السوداني يراجع الاتفاقيات الخارجية لحكومة الكاظمي: إمكانية للتعديل أو الإلغاء

11 نوفمبر 2022
قمة بغداد الثلاثية في يونيو 2021 (مرتضى السوداني/الأناضول)
+ الخط -

تنوي الحكومة العراقية الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني، مراجعة عدد كبير من الاتفاقيات الخارجية التي وقعها رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي مع عدة دول، أبرزها الأردن ومصر، تتعلق بملفات اقتصادية واستثمارية، وفقاً لما أكده مسؤول رفيع ببغداد لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أن إمكانية الانسحاب أو تعديل جزء من هذه الاتفاقيات، واردة للغاية.

وواجهت حكومة الكاظمي، اعتراضات كبيرة مع قبل القوى السياسية المنضوية حالياً تحت مظلة "الإطار التنسيقي"، الذي شكّل أخيراً الحكومة الجديدة بالعراق، تحديداً بما يتعلق بالاتفاقات المبرمة مع الأردن ومصر والسعودية، مثل مشاريع الربط الكهربائي والإعفاء الضريبي والجمركي والنفط والشركات الاستثمارية عبر الدفع الآجل أو الإعمار مقابل النفط.

واحتضنت بغداد في يونيو/حزيران 2021، آخر جولة من القمة الثلاثية بين بغداد وعمان والقاهرة، بعد أن بدأت جولتها الأولى في أغسطس/آب 2020. كما شارك العراق بالقمة العربية الأميركية في السعودية في يوليو/تموز الماضي، التي حضرها الرئيس الأميركي جو بايدن. وشنّ "الإطار التنسيقي"، القريب من طهران، هجوماً حاداً على مشاركة الكاظمي فيها.

لجنة لمراجعة الاتفاقيات

وقال مصدر مسؤول في رئاسة الوزراء العراقية لـ"العربي الجديد"، إن "رئيس الحكومة محمد شياع السوداني شكّل لجنة مختصة تضم عدداً من ممثلي الوزارات والجهات الحكومية، للعمل على مراجعة عدد من الاتفاقيات الدولية التي وقعها الكاظمي، واللجنة باشرت عملها فعلاً بعقد أول اجتماع لها في الأسبوع الحالي".


محمود الحيالي: السوداني لا يريد استهداف أي دولة بمراجعة هذه الاتفاقيات

وأضاف المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن "اللجنة ستقدم بالنهاية تصوراتها حيال تلك الاتفاقيات ومدى نفعها للعراق وجدواها الاقتصادية والمالية. وهناك بطبيعة الحال إمكانية طلب الطرف الثاني تعديل بعض فقرات تلك الاتفاقيات أو الانسحاب منها، تحديداً في ما يتعلق بقضية الكهرباء والطاقة وغيرها، مع دراسة إلغاء بعض الاتفاقيات، إذا ما كانت فيها فقرات تقدم مصالح تلك الدول على العراق". وكشف أن "اتفاقية تزويد عمّان بالنفط المُخفض من بين ما سيتم مراجعته".

بدوره، أفاد القيادي في تحالف "الإطار التنسيقي"، محمود الحيالي، في حديثٍ مع "العربي الجديد"، بأن "الحكومة الجديدة توجهت مبكراً لمراجعة كافة الاتفاقيات الدولية التي وقعها الكاظمي، وكذلك الاتفاقيات والمشاريع الداخلية أيضاً، لما عليها من مؤشرات وشبهات فساد كثيرة وكبيرة".

واتهم الحيالي رئيس الحكومة السابق وفريقه بـ"التوقيع على اتفاقيات اقتصادية مع دول عربية وخليجية قدّم فيها مصلحة تلك الدول على حساب مصلحة العراق، ولهذا كان واجباً اتخاذ قرار مراجعة تلك الاتفاقيات، خصوصاً أن مجلس النواب لم يطلع على الاتفاقيات، ولهذا السوداني سيعيد النظر بها جميعها".

وأضاف أن "السوداني لا يريد استهداف أي دولة بمراجعة هذه الاتفاقيات، بل على العكس يريد بناء علاقات طيبة مع كافة دول المنطقة ويسعى إلى توقيع اتفاقيات خلال المرحلة المقبلة، تتعلق بالاستثمار والإعمار والقضايا الاقتصادية التي تتعلق بالكهرباء والطاقة بشكل عام، لكنه يجري دراسة اتفاقيات حكومة الكاظمي حالياً وقد يُطلب تعديل بعضها، والانسحاب من أخرى أو البقاء فيها، إذا كانت خالية من أي مؤشرات وشبهات".

تبعات إلغاء الاتفاقيات

من جهته، تحدث الباحث مصطفى أكرم حنتوش لـ "العربي الجديد"، عن صلاحيات رئيس الحكومة بـ"إلغاء أو تعديل أي اتفاقية سابقة"، لكنه أوضح أن "هذا الأمر ربما تكون له تبعات على العراق، تحديداً في ما يتعلق بالاتفاقيات الاقتصادية".

وأشار حنتوش إلى أنه "من ضمن تلك التبعات ربما يدفع العراق شروطاً جزائية إذا ما انسحب من بعض الاتفاقيات الدولية الاقتصادية، أو ربما يؤثر حتى على مستقبل علاقات العراق مع الدول التي تلغى الاتفاقيات معها، خصوصاً الخليجية منها، ولهذا السوداني سيكون حذراً في التعامل مع هذا الملف".


أكرم حنتوش: إلغاء بعض الاتفاقيات يؤثر على العراق

وحذر حنتوش من أنه "في حال أُلغيت بعض الاتفاقيات الدولية كونها وُقّعت من قبل الحكومة السابقة، ربما يؤثر ذلك على توقيع الاتفاقيات مع الدول بالمستقبل القريب. وهذا الأمر سيؤثر على مصداقية العراق بالعمل وفق الاتفاقيات الدولية، خصوصاً أن الاتفاقيات تُوقّع مع الدول وليس مع الأشخاص الذين يمكن تغييرهم بأي وقت".

من جانبه، وصف المحلل السياسي علي البيدر، التوجه بإعادة النظر بالاتفاقيات، بأنه "لا يخلو من الطابع السياسي والحزبي، لكن هذه الخطوة ربما تدفع إلى توتر العلاقات بين العراق وتلك الدول".

وأكد في حديث مع "العربي الجديد" أن "خطوة السوداني بدراسة وتقييم الاتفاقيات الدولية السابقة، ربما تكون إعلامية فقط، ومن أجل تخفيف الضغوطات عليه من قبل بعض أطراف الإطار التنسيقي، فهو يدرك جيداً خطورة الإقدام بشكل جدي على إلغاء أي اتفاقية دولية".

وتحدث البيدر عن وجود "دعم إقليمي ودولي للسوداني وحكومته، لذلك فإنّ الإقدام على إلغاء بعض الاتفاقيات سيؤدي بما لا يقبل الشك إلى رفع جزء كبير من هذا الدعم، وهو ما لا يريده السوداني. ولهذا السبب سيبقى يناور بهذا الملف إعلامياً لتخفيف الضغط السياسي عليه من قبل بعض قوى الإطار التنسيقي، التي تريد العلاقات فقط مع محور إقليمي ودولي معين".

وسبق أن أجرى السوداني سلسلة من التغييرات الواسعة في المناصب الأمنية والحكومية خلال أول أسبوعين من منح حكومته الثقة، أبرزها إلغاء جميع قرارات سلفه الكاظمي التي اتُخذت خلال فترة تصريف الأعمال، التي أعقبت إجراء الانتخابات التشريعية في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.