الخارجية الأميركية لـ"العربي الجديد": نعارض التطبيع مع الأسد

23 مارس 2022
برايس: سنواصل فرض عقوبات حسب الضرورة (نيكولاس كام/فرانس برس)
+ الخط -

فيما تتصاعد محاولات التطبيع وإضفاء الشرعية على نظام الرئيس السوري بشار الأسد، أكدت الخارجية الأميركية لـ"العربي الجديد"، رفضها لهذا المسار، معبرة عن تمسك واشنطن بآلية العقوبات الصارمة ضد هذا النظام.

يأتي ذلك بينما تصاعدت بالفعل حدة التصريحات الأميركية ضد النظام السوري منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي، ثم حلول الذكرى الحادية عشرة لاندلاع الثورة ضد نظام بشار الأسد، وبعد زيارة الأخير إلى الإمارات يوم الجمعة الماضي، وسط ترقب لما إذا كان تغيّر الظروف الدولية الحالية قد يفضي لتحولات في الموقف الأميركي تجاه هذا الملف الذي كانت المعطيات توحي بأنه ليس من أولويات إدارة الرئيس جو بايدن.

إصرار أميركي على محاسبة نظام بشار الأسد

وبالتزامن مع ذكرى الثورة، نشطت صفحة السفارة السورية في دمشق (تعمل من الأراضي التركية) على مواقع التواصل الاجتماعي، بإصدار التصريحات التي تؤكد على ضرورة محاسبة النظام ورأسه بشار الأسد على الجرائم المرتكبة.

كما احتفت السفارة بالذكرى الحادية عشرة للثورة، فيما أصدر كل من مندوبة الولايات المتحدة في مجلس الأمن الدولي ليندا توماس غرينفيلد، والمتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ومسؤول ملف التواصل في سورية إيثان غولدريتش، تصريحات أكدت موقف واشنطن بدعم الحراك السوري وضرورة الذهاب بالنظام إلى المحاسبة.

وتزامن كل ذلك مع تقديم مشروع قرار من قبل نواب جمهوريين وديمقراطيين في الكونغرس الأميركي لمنع التطبيع مع الأسد. كما استضاف الكونغرس شاهدا سوريا معروفا باسم "حفار القبور"، ولا يعرف اسمه، للاستماع لشهادته حول الفظائع التي ارتكبتها قوات النظام بحق آلاف المدنيين الذين تم دفنهم في مقابر جماعية بعد موتهم تحت التعذيب في سجون النظام.

الخارجية الأميركية: لم ولن تعرب الإدارة الأميركية عن أي دعم لجهود تطبيع أو إعادة تأهيل الديكتاتور الوحشي بشار الأسد

في موازاة ذلك، جاءت زيارة الأسد إلى الإمارات ولقاؤه بكل من ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد وحاكم دبي محمد بن راشد. واعتُبرت الزيارة أول خطوة جدية حول إعادة تطبيع العلاقات العربية مع النظام، الذي قطعت حوالي 100 دولة حول العالم العلاقات الدبلوماسية معه على خلفية تعامله الوحشي مع المحتجين منتصف العام 2011.

وسارعت الولايات المتحدة إلى انتقاد استقبال الأسد، معربةً عن قلقها من محاولة إضفاء الشرعية على رئيس النظام السوري.

وفي السياق وجه "العربي الجديد" أسئلة إلى الخارجية الأميركية بشأن الملف السوري بما في ذلك حول مدى جدية الولايات المتحدة في الضغط على  الأسد خصوصاً في ظل الانشغال الروسي بالحرب مع أوكرانيا، وحقيقة الموقف من خطوات التطبيع بين الأسد وبعض الدول العربية.

وأكدت الخارجية الأميركية، في تصريحات طلبت نسبها إلى متحدث باسمها دون تحديد اسمه، لـ"العربي الجديد"، أن "حكومة الولايات المتحدة لا تزال تركز على ممارسة الضغط على الأسد من خلال العمل مع المجتمع الدولي لمحاسبة الديكتاتور الوحشي ونظامه على الفظائع التي ارتكبها ضد شعبه، والتي يرقى بعضها إلى جرائم حرب".

ولفتت إلى أن العقوبات التي فرضتها بلاده على النظام "ستبقى صارمة، بما في ذلك العقوبات بموجب قانون قيصر"، مشددة على أن "العقوبات سارية المفعول بالكامل، وهي أداة مهمة للضغط من أجل مساءلة نظام الأسد".

وأضافت: "لم نرفع أو نلوح برفع أي عقوبات، بل على العكس من ذلك، في العام الماضي، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على العديد من الجماعات والأفراد المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان ومعاناة الشعب السوري، بما في ذلك كبار ضباط القوات الجوية السورية المسؤولون عن هجمات بالأسلحة الكيميائية، وكذلك على مسؤولين في جهاز المخابرات والأمن، وآخرين متورطين بانتهاكات حقوق الإنسان ولا سيما بحق السجناء السياسيين وغيرهم من المعتقلين".

الخارجية الأميركية: نعتقد أن الاستقرار في سورية، يمكن تحقيقه فقط من خلال عملية سياسية تمثّل إرادة جميع السوريين

وأشارت إلى أن "البيان المشترك الصادر في 15 مارس/آذار الحالي، عن أميركا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، أشار إلى أنه لا يزال الإفلات من العقاب غير مقبول".

وتابعت: "نواصل تعزيز المساءلة من خلال دعم لجنة التحقيق الدولية بشأن سورية، والآليات الدولية المحايدة والمستقلة، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، ويشمل ذلك دعم المنظمات في جمع وتوثيق الأدلة اللازمة لإدانة الأفراد المسؤولين عن الفظائع والانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي المرتكبة في سورية، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية".

دعم أميركي للقرار 2254 وللعملية السياسية

وحول النتائج المتوقعة من قبل الإدارة الأميركية لهذا الضغط، أوضحت الخارجية في ردها على أسئلة "العربي الجديد" أنه "في عملنا مع المجتمع الدولي لممارسة الضغط على الأسد ونظامه، فإننا نضع الشروط اللازمة لتحقيق سلام عادل ودائم على النحو المنصوص عليه في قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 (الصادر عام 2015 والمتعلق بوقف إطلاق النار والتوصل إلى تسوية سياسية للوضع في سورية)".

وتابعت: "نعتقد أن الاستقرار في سورية، وفي المنطقة، يمكن أن يتم تحقيقه فقط من خلال عملية سياسية تمثّل إرادة جميع السوريين".

وأشارت إلى أنه "لهذه الغاية، نحن حاضرون في جنيف لدعم الجولة السابعة من محادثات اللجنة الدستورية (بدأت أول من أمس الإثنين) وللعمل مع الحلفاء والشركاء والمجتمع الدولي لدفع قرار بقيادة سورية، ويجب على نظام الأسد تمكين مندوبيه حتى يتمكنوا من التفاوض بحسن نية، للتوصل إلى حل سياسي على النحو المبيّن في القرار 2254".

رفض التطبيع مع نظام الأسد

ورداً على سؤال "العربي الجديد" حول وجود أدوات أخرى من الممكن أن تتخذها واشنطن للضغط على النظام، أو على الدول التي تقدمت بمزيد من الخطوات للتطبيع معه، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس لـ"العربي الجديد": "لم ولن تعرب الإدارة عن أي دعم لجهود تطبيع أو إعادة تأهيل الديكتاتور الوحشي بشار الأسد".

وتابع: "لن تقوم الولايات المتحدة بتطوير علاقاتها الدبلوماسية مع نظام الأسد، ونحن لا ندعم تطبيع العلاقات بينه وبين الدول الأخرى، لقد كنا واضحين بشأن هذا مع شركائنا".

وفي ما يتعلق بزيارة الأسد الأخيرة إلى الإمارات، أكد برايس شعور الإدارة الأميركية "بخيبة أمل وانزعاج عميقين من هذه المحاولة الواضحة لإضفاء الشرعية على فرد مسؤول عن مقتل ومعاناة عدد لا يحصى من السوريين، وتشريد أكثر من نصف سكان البلاد من خلال الحرب، والاعتقال التعسفي والاختفاء لأكثر من 150 ألف رجل وامرأة وطفل".

نيد برايس لـ"العربي الجديد": الولايات المتحدة لن ترفع أو تتنازل عن العقوبات

وأضاف: "نحث الدول التي تفكر في الانخراط مع نظام الأسد، على أن تزن بعناية الفظائع المروعة التي أتى بها هذا النظام على السوريين على مدار العقد الماضي، فضلاً عن جهوده المستمرة لمنع وصول الكثير من مناطق البلاد إلى المساعدات الإنسانية والأمن".

وأكد برايس أن "الولايات المتحدة لن ترفع أو تتنازل عن العقوبات وستواصل فرض عقوبات جديدة حسب الضرورة".

أما حيال ترويج النظام لانتهاء الحرب وإمكانية البدء بإعادة الإعمار، فقال برايس: "نحن لا ندعم إعادة إعمار سورية حتى يتم إحراز تقدم لا رجوع فيه نحو الحل السياسي، وهو ما لم نشهده بعد".

المساهمون