تشهد انتخابات مجلس الأمة الكويتي (البرلمان)، المقررة غداً الخميس، تراجعاً رسمياً للمعارضة عن مقاطعة الانتخابات وفق الصوت الواحد، بعودة آخر التيارات الفاعلة سياسياً إلى المشاركة، مثل "العمل الشعبي" (حشد)، و"المنبر الديمقراطي الكويتي"، بعد مقاطعة امتدت عشر سنوات.
وكانت انتخابات يونيو/حزيران 2013، قد شهدت لأول مرة بوادر لكسر المقاطعة، بعد مشاركة "التحالف الوطني" (تيار ليبرالي)، ونواب سابقين أبرزهم: مرزوق الغانم، ومحمد الحويلة، وعبد الله الطريجي. بينما شهدت انتخابات نوفمبر/تشرين الثاني 2016 انقساماً بين المعارضة، باستمرار مقاطعة قوى سياسية، ومشاركة أخرى مثل، "الدستورية الإسلامية" (حدس)، وهي الجناح السياسي لـ"الإخوان المسلمين" في الكويت، و"تجمع ثوابت الأمة" (السلفي)، إلى جانب عدد من النواب المستقلين، أبرزهم وليد الطبطبائي، وعادل الدمخي، وشعيب المويزري.
بدأت المقاطعة بـ"مرسوم ضرورة" أميري في العام 2012، قرر تقليل أصوات الناخبين، من أربعة أصوات إلى صوت واحد، وقوبل باعتراض القوى السياسية في الكويت
وفي انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2020، استمرت عودة مقاطعين إلى المشاركة، وكانت الحركة التقدمية الكويتية أبرز من أعلن خوض الانتخابات، من دون أن تنجح في كسب مقعد في البرلمان، كما خاض أستاذ القانون عبيد الوسمي، الذي يعدّ أكثر المقاطعين تزمتا، الانتخابات التكميلية التي جرت في مايو/أيار عن الدائرة الخامسة.
وتشهد الانتخابات الحالية، عودة رئيس مجلس الأمة السابق، وعرّاب العمل البرلماني منذ سبعينيات القرن الماضي، أحمد عبد العزيز السعدون، الذي تزعّم معسكر المقاطعة طوال السنوات العشر الماضية، إلى المشاركة في الانتخابات عن الدائرة الثالثة، وقال في "إدارة شؤون الانتخابات" لوسائل إعلام محلية، عقب تسجيل ترشحه في الانتخابات، حين سؤاله عن مشاركته في نظام الصوت الواحد: "بعد الخطاب الأميري (خطاب أمير الكويت الذي أعلن من خلاله حل مجلس الأمة) لا يوجد ما يُقال".
تخوض "حركة العمل الشعبي" (حشد)، والتي يتزعمها النائب السابق والمعارض البارز مسلّم البراك، الانتخابات بثلاثة مرشحين، وهم متعب عايد الرثعان في الدائرة الرابعة، ومحمد مساعد الدوسري في الدائرة الخامسة، وباسل البحراني في الدائرة الأولى.
وأصدرت "حركة العمل الشعبي" بياناً، في 31 أغسطس/آب الماضي، أوضحت من خلاله أسباب مشاركتها في الانتخابات، وعدولها عن قرار المقاطعة، ومما قالت فيه: "إن الهدف من المشاركة في الانتخابات، والتي جاءت استجابة للخطاب السامي في تاريخ 22 يونيو/حزيران الماضي، من أجل المشاركة الإيجابية الفاعلة في تصحيح المشهد السياسي، والتي أطلق دعوتها سمو أمير البلاد، خاصة أن التحديات تتطلب التمسك أكثر بأبجديات العمل الديمقراطي، وأولاها خوض الانتخابات من أجل تحقيق التغيير".
"العمل الشعبي": تحقيق أهداف عدم المشاركة، وأهمها تصحيح المشهد السياسي، انتفى تقريباً بوجود إرادة سياسية لتصحيح المشهد
وجاء في البيان، أن "المشاركة في الانتخابات وكما نراها في حركة العمل الشعبي هي وظيفة سياسية، وننظر إليها على أنها تكليف وطني أكثر مما هي حقوق، وإذا لم يُمارس المواطن هذا التكليف في فترة ما لأسباب وظروف دعته لذلك، فإن حقوقه تبقى قائمة ولا تسقط بالتقادم"، مضيفا: "ذلك لأن انقطاعه عن ممارسة هذه الحقوق مدة معينة لا يعني أنه تنازل عنها، بل هدف من خلال المقاطعة لترسيخ وتجذير ما يريده أساساً من المشاركة ذاتها، أي ضمان تصحيح المشهد السياسي الذي انحرف كثيراً عن بوصلته الوطنية".
وأكّد البيان أن "تحقيق أهداف عدم المشاركة، وأهمها تصحيح المشهد السياسي، انتفى تقريباً بوجود إرادة سياسية لتصحيح المشهد السياسي، وعندما يعمل النظام الديمقراطي على شيوع الاعتقاد لدى الناس بحرية ونزاهة الانتخابات، وهو ما نراه اليوم... وتصبح المشاركة في الانتخابات واجباً وطنياً كما هي حال المقاطعة حين استدعى الأمر ذلك".
أما "المنبر الديمقراطي الكويتي" فيشارك في الانتخابات، بممثله الوحيد عزام بدر العميم، في الدائرة الثالثة.
وعن ذلك، يقول أمين عام المنبر الديمقراطي الكويتي، عبد الهادي السنافي، في حديث مع "العربي الجديد" إن "المنبر الديمقراطي عقد جمعيته العمومية في 19 مارس/آذار الماضي، الذي انتهى بعد آراء متباينة، إلى موافقة الأغلبية بفارق ضئيل على إلغاء قرار مقاطعة انتخابات مجلس الأمة، ولكن دون اتخاذ قرار بالمشاركة".
وأوضح أن المنبر "قرر المشاركة في الانتخابات، تحديداً في الأسبوع الذي سبق فتح باب الترشح للانتخابات"، مضيفا: "شكّلنا قبل القرار لجنة معنيّة بالانتخابات، من أعضاء اللجنة المركزية في المنبر الديمقراطي، وقامت بالاجتماع مع عدد من أعضاء المنبر ممن لديهم نوايا بخوض الانتخابات ولديهم نشاط، مثل النائب السابق صالح الملا، وبندر الخيران، ومحمد جوهر حيات، وصقر العنزي، وبعد دراسة كافة الطلبات قررت اللجنة اختيار ترشيح عزام بدر العميم".
وعن الأسباب التي دعتهم إلى المشاركة في الانتخابات، قال السنافي: "كان الخطاب الأميري مؤثرا في القرار، بالإضافة إلى المرسوم الأميري بالتصويت وفق العنوان في البطاقة المدنية، مما حفّزنا على المشاركة".
العصفور: جربنا مجلساً بلا شارع وكان مجلساً ضعيفاً، وجربنا شارعاً بلا مجلس وكان شارعاً منتهك الحقوق، ولم ننجح إلا بوجود الشارع مع المجلس
من جانبه، قال مرشح الدائرة الخامسة سعود عبد العزيز العصفور، الذي يخوض الانتخابات للمرة الأولى، وكان من الناشطين السياسيين الذين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات بنظام الصوت الواحد، تعليقاً على انتهاء المقاطعة، في حديث مع "العربي الجديد": "أعتقد أن هذه هي النتيجة الطبيعية لتطورات الأمور، وهذا ما طالبنا به في انتخابات مجلس الأمة 2016، وقوبلنا بهجوم واسع في تلك الفترة"، متابعا: "إن رفضنا لمرسوم الصوت الواحد لا يعني التزامنا التزاماً تاماً بالمقاطعة، حيث إنها وسيلة من وسائل الاحتجاج والاعتراض على النظام الانتخابي".
وأوضح العصفور: "مع مجلس 2013 أصبح واضحاً أن التوجه للمشاركة الشعبية في ازدياد، والبقاء خارج هذه العملية السياسية أمر مضر بالوطن وبجميع القوى الإصلاحية في الكويت، لذلك نادينا منذ 2016 بالمشاركة وإنهاء المقاطعة، والعمل على الحدّ من اندفاع السلطة ضد التوجّه الإصلاحي، عبر دخول مجلس الأمة، والحمد لله إن الأمور الآن في 2022 قد انتهت إلى ما كنا ننادي به في 2016، بأن المشاركة أصبحت ضرورية وإن المقاطعة أصبحت غير فاعلة".
وأكّد أن "الحدّ من اندفاع السلطة يكون من داخل مجلس الأمة وليس من خارجه فقط، وإننا جربنا مجلسا بلا شارع وكان مجلساً ضعيفاً، وجربنا شارعاً بلا مجلس وكان شارعاً منتهك الحقوق، ولم ننجح إلا بوجود الشارع مع المجلس".
بدأت مقاطعة المعارضة الكويتية للانتخابات، عندما أصدر أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح "مرسوم ضرورة" في العام 2012، قرر بموجبه تقليل أصوات الناخبين، من أربعة أصوات إلى صوت واحد، وقوبل باعتراض القوى السياسية في الكويت، التي قررت مقاطعة الانتخابات احتجاجاً، ابتداءً من انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2012، التي شهدت أدنى نسبة مشاركة في تاريخ الانتخابات البرلمانية الكويتية.