الغموض يكتنف المشهد اليمني بعد خطط خليجية لدعوة الحوثيين إلى الرياض

15 مارس 2022
خلال استقبال الرئيس اليمني لأمين عام مجلس التعاون الخليجي (وكالة سبأ/تويتر)
+ الخط -

اكتنف الغموض المشهد السياسي اليمني وعملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة، عقب الكشف عن خطط لمجلس التعاون الخليجي، ينوي فيها دعوة جماعة الحوثي وأطراف يمنية أخرى لإجراء مشاورات في العاصمة السعودية الرياض أواخر الشهر الجاري. 

وكانت وكالة رويترز، قد نقلت، الثلاثاء، عن مسؤولين خليجيين، قولهما: "إن دعوات رسمية ستُرسل في غضون أيام، لإجراء محادثات تتناول الجوانب العسكرية والسياسية والاقتصادية، وأن المحادثات ستُجرى من 29 مارس/آذار إلى 7 إبريل/نيسان في الرياض في حال وافق الحوثيون". 

وأثارت التسريبات الكثير من علامات الاستفهام في الأوساط اليمنية، ففي حين تعامل البعض مع ما تناقلته وكالات الأنباء بنوع من الجدية، أشار البعض الآخر إلى أن ما يجري مجرد مناورة سياسية. 

وأكدت مصادر متطابقة لـ"العربي الجديد"، أن الهدف الأساسي الذي تخطط له الرياض ومجلس التعاون الخليجي هو إعادة ترتيب البيت الداخلي للحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، أسوة بمؤتمر الرياض الذي عُقد في العام 2015. 

وتتعزز هذه الرواية، في عدم امتلاك الأمم المتحدة أية معلومات حول المشاورات التي يخطط لها مجلس التعاون الخليجي، وحسب مصدر مطلع على مفاوضات السلام لـ"العربي الجديد"، فإنه حتى لو اجتمعت كافة الأطراف بالرياض بمن فيهم الحوثيون، فإن ذلك لا يخص مكتب المبعوث الأممي. 

تقارير عربية
التحديثات الحية

 ويبدو كل شيء مرهونا بالتعاطي الحوثي مع العرض الخليجي، رغم أن كل المؤشرات تقول إن الجماعة لن تقبل الحضور إلى الرياض، وخصوصا أن الدعوة لهكذا لقاء تأتي عبر وسائل الإعلام وليس بشكل رسمي. 

وتعتقد كبيرة الباحثين في مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، ميساء شجاع الدين، أن الحوثيين لن يقبلوا العرض والسعودية تبدو مدركة لذلك، وتقول إن الهدف الواضح هو إعادة إصلاح منظومة الحكومة "الشرعية" بما يفضي إلى مشاركة أوسع من المحاصصة في الحكومة ليشمل سلطات الرئيس عبدربه منصور هادي. 

وفيما رجحت أن تكون دعوة الحوثيين لرفع الحرج أمام المجتمع الدولي ومقدمة لتصعيد عسكري محتمل، قالت شجاع الدين لـ"العربي الجديد"، إن اللافت بالدعوة أنها قُدمت عبر مجلس التعاون الخليجي لإضفاء ثقل إقليمي عليها كمنظومة وليست من طرف الرياض فقط، وهو ما يطرح تساؤلا حول مدى التنسيق بين السعودية وسلطنة عمان حول هذه المسألة، نظرا للعلاقة التي تربط مسقط بالحوثيين. 

وأضافت: "لو أن مسألة تواجد الحوثيين تهم مجلس التعاون، كان من الطبيعي أن يكون الترتيب للمشاورات بشكل أفضل من تسريب الدعوة عبر وسائل الإعلام". 

وبالفعل، لمّح القيادي الحوثي البارز محمد علي الحوثي، مساء الثلاثاء، إلى رفض ضمني للذهاب إلى الرياض، وقال في تغريدة على تويتر، إن "ما يثار في الإعلام عن دعوة المجلس الخليجي للحوار، هي في الواقع دعوة الرياض، والرياض طرف في الحرب وليست وسيطا". 

وهذا هو أول رد فعل من قيادي في الصف الأول بالجماعة، لكن المواقف الرسمية للحوثيين وخصوصا في عملية حساسة كهذه، لا تصدر سوى عن كبير المفاوضين ومتحدث الجماعة المقيم في مسقط، محمد عبد السلام. 

ويرى خبراء أن الخطوة التي ينوي مجلس التعاون الخليجي القيام بها أواخر الشهر الجاري لإطلاق مشاورات يمنية، ما تزال "مجرد فكرة حتى الآن"، ومرتبطة بموافقة الحوثيين أو عدمها، إذا صحت التحركات والمعلومات المسربة. 

وقال المحلل السياسي اليمني، عبد الحكيم هلال، إنه "في حال لم يكن هناك تنسيق مسبق بين الخليجيين والحوثيين، أو الخليجيين وأطراف أخرى لها علاقة بالحوثيين، فمن المتوقع أن العملية ستفشل قبل أن تبدأ، إذ إن من غير المرجح أن يوافق الحوثيون على المشاركة". 

وأضاف هلال في تصريحات لـ"العربي الجديد": "وحتى في حال نظرنا إلى أن الدعوة-أو الرعاية- باسم مجلس التعاون الخليجي ككل، ما يفتح مجالا لموافقة الحوثيين، إلا أنه من غير المرجح أن يقبلوا بإجراء مثل هذه المشاورات في العاصمة السعودية التي يعتبرونها عدوا رئيسا لهم. 

وجاء العرض الخليجي، في خضم علاقة متوترة بين الحوثيين والسعودية، على خلفية اتهام الجماعة للرياض بإعدام اثنين من أسراها فضلا عن اتهامات بالوقوف وراء مخطط لهجمات انتحارية داخل صنعاء. 

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي اليمني، نبيل الشرجبي، أن الظروف المحيطة والمعقدة، تجعل من المستبعد إقامة هذه المشاورات أو موافقة الحوثيين على تلبية دعوة الحضور إلى الرياض، أقلها خلال المرحلة الحالية. 

وذكر الشرجبي، وهو استاذ علم إدارة الأزمات، في حديث لـ "العربي الجديد"، أن هناك شكوكا كبيرة حول إمكانية حضور الحوثيين للرياض لأسباب مختلفة، على رأسها احتجاج الجماعة على إعدام أسيرين لها وعلى الإعدامات بشكل عام، بالإضافة إلى الموقف الإيراني الذي جمّد المحادثات مع السعودية. 

وقال: "دعوة الحوثيين للحوار تحت المظلة السعودية ليست جديدة، لكن هذه المرة من الواضح أن هناك غطاء دوليا لعقد مثل هذه الجولة المحاطة بتعقيدات من المؤكد أنها ستلقي بظلالها على فرص النجاح".

المساهمون