رفض مجلس الشيوخ الأميركي مشروع القانون الذي قدمه السيناتور الجمهوري، راند بول، الذي يدعو إلى سحب القوات الأميركية من سورية، وذلك في تصويت أجري، أمس الخميس، إذ صوّت 84 عضواً ضد المشروع، فيما صوّت 13 عضواً فقط لمصلحته.
ويرتكز مشروع القانون الذي قدمه السيناتور بول إلى قرار سلطات الحرب، مُلزِماً إدارة الرئيس جو بايدن بسحب الجيش الأميركي من الأعمال العدائية، إلا في حالة إصدار الكونغرس إعلاناً رسمياً بالحرب.
قبل التصويت على المشروع، أصدر زعيم الجمهوريين في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، بيانًا حذر فيه من أن تبني هذا القرار سيكون "هدية لإيران وشبكتها الإرهابية". وأكد أن انسحاب القوات الأميركية من الشرق الأوسط يُحقق ما تصبو إليه إيران ومليشياتها.
ماكونيل رأى أن هذا الإجراء سيؤدي إلى تدمير مصداقية الولايات المتحدة في المنطقة، مشيرًا إلى أن مشروع القانون "يشجع وكلاء إيران على فتح جبهة شمالية في الحرب الإقليمية ضد إسرائيل، ويشجع أعداء الولايات المتحدة على تحدي وجودها العسكري في مختلف أنحاء العالم".
وفي تعليقه على مشروعه، قال السيناتور بول قبل التصويت إن قوات بلاده في سورية، "التي تبلغ 900 جندي، لا تمتلك مهمة قابلة للتحقيق، ورؤيته لا ترى في وجودهم مبرراً واضحاً". ورغم ذلك، أشار إلى استمرار وجودهم في سورية.
يأتي هذا الرفض في سياق استمرار الهجمات التي تشنها جماعات مرتبطة بإيران على القوات الأميركية في سورية والعراق، مما يثير مخاوف من تصاعد التوترات في المنطقة.
من جهته، أعرب السفير الأميركي السابق في سورية، روبرت فورد، عن تأييده للقانون الذي يسعى لسحب القوات الأميركية من سورية. وأكد فورد أن "السبب الحقيقي وراء وجود الولايات المتحدة في سورية، والذي لم يُعلن بشكل رسمي، هو منع إيران من استخدام الطريق القادم من العراق إلى سورية".
وتأتي هذه التصريحات في سياق محاولات عدة لسحب القوات الأميركية من سورية، والتي واجهت رفضاً من مجلس النواب الأميركي في مارس/آذار الماضي، عندما رُفِض مشروع قرار قدمه السيناتور مات غايتس والذي كان يتضمن أيضاً سحب القوات الأميركية من سورية في غضون 6 أشهر.
وفي ذلك السياق، حذر المعارضون للسحب من أنه قد يؤدي إلى إعادة تنظيم "داعش"، معتبرين أن استمرار وجود القوات الأميركية ضروري لمواجهة الخطر المحتمل. ويأتي مشروع القرار الجديد بعد سلسلة من الهجمات التي شنتها جماعات مرتبطة بإيران، استهدفت القوات الأميركية في سورية والعراق، في سياق تصاعد التوترات المرتبطة بالحرب الإسرائيلية على غزة.
وأعلنت القيادة المركزية الأميركية أمس الخميس حصيلة العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش" في سورية والعراق، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. وذكر البيان الذي أصدرته القيادة المركزية أنها نفذت، إلى جانب الشركاء الآخرين، 40 عملية ضد تنظيم "داعش" خلال هذا الشهر.
وتمثلت هذه العمليات في مقتل 4 من أفراد التنظيم واعتقال 33 آخرين. وأكد البيان أن هذه الجهود تعكس التزام القيادة المركزية الأميركية بالقضاء الدائم على "داعش" وضرورة استمرار الجهود العسكرية المستهدفة لمنع التنظيم من تنفيذ هجمات إضافية.
وأبرز البيان أهمية هذه العمليات في تعطيل خلايا التنظيم، مشيراً إلى أن إحدى هذه الخلايا كانت تخطط لهجمات ضد سجون في سورية بهدف تحرير سجناء "داعش" المحتجزين هناك، بالإضافة إلى اكتشاف زنزانة تحتوي على حزام ناسف.
وتأتي هذه الأحداث في سياق استمرار الهجمات على القوات الأميركية في سورية والعراق، حيث أعلن الجيش الأميركي أن هذه المجموعات نفذت ما لا يقل عن 76 هجومًا على القوات الأميركية في كل من البلدين، وذلك منذ بدء الحرب الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتعتبر العمليات العسكرية في المنطقة محل خلاف، حيث يرى بعض المعارضين أن وجود القوات الأميركية في سورية غير مبرر وأنه يجب على الولايات المتحدة الالتزام بتفويضات صادرة عن الكونغرس، فيما تشدد الولايات المتحدة على أهمية تلك الجهود للحد من تهديد "داعش".
وتقوم الولايات المتحدة بنشر نحو 900 جندي في سورية، حيث يكون الهدف المعلن هو محاربة تنظيم "داعش" ودعم "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وفقاً لتصريحات المسؤولين. يأتي هذا في إطار الالتزام الأميركي بالقضاء على التنظيم ودعم الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار في المنطقة.