقم سفينة "غالكسي ليدر" المحتجز في اليمن، متهماً إيران بدعم الجماعة وتزويدها بالأسلحة.
من جانبهما، هاجم مندوبا الصين وروسيا الولايات المتحدة والتصعيد المستمر في البحر الأحمر بما فيه العمليات العسكرية الأميركية والبريطانية ضد الحوثيين.
ودعا مندوب الصين تسانغ يون، جماعة الحوثيين إلى "الكفّ عن الاعتداء على السفن التجارية"، مؤكداً في الوقت ذاته "أن مجلس الأمن لم يسمح لأي بلد باستخدام القوة ضد اليمن، ولا يحق لأي بلد أن ينتهك القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن وأن يسبّب توترات جديدة"، مشيراً إلى أن الحرب في غزة تلقي بظلالها على بقية المنطقة، بما فيها اليمن.