لا تزال مساحة الخلافات بين القوى السياسية العراقية واسعة حول تشكيل الحكومة الجديدة وتسمية رئيسي البرلمان والجمهورية الجديدين، مع استمرار تمسك الأطراف النافذة في المشهد السياسي بمواقفها، وفق ما تؤكد ثلاثة مصادر عراقية سياسية في بغداد والنجف، لـ"العربي الجديد"، مرجحةً دخول وساطات جديدة لطرح مبادرات حيال الأزمة في الأيام القليلة المقبلة.
توقعات بجلسة مفتوحة للبرلمان العراقي
ووسط توقعات بأن تتحول الجلسة الأولى للبرلمان، المقررة يوم التاسع من يناير/ كانون الثاني الحالي، إلى جلسة مفتوحة قد تستمر أسابيع عدة قبل التوصل إلى اتفاق سياسي شامل، تحدثت المصادر عن استمرار تمسك قوى "الإطار التنسيقي" بشروط حكومة توافقية ورفض تجديد ولاية ثانية لأي من الرئاسات الثلاث.
ويضم "الإطار التنسيقي" تحالف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، و"الفتح" بزعامة هادي العامري وكتلاً أخرى توصف عادة بأنها مقربة من طهران.
في المقابل، يصرّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على خيار حكومة الأغلبية وأن تسمي كتلته (التيار الصدري) الحكومة الجديدة، وفقاً لاستحقاق الانتخابات، إذ حلّ أولاً بواقع 73 مقعداً، بفارق كبير عن أقرب منافسيه من القوى السياسية العربية الشيعية التي درج العرف السياسي في البلاد منذ عام 2003 أن يكون رئيس الوزراء منها.
الأسماء تطرح لغرض إبعاد أي فرصة للتجديد لمصطفى الكاظمي
وشهدت الأيام الماضية حراكاً سياسياً واسعاً في كل من بغداد والنجف، بين قوى سياسية مختلفة، بهدف ترتيب لقاء جديد بين مقتدى الصدر وقيادات وممثلين عن قوى "الإطار التنسيقي"، خلال الأيام المقبلة، أملاً بالتوصل إلى تفاهمات أولية حول شكل الحكومة الجديدة، ومسألة "الكتلة الكبرى" داخل البرلمان العراقي، التي منحها الدستور حق تشكيل الحكومة.
وجاء هذا التحرك بعد إخفاق الاجتماع الثاني بين الطرفين في مدينة النجف، الأربعاء الماضي، إذ انتهى من دون أي نتائج ملموسة، وجرى إلغاء مؤتمر صحافي كان مقرراً عقب الاجتماع، الذي دام لنحو ساعتين في منزل الصدر في النجف القديمة.
رفض التجديد لمصطفى الكاظمي
وبحسب المصادر ذاتها، فإن قيادات "الإطار التنسيقي" أبلغت الصدر رسمياً رفضها تجديد ولاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، بعد مؤشرات لدى تلك القوى إلى أن الصدر لا يعارض تجديد ولاية الكاظمي، بصفته مرشح تسوية غير تابع لأي جهة سياسية.
وقال نائب بارز في البرلمان، شارك في الاجتماع الأول الذي عقد بين الصدر وقوى الإطار التنسيقي في بغداد الشهر الماضي، لـ"العربي الجديد"، إن "أي بوادر تفاهم أو اتفاق لم ترشح إلى الآن، ولا صحة لأي مبادرة وساطة، لا من النجف (مرجعية السيد علي السيستاني)، ولا من طهران".
وأضاف النائب الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "التحرك يجب أن يكون لإقناع الصدر بالعدول عن مطلب حكومة الأغلبية، واختيار ما يؤيده الجميع، وهي حكومة توافقية تشارك فيها القوى الفائزة ببرنامج حكومي واضح لأربع سنوات"، معتبراً أنّ "أي حكومة بعيدة عن التوافق، لن تستمر أكثر من 6 أشهر".
وأكد نائب آخر في اتصال مع "العربي الجديد"، أنه "لغاية الآن لا يوجد اتفاق على أي مرشح لرئاسة الوزراء، لكن الأسماء تطرح لغرض إبعاد أي فرصة للتجديد لمصطفى الكاظمي، الذي ترفضه قوى سياسية في الإطار التنسيقي".
حتى الآن لا اتفاق على اسم أي مرشح لرئاسة الحكومة
الأسماء المتداولة لتولي رئاسة الحكومة العراقية
من جهته، قال القيادي في تحالف "الفتح" (الجناح السياسي للحشد الشعبي)، مختار الموسوي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "أبرز الأسماء المتداولة حالياً لتولي رئاسة الحكومة العراقية الجديدة هي حيدر العبادي (رئيس الوزراء الأسبق)، وأسعد العيداني (محافظ البصرة)، وعلي شكري (وزير التخطيط الأسبق). كما أن هناك أطرافاً سياسية داخل الإطار التنسيقي تطرح اسم نوري المالكي".
وأوضح الموسوي أن "هذه الأسماء لكي يتم الاتفاق عليها، يجب أن تطرح رسمياً على باقي القوى السياسية السنية والكردية، لكن حتى الآن لا اتفاق أو طرح رسمياً لاسم أي مرشح".
وتابع الموسوي أن "الاتفاق على اسم مرشح رئاسة الوزراء للمرحلة المقبلة سيتم بعد الاتفاق على شكل الحكومة، فاذا كانت حكومة أغلبية كما يريدها الصدر، فهو الذي سيرشح رئيسها، لكن إذا كانت توافقية كما تريدها أغلب القوى السياسية، فالأسماء المطروحة حالياً ستكون هي الأقرب للمشهد، خصوصاً أنه ليس هناك أي اعتراض سياسي على هذه الأسماء".
التيار الصدري مصرّ على حكومة أغلبية
في المقابل، قال القيادي في التيار الصدري رياض المسعودي، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "التيار الصدري حتى اللحظة لم يطرح اسم مرشحه لرئاسة الوزراء، كون الحوارات تجري والتفاوض ما زال مستمراً مع كل الأطراف السياسية بخصوص هذا الأمر. لكن التيار لديه الكثير من الشخصيات المؤهلة لهذا المنصب".
وبيّن المسعودي أن "بعض القوى السياسية طرحت أسماء لمرشحين لرئاسة الوزراء، مثل أسعد العيداني وحيدر العبادي وعلي شكري وغيرهم، لكن يبقى حق ترشيح شخص رئيس الحكومة الجديد للتيار الصدري، كونه يشكل الكتلة الكبرى إلى الآن والطرف الذي حصل على أعلى المقاعد في البرلمان الجديد".
وأكد أن "التيار الصدري ما زال مصراً ويعمل على تشكيل حكومة أغلبية لا حكومة توافقية، ورئيس الوزراء سيكون من اختيار التيار الصدري والقوى التي ستكون ضمن كتلته الكبرى".
ولفت إلى أن "التيار الصدري يبحث عن رئيس حكومة قادر على تنفيذ ما يعد به، ولا يبحث عن أسماء شخصيات تكون مرضية ومدعومة من قبل قوى داخلية أو حتى خارجية".
الموسوي: الاتفاق على اسم مرشح رئاسة الوزراء للمرحلة المقبلة سيتم بعد الاتفاق على شكل الحكومة
حرق أسماء مرشحين
في السياق، قال الخبير في الشأن السياسي العراقي أحمد الشريفي، في اتصال مع "العربي الجديد"، إن "هناك قوى سياسية معروفة تطرح أسماء بعض الشخصيات كمرشحة لرئاسة الوزراء، من أجل حرق هذه الأسماء ومنع توليها رئاسة الحكومة، فهي تريد حصول رفض مسبق لها على المستوى السياسي أو حتى الشعبي".
وتوقّع الشريفي أن "تدفع أطراف سياسية الشارع العراقي للتظاهر لرفض بعض المرشحين لرئاسة الوزراء، خصوصاً أن الأسماء المرشحة حالياً كانت مرشحة في فترات سابقة، ولكن تم رفضها من قبل الشارع العراقي".
وجاء كشف أسماء بعض المرشحين لرئاسة الوزراء بعد دعوة رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح البرلمان الجديد إلى عقد جلسته الأولى في التاسع من الشهر الحالي، وذلك بعد ثلاثة أيام من إعلان المحكمة الاتحادية العليا في البلاد المصادقة على نتائج الانتخابات.