تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ ساعات صباح اليوم الأربعاء، أعمال تجريف ونقل ركام منزل عائلة المواطن المقدسي محمود صالحية في حيّ الشيخ جراح بالقدس المحتلة، بعدما هدمته صباحاً واعتقلت عدداً من أفراد العائلة واعتدت عليهم بالضرب.
وأفادت مصادر مقربة من العائلة، فضلت عدم ذكر اسمها، في حديث لـ"العربي الجديد"، بأن أبناءها المعتقلين نُقلوا ظهر اليوم إلى محكمة الصلح الإسرائيلية في القطاع الغربي المحتل من مدينة القدس لغرض تمديد اعتقالهم، فيما يترافع عنهم المحامي أنور بشير.
وتمنع قوات الاحتلال طواقم الصحافيين من الدخول إلى موقع أعمال التجريف، حيث تفرض طوقاً على المكان وتمنع أحداً من الاقتراب.
ومددت سلطات الاحتلال اعتقال المواطن المقدسي محمد صالحية وعدد من أقربائه، كانوا قد اعتقلوا فجر اليوم خلال هدم منزل العائلة.
وأفاد المحامي وليد أبو تايه، محامي عائلة صالحية، بأن محكمة الصلح الإسرائيلية كانت قد قررت، عصر اليوم، إطلاق سراح أفراد العائلة، بيد أن نيابة الاحتلال استأنفت على القرار، وطالبت تمديد اعتقالهم حتى يوم غد الخميس.
في هذه الأثناء، اعتقلت شرطة الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأربعاء، 5 مقدسيين ومتضامنين، خلال مشاركتهم في وقفة نظمت أمام منزل رئيس بلدية الاحتلال في القدس موشيه ليون، تنديداً بهدم منزلي عائلة صالحية في حيّ الشيخ جرّاح، فيما نظمت وقفة أخرى أمام مركز تحقيق "المسكوبية" الاحتلالي في القدس، للمطالبة بالإفراج عن أفراد عائلة صالحية والمتضامنين معهم.
من ناحيته، قال وزير شؤون القدس، فادي الهدمي، في بيان صحافي، إن "جريمة إخلاء وهدم منزل عائلة صالحية بحيّ الشيخ جراح بالقدس الشرقية المحتلة تجمع ما بين التهجير القسري والتطهير العرقي".
وأدان الهدمي إقدام شرطة وبلدية الاحتلال على إخلاء واعتقال وتشريد عائلة صالحية والمتضامنين معها في عملية لصوصية في فجر اليوم قارس البرودة، مشيراً إلى أن أكثر من 100 من عناصر شرطة الاحتلال شاركوا في جريمة دهم منزل عائلة صالحية بطريقة وحشية ترقى إلى جريمة حرب وتكرار لنكبة تهجير العائلة من عين كارم عام 1948.
واعتبر الهدمي أن هدم منزل عائلة صالحية على أرض تمتلكها بعد تهجيرها القسري، جريمة تطهير عرقي بموجب القانون الدولي والإنساني، قائلاً: "إن مشاهد ركام المنزل تدحض مزاعم بلدية وشرطة الاحتلال التي تحاول أن تزين الجريمة".
وأشار الهدمي إلى أن حكومة الاحتلال ضربت عرض الحائط بالمواقف الرافضة لجريمة الإخلاء والهدم التي عبّر عنها ممثلو الدول الأوروبية والغربية عند تضامنهم مع العائلة، مضيفاً: "هذا الرد الإجرامي الإسرائيلي على المطالب الدولية يستدعي من المجتمع الدولي التحرك السريع والعاجل لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني كخطوة أولى نحو إنهاء الاحتلال".
من جانبها، أدانت الرئاسة الفلسطينية، في بيان صحافي، هدم منزل عائلة صالحية، معتبرة ذلك بمثابة جريمة حرب تتحمل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية عن تداعياتها الخطيرة.
وطالبت الرئاسة الفلسطينية، الإدارة الأميركية، بتحمل المسؤولية والتدخل الفوري لوقف هذه الجرائم الإسرائيلية المتواصلة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في القدس، وتحديداً حيّ الشيخ جراح، داعية إلى الإسراع بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني الذي يتعرض لسياسة تمييز عنصري لم يشهد لها العالم مثيلاً.
على صعيد منفصل، أصدرت محكمة بلدية الاحتلال في القدس، اليوم، قراراً بتجميد هدم مسجد التقوى في بلدة العيسوية بالقدس حتى 14 من الشهر المقبل، وفي حال تفعيل قرار الهدم، على البلدية إبلاغ المحامي قبل 72 ساعة، وفق مركز معلومات وادي حلوة المقدسي.
وأشار المركز إلى أن أهالي العيسوية بنَوا المسجد بتبرعاتهم قبل حوالى 4 أشهر، وتمّ الانتهاء من بناء الطابق الأرضي.
رفض استئناف منع هدم منزل الشهيد أبو شخيدم
بالتوازي مع ذلك، رفضت محكمة إسرائيلية، اليوم، استئنافاً لعائلة الشهيد المقدسي فادي أبو شخيدم بمنع هدم منزلها في مخيم شعفاط شمال القدس، بينما مدد الاحتلال اعتقال أفراد من عائلة صالحية التي هدمت قوات الاحتلال منزلها في حيّ الشيخ جراح بمدينة القدس.
وأفاد مدحت ديبه، محامي عائلة الشهيد فادي أبو شخيدم، بأن محكمة إسرائيلية قررت بأغلبية قاضيين ضد قاضٍ واحد رفض استئناف عائلة أبو شخيدم ضد أمر هدم منزلها الكائن في مخيم شعفاط شمالي القدس المحتلة.
وقررت المحكمة وجوب قبول الالتماس المقدم من العائلة وعدم معاقبة باقي أفراد العائلة، ودعت إلى عقد جلسة موسعة من أكثر من سبعة قضاة للبت في مسألة صلاحية القائد العسكري اتخاذ قرارات هدم بموجب قانون الطوارئ.
والشهيد أبو شخيدم منفذ عملية إطلاق النار بالقدس في شهر نوفمبر/تشرين الأول 2021، التي قتل فيها جندي إسرائيلي وأُصيب 3 آخرون، وهو متزوج ولديه أطفال، ويحمل شهادة الماجستير في الشريعة الإسلامية.
في شأن آخر، اعتبرت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، اليوم الأربعاء، أن منع دولة الاحتلال الإسرائيلي إجراء تحقيق مع المستوطن الذي ارتكب جريمة دهس الشهيد الشيخ سليمان الهذالين (75 عاماً) في خربة أم الخير شرق بلدة يطا جنوب الخليل جنوبيّ الضفة الغربية، إمعان إسرائيلي في ارتكاب الجريمة والعنصرية بأبشع أشكالها.
وأوضحت الخارجية الفلسطينية، في بيان صحافي، اليوم الأربعاء، أن "هذا السلوك الإسرائيلي الرسمي يعكس حجم تفشي العنصرية والفاشية في دولة الاحتلال وسيطرتها على مفاصل الحكم ومراكز اتخاذ القرار في أجهزتها المختلفة تجاه كل ما هو فلسطيني، ويعكس أيضاً عقلية استعمارية استعلائية تبيح لنفسها استباحة حياة الفلسطيني وقتله والإسراع لإخفاء جميع الأدلة التي تثبت وقوع الجريمة وتكشف المتورطين فيها".
في شأن آخر، تمكن محامو مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان، الأربعاء، من انتزاع أمر احترازي من المحكمة العليا للاحتلال بمنع هدم مدرسة بادية عين سامية الأساسية المختلطة التي أقيمت يوم السبت الماضي، في تجمع عين سامية البدوي المهدد بالترحيل القسري شرق بلدة كفر مالك شرق رام الله وسط الضفة الغربية.