أوقفت الشرطة التونسية رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، مساء أمس الإثنين، بعد مداهمة منزله، إثر صدور مذكرة توقيف من النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب على خلفية إدلائه بتصريحات لم يُكشف عن فحواها.
وقال مصدر مسؤول في وزارة الداخلية، لوكالة الأنباء التونسية "وات"، إنّ "فرقة أمنية أوقفت الغنوشي إثر صدور مذكرة توقيف من النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب".
وأفاد المصدر ذاته بأنّ "الفرقة الأمنية قامت بتفتيش منزل الغنوشي وحجز كل ما يفيد الأبحاث بإذن من النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب". وأضاف أنّ "الغنوشي سيبقى على ذمة الأبحاث في قضية تتعلق بتصريحات تحريضية كان أدلى بها، إلى حين اتخاذ الإجراءات بخصوصه".
وكان رياض الشعيبي، المستشار السياسي للغنوشي، قد قال في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ قوات الشرطة داهمت منزله (الغنوشي) وقت الإفطار، فيما لم يسمح له بدخول المنزل لمتابعة ما يحصل ومعرفة أسباب هذا التوقيف وفي هذا التوقيت الذي وصفه بـ"الاستفزاز المباشر".
كما أكد صهر الغنوشي، وزير الخارجية الأسبق رفيق عبد السلام، في تدوينة على صفحته في "فيسبوك"، توقيف الغنوشي واقتياده إلى ثكنة العوينة، في ضواحي العاصمة تونس.
حركة "النهضة": نحمّل السلطة مسؤولية سلامة الغنوشي
وفي مؤتمر صحافي طارئ مساء الإثنين، أكدت حركة النهضة أنها تحمّل السلطة مسؤولية سلامة الغنوشي، مبينة أنها تندد بطريقة الاعتقال وتطالب بإطلاق سراحه فوراً.
وأوضحت أنّ اعتقال الغنوشي لن يفيد التونسيين في شيء، مضيفة أنّ الاعتقال لم يطل الغنوشي فقط، بل بعض مرافقيه كذلك.
وقال القيادي في "النهضة"، منذر الونيسي، خلال المؤتمر الصحافي، إنّ "الاعتقال تم بطريقة استعراضية، وتم تفتيش منزل الغنوشي، واقتياده إلى جهة غير معلومة إذ توجه محاموه إلى العوينة في البداية وتم نفي وجوده هناك ثم تأكد بعد ساعات أنه هناك"، مؤكداً أنه "تم منع المحامين من حضور التحقيق".
وفيما أشار إلى أن "مثل هذه الممارسات حصلت مع نائب رئيس الحركة نور الدين البحيري، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، وهي تتكرر في تجاوز واضح للقانون"، شدد على أنّ "النهضة تحمّل سلطة الأمر الواقع أي مساس بسلامته الجسدية والنفسية، والتعدي على حق التونسيين في ممارسة السياسة".
وأضاف الونيسي: "النهضة تتحمل مظلمة تاريخية ثانية تاريخية من الإقصاء، وكأن البعض لا يريد وجودها في تونس"، مؤكداً أن "الديمقراطية حق مشروع ومطلب جلّ الشعوب".
وأوضح أنّ "الغنوشي مواطن تونسي ورئيس حزب وله حضور وطني ودولي، وساهم في فترة ما في قيادة البلاد وإيصالها إلى بر الأمان، فكيف تتم معاملة شخصية في حجم الغنوشي ورئيس برلمان سابق بهذه الطريقة؟".
وأكد الونيسي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ "الهدف من هذه الاعتقالات التي طاولت حركة النهضة وغيرها، تعفين المناخ السياسي وقتل السياسة في تونس"، مبيّناً أنّ "من يتولى السلطة للأسف لا يقبل الاختلاف، ومتوجه نحو دكتاتورية، وكأنه لا يحق لأي شخص التكلم، وهي ممارسات تم تجاوزها، والديمقراطية مطلوبة حيث تحلّ المشاكل بصناديق الاقتراع وليس بالاعتقالات".
من جهته، قال القيادي في "النهضة"، نور الدين الربعاوي، في كلمة له، إنّ "الإيقاف حصل ليلة 27 (من رمضان) وهي ليلة تذرع لإزالة الهموم، ولكن في تونس تحولت إلى ليلة لزيادة الاستهداف والهموم"، مؤكداً أنّ "هناك كوكبة من السياسيين في السجون، ويضاف إلى ذلك القائد والرمز راشد الغنوشي الذي يتعرض اليوم لمظلمة".
ولفت، في تصريح لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ عملية الإيقاف "غير قانونية، وتمت بطريقة فجة"، مؤكداً أنّ "كل ما حصل يندى له الجبين، وأنّ الغنوشي موقوف على خلفية قانون الإرهاب، وما حصل فضيحة دولة".
وكانت حركة النهضة قد أصدرت بياناً قالت فيه إنّ "فرقة أمنية قامت، مساء اليوم الإثنين، بمداهمة منزل الغنوشي واقتادته إلى جهة غير معلومة دون احترام لأبسط الإجراءات القانونية".
ونددت الحركة باعتقال الغنوشي، واصفة إياه بـ"التطور الخطير جداً"، مطالبة بإطلاق سراحه فوراً، والكف عن استباحة النشطاء السياسيين المعارضين، كما دعت "كل الأحرار إلى الوقوف صفاً واحداً في وجه هذه الممارسات القمعية المنتهكة للحقوق والحريات ولأعراض السياسيين المعارضين".