أصدرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم الأربعاء، حكماً يقضي بإلغاء كل القرارات الخاصة بتحويل الأموال من قبل الحكومة في بغداد إلى إقليم كردستان، فيما هاجم زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني قرار المحكمة ووصفه بـ"العدوان"، كما شبّه المحكمة الاتحادية بـ"محكمة الثورة" التي كانت في عهد نظام الرئيس الراحل صدام حسين.
وعللت المحكمة قرارها بأن الإجراء يأتي خلافاً للقانون، وذلك بناء على دعوى أقامها النائب عن "الإطار التنسيقي"، مصطفى جبار سند.
وقال سند، في مؤتمر صحافي عقده في مبنى مجلس النواب العراقي: "كسبت الدعوى القضائية التي أقمتها ضد مجلس الوزراء والمتعلقة بتحويل الأموال إلى إقليم كردستان بهدف تمويل الرواتب الشهرية للموظفين والعاملين في القطاع العام هناك، وصدر قرار يقضي بإلغاء كل القرارات الخاصة بتحويل الأموال خلافاً للقانون وخلافاً للدستور".
وأضاف النائب عن الإطار التنسيقي أن "قرار المحكمة الاتحادية سيكون معياراً ومرجعاً قانونياً لجميع الحكومات اللاحقة ومن ضمنها الحكومة الحالية في عدم دستورية تحويل الأموال إلى الإقليم".
المحكمة الاتحادية العليا في بغداد قالت، في بيان، إن "المحكمة قررت الحكم بعدم صحة القرارات الصادرة من قبل مجلس الوزراء، في 15/6/2021 وما بعدها"، معتبرة الحكم "باتاً وملزماً للسلطات كافة، استناداً إلى أحكام المادتين (93/ ثالثاً و94) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 والمادتين (4 / ثالثاً و5 / ثانياً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 المعدل بالقانون رقم (25) لسنة 2021 وأفهم علناً".
وكانت الحكومة السابقة قد قررت إرسال دفعات من مرتبات موظفي الإقليم، على أن تستقطع لاحقاً من أموال الموازنة المالية للدولة، لكن تعثر التوصل إلى اتفاق حيال عائدات تصدير النفط من إقليم كردستان العراق، تسبب في عدم إرسال الإقليم مستحقات عائدات النفط إلى بغداد، وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفة قانونية ارتكبتها الحكومة.
من جهته، قال زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني، في بيان، رداً على قرار الاتحادية "من المؤسف أن المحكمة الاتحادية العراقية أبدت مجدداً موقفاً عدائياً آخر ضد إقليم كردستان، ومنعت إرسال المبلغ المالي إلى الإقليم الذي كان من المقرر إرساله من الحكومة الاتحادية إلى إقليم كردستان".
وأضاف البارزاني أنه "من هنا فإن القصد ليس المبلغ المالي، بل إن المشكلة الأساسية هي انتهاك الحقوق والمبادئ، فالجميع يعلم أن مشاركتنا في تحالف إدارة الدولة وتشكيل الحكومة العراقية الجديدة، كان على أساس برنامج واضح ومفصل اتفقت عليه جميع الأطراف".
وبين أن "تأمين بعض الحقوق المالية لإقليم كردستان، هو حق مشروع، وكان جزءاً من هذا البرنامج وقد تم الاتفاق عليه، لذا فإن قرار المحكمة الاتحادية اليوم، قبل أن يكون ضد إقليم كردستان، فإنه يخالف العملية السياسية وضد الحكومة العراقية وضد برنامج تحالف إدارة الدولة نفسه".
وتابع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني أنه "من المثير للاستغراب، أنه كلما سادت أجواء إيجابية بين الإقليم وبغداد وسَنَحت الفرصة لمعالجة المشكلات، فإن المحكمة الاتحادية تقوم فوراً بزعزعة هذه الفرصة وتجهض الفرصة بإصدار قرار عدائي وباتت سبباً لتعقيد الخلافات، ويبدو أنها تنفذ أجندة مشبوهة وتحل محل محكمة الثورة في النظام السابق".
وختم بيانه بالقول: "من هنا أدعو الحكومة العراقية وجميع الأطراف المشاركة في تحالف إدارة الدولة إلى إبداء موقفها حيال هذا الخرق والمعاداة اللذين يُمارسان من قبل المحكمة الاتحادية ضد مصالح العراق وإقليم كردستان".
في المقابل، قال المحلل السياسي علي البيدر في تغريدة على "تويتر"، إن "قرار المحكمة الاتحادية الخاص بإلغاء كل قرارات مجلس الوزراء بتحويل الأموال إلى إقليم كردستان سوف يخلق أزمة جديدة تؤثر على عمل الحكومة، والجميع في غنى عنها بعد مرحلة استقرار نسبي شهدتها البلاد، والمتضرر الأبرز منه هم المواطنون في الإقليم الذين يجب إبعاد لقمتهم عن أي أزمة سياسية".
قرار المحكمة_الاتحادية الخاص بالغاء كل قرارات مجلس الوزراء بتحويل الأموال إلى إقليم كوردستان سوف يخلق ازمة جديدة تؤثر على عمل الحكومة والجميع في غنى عنها بعد مرحلة استقرار نسبي شهدتها البلاد .المتضرر الابرز منه هم المواطنون في الإقليم الذين يجب ابعاد لقمتهم عن أي ازمة سياسية.
— علي البيدر (@AliAlbaidar) January 25, 2023
ويجري ذلك في وقت من المفترض أن يصل، الأسبوع المقبل، وفد جديد من حكومة الإقليم إلى بغداد لإكمال المباحثات بشأن الملفات العالقة بين الطرفين. وكان رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني قد زار بغداد الأسبوع الفائت، برفقة وفد رفيع المستوى من حكومته، وبحث مع المسؤولين العراقيين الخلافات والقضايا العالقة بين أربيل وبغداد.
وسبقت ذلك مباحثات أجراها البارزاني في بغداد، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مع السوداني والقادة العراقيين الآخرين والأطراف السياسية بشأن الملفات العالقة بين الإقليم وبغداد وضبط الحدود.
ويأمل الأكراد بحلّ المشاكل العالقة مع بغداد، لا سيما بعدما وضعوا شروطاً عدة على تحالف "الإطار التنسيقي"، مقابل القبول بالتصويت على حكومة محمد شياع السوداني، وقد وعد "الإطار" بحل تلك المشاكل.
وتُعد الملفات العالقة بين بغداد وأربيل من أبرز المشاكل التي تواجهها الحكومات العراقية المتعاقبة، ومن أهم تلك الملفات التي تحتاج إلى حوار وتفاهمات مشتركة، رواتب موظفي إقليم كردستان العراق، والتنسيق الأمني في المناطق المتنازع عليها، والاتفاق على آلية تصدير النفط من حقول الإقليم.