الصراع على رئاسة اللجان يهدد عمل البرلمان العراقي

21 يناير 2023
أمام البرلمان العراقي في أغسطس الماضي (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

مع استئناف جلسات البرلمان العراقي، ضمن فصله التشريعي الثاني، مطلع شهر يناير/ كانون الثاني الحالي، عاد الصراع بين مختلف الكتل البرلمانية، بما فيها تلك الموجودة في تحالف واحد، على رئاسة اللجان النيابية.

ودفع هذا الأمر إلى تأجيل عقد جلستين كانتا مقررتين الأسبوع الماضي، بينما قرر البرلمان رفع جلسته الأخيرة، أول من أمس الأربعاء، حتى إشعار آخر، في إجراء يهدف إلى كسب مزيد من الوقت للتوصل إلى تفاهمات بين زعماء الكتل بشأن رئاسة تلك اللجان، وسط تهميش واضح للنواب المستقلين والمدنيين، الذين تم إقصاؤهم من عضوية بعض اللجان المهمة حتى، مثل اللجنة المالية ولجنة النزاهة ولجنة الأمن والدفاع.

واعتمد البرلمان العراقي، منذ الدورات البرلمانية السابقة، مبدأ المحاصصة آليةً لتوزيع أعضاء البرلمان على اللجان وتقسيم رئاساتها. وهذا المبدأ يتم وفق الثقل أو الحجم البرلماني لكل كتلة وفقاً لعدد مقاعدها. كما تقسم اللجان إلى تصنيفات وفق أحرف الأبجدية مثل "أ، ب، ج"، بحسب أهمية كل لجنة، وعلى مبدأ تقسيم الحقائب الوزارية من سيادية وغير سيادية.

خلافات على رئاسة اللجان النيابية في البرلمان العراقي

وتحدث نواب لـ"العربي الجديد"، أمس الجمعة، عن وجود "خلافات عميقة"، بشأن رئاسة اللجان النيابية في البرلمان العراقي. وأكد نائب طلب عدم الكشف عن اسمه في تصريحات لـ"العربي الجديد"، أن "الخلافات وصلت إلى داخل التحالفات الواحدة، ويشهد الإطار التنسيقي مشكلات داخلية بشأن رئاسة اللجان، والحال نفسه في تحالف السيادة وتحالف العزم، إضافة إلى الخلاف بين القوى السياسية الكردية".

وأشار النائب إلى أن "الخلافات دفعت رئاسة مجلس النواب إلى تأجيل عقد جلسات البرلمان خلال اليومين الماضيين. كما رفعت الجلسة الأخيرة الأربعاء الماضي، حتى إشعار آخر، بعد التصويت على إلغاء قرارات جلسات سابقة تخص توزيع النواب على اللجان البرلمانية الدائمة، وإعادة التصويت مجدداً على أعضاء تلك اللجان وعددها 25".

نائب: يشهد الإطار التنسيقي مشكلات داخلية بشأن رئاسة اللجان

وكان البرلمان قد أقرّ في مايو/ أيار الماضي أعضاء اللجان البرلمانية، بعد جدل سياسي دام عدة أشهر بسبب خلافات بشأن توزيع النواب عليها، لكنه أعاد الأربعاء الماضي التصويت مجدداً على أعضائها بعد توافق سياسي بشأنها وسط فشل في اختيار رؤساء تلك اللجان.

واللجان التي تم التصويت على أعضائها هي: المالية، التربية، الكهرباء، النزاهة، الأمن والدفاع، القانونية، النفط والغاز والثروات الطبيعية، الهجرة والمهجرين والمصالحة المجتمعية، العلاقات الخارجية، حقوق الإنسان، التخطيط الاستراتيجي والخدمات الاتحادية، الثقافة والسياحة والآثار والإعلام، الاستثمار والتنمية، الاقتصاد والصناعة والتجارة، الصحة والبيئة.

ويضاف إليها التعليم العالي والبحث العلمي، الخدمات والإعمار، العمل ومؤسسات المجتمع المدني، النقل والاتصالات، الأقاليم والمحافظات غير المنتظمة في إقليم، الشهداء والسجناء وضحايا الإرهاب، الشباب والرياضة، الأوقاف والعشائر، المرأة والأسرة والطفولة، الزراعة والمياه.

ووفقاً للنائب الذي تحدث مع "العربي الجديد" فإن "رئاسة مجلس النواب طالبت القوى السياسية بضرورة استمرار الاجتماع لحسم الخلافات حول رئاسة اللجان البرلمانية، ومن أجل عدم تعطيل العمل البرلماني مع بداية الفصل التشريعي، لوجود قوانين مهمة تحتاج إلى قراءة أولى وثانية ثم التصويت عليها. لكن بعض القوى حذرت رئاسة البرلمان من العمل على التصويت على رئاسة أي لجنة نيابية، من دون اتفاق سياسي مسبق، فالأمر ربما يصل لمرحلة مقاطعة الجلسات".

وأرجأ البرلمان حسم رئاسة اللجان إلى فصله التشريعي الثاني الذي بدأ مطلع الشهر الحالي، بعد تعذّر حسم الخلافات حولها وانتهاء أعمال الفصل التشريعي. وتتركز الخلافات داخل الكتل السياسية في البرلمان على رئاسة اللجان الدائمة، خصوصاً المهمة، مثل لجان الطاقة، والأمن والدفاع، والنزاهة والمالية، والعلاقات الخارجية.

من جهته، قال النائب عن ائتلاف "دولة القانون"، عقيل الفتلاوي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، إن "أروقة مجلس النواب تشهد خلافات عميقة ما بين الكتل بشأن رئاسة اللجان النيابية الدائمة ولا يوجد أي اتفاق حول حسم أي من رئاسة تلك اللجان حتى الساعة". وكشف أن "المفاوضات مستمرة بين ممثلي القوى السياسية في البرلمان للوصول إلى حلول، لمنع تعطيل العمل الرقابي، لكن حتى الساعة لا بوادر لحل تلك الخلافات".

وأضاف الفتلاوي أن "آلية توزيع رئاسة اللجان البرلمانية الدائمة ما بين الكتل معروفة، وهي تتم بحسب الثقل النيابي لكل كتلة، لكن الخلاف حاصل بسبب إصرار بعض الأطراف السياسية على تسلم رئاسة لجان معينة. وهذا الأمر يحصل في كل دورة برلمانية، لكن حسم هذا الملف تأخر جداً خلال الدورة البرلمانية الحالية، خصوصاً أن عُمر البرلمان الحالي تجاوز السنة".

في السياق نفسه، رأى القيادي في "الاتحاد الوطني الكردستاني" غياث السروجي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "القوى السياسية تخوض صراعاً داخل البرلمان بشأن رئاسة اللجان النيابية، مع إصرار بعض الأطراف للاستحواذ على رئاسة اللجان المهمة، وهذا ما سبّب خلافات عميقة دفعت لتعطيل جلستين لمجلس النواب".

وكشف أن "استمرار الخلاف بين الكتل يهدد بتعطيل العمل التشريعي والرقابي، خصوصاً أن المجلس يترقب وصول قانون الموازنة المالية لسنة 2023".

هادي السلامي: النواب المستقلون سيكون لهم موقف خلال الفترة المرحلة المقبلة

وعبّرت قوى "التغيير الديمقراطية"، التي تضم قوى ونواباً يمثلون التيار المدني المعارض، والمستقلين ممن لا ينتمون إلى جهات سياسية، عن استنكارها لـ"استبعاد النواب المستقلين من التمثيل في لجان برلمانية يسعون للعمل فيها".

وشدّدت في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على "تويتر"، على "دعمها للنواب المستهدفين"، داعية "كافة النواب الذين يمثلون خط المعارضة والتغيير لنهج المحاصصة، إلى الوقوف معاً وتوحيد الكلمة ومواجهة هذا النهج المشوه".

السيطرة على البرلمان العراقي

النائب المستقل هادي السلامي، اعتبر في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "الخلافات بين الكتل والأحزاب المتنفذة على رئاسة اللجان النيابية الدائمة، دفعت إلى تهميش النواب المستقلين والمدنيين من رئاسة أي لجنة، بل وصل الأمر لإبعاد بعض النواب المستقلين من عضوية بعض اللجان النيابية المهمة".

وأشار إلى أن "الكتل والأحزاب المتنفذة بعد سيطرتها على الحكومة العراقية، تريد الآن السيطرة على البرلمان، حتى تتحكّم بالمشهدين الحكومي والبرلماني، وهذا يعني استمرار عمليات الفشل والفساد، بسبب المحاصصة والصفقات السياسية". وشدّد السلامي على أن "النواب المستقلين سيكون لهم موقف خلال الفترة المرحلة المقبلة، بعد تهميشهم من رئاسة اللجان النيابية الدائمة، فلا يمكن السكوت على هذا التهميش والإقصاء، ولدينا الكثير من الطرق القانونية يمكن من خلالها نيل الاستحقاق الدستوري لكل نائب".

 

المساهمون