الأمم المتحدة: النظام السوري لم يحرز تقدماً في نزع سلاحه الكيميائي

08 فبراير 2023
عقد مجلس الأمن اليوم جلسة استماع دورية في ملف الكيميائي السوري (Getty)
+ الخط -

أكدت الممثلة السامية للأمم المتحدة لشؤون نزع السلاح إيزومي ناكاميتسو على عدم تحقيق أي تقدم بخصوص المسائل العالقة والمرتبطة بالإعلان الأولي والإعلانات اللاحقة المتعلقة بسورية والتخلص الكامل من الأسلحة الكيميائية، منذ إحاطة المنظمة الأخيرة قبل قرابة شهر أمام مجلس الأمن الدولي.

وأشارت لاستمرار تعثر جهود الأمانة الفنية لتنظيم جولة مشاورات بين فريق تقييم الإعلان واللجنة الوطنية السورية، ولفتت الانتباه إلى وجود قرابة عشرين مسألة غير محسومة على الرغم من توفير الأمانة الفنية الملفات اللازمة والتي كانت قد قدمتها للجانب السوري منذ عام 2019 ولكنها لم تحصل حتى الآن على الأجوبة والمعلومات المطلوبة.

ولفتت الانتباه إلى إنه، وعلى الرغم من ذلك، تم الاتفاق على إرسال فريق مصغر لسورية ليقوم بأنشطة داخلية محدودة بين 17 و22 من الشهر الماضي، وأكدت أن الفريق أنهى زيارته وسيرفع تقريره ويقدمه الشهر القادم.

وحول عمليات التفتيش في مرافق مركز الدراسات والبحوث العلمية في برزة وجمرايا، قالت: "تم إعلامي بأن الأمانة الفنية تواصل التخطيط لجولة التفتيش القادمة التي ستجري في عام 2023". كما شددت ناكاميتسو على "دعم الأمم المتحدة لنزاهة عمل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وحيادتها وموضوعيتها".

وتأتي ملاحظتها الأخيرة في سياق تشكيك روسيا والنظام بعمل المنظمة وحياديتها وخاصة بعد صدور عدد من التقارير عن المنظمة تتهم النظام باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد المدنيين.

وجاءت تصريحات المسؤولة الأممية خلال إحاطة لها أمام مجلس الأمن الدولي في اجتماعه الشهري حول تنفيذ القرار 2118 الصادر عام 2013، والذي اتخذه المجلس بالإجماع، ويقضي بالتحقق من مخزونات سورية من الأسلحة الكيميائية وتدميرها.

وقدم المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية فرناندو أرياس أيضاً إحاطته أمام المجلس حول التقرير الصادر أخيرا عن فريق التحقيق وتحديد الهوية، التابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، بشأن هجمات بالأسلحة الكيميائية وقعت في دوما في السابع من إبريل/ نيسان 2018.

ومن أبرز ما جاء في التقرير أن "هناك أسبابا معقولة للاعتقاد بأنه وأثناء هجوم عسكري كبير هدف إلى السيطرة على مدينة دوما، بين الساعة السابعة وعشر دقائق والسابعة وأربعين دقيقة مساء، انطلقت مروحية واحدة على الأقل، تابعة للقوات الجوية العربية السورية، من طراز آي- 17/8، من قاعدة الضمير الجوية، التي كانت تحت سيطرة قوات النمر، وألقت أسطوانتين صفراوين أصابتا مبنيين سكنيين وسط المدينة، ما أدى إلى مقتل 43 شخصا وإصابة العشرات". وهذا هو التقرير الثالث لفريق التحقيق.

وشدد أرياس على أن الفريق فحص مطولا عددا من السيناريوهات المختلفة والمتناقضة بما فيها الادعاءات (الروسية والسورية) بأن العملية مفبركة وأن قوات من المعارضة المسلحة هي التي استخدمت تلك الأسطوانات. وقال أرياس "خلص الفريق إلى أن غاز الكلورين عالي التركيز الذي جاء من واحدة من هاتين الأسطوانتين قتل 43 شخصا في أحد المبنيين".

وحول الادعاءات بأنه تم رمي الأسطوانة من مبنى مجاور، قال "يثبت عمل الفريق أن الهجمة لم تكن مفبركة أو أنه تم وضع الأسطوانتين بشكل يدوي أو إلقاؤهما من مبنى مجاور. كما أن نوعية الضرر في سطح المبنى تظهر أن الأسطوانات التي ألقيت على المباني جاءت من ارتفاع أعلى، أي من مروحية، وليس من مبنى آخر مجاور. كما لا يستوي هذا مع وجود المروحيات في الوقت ذاته في المنطقة".

كما يشير فريق التحقيق إلى أنه توصل للنتائج بعد معاينة 19 ألف ملف، وصور أقمار صناعية، ومعلومات مقدمة من دول وأفراد، ومقابلات مع عشرات الناجين من الحادثة، من بينهم نساء، وسبعين عينة أخذت من عين المكان وخبراء وغيرها من المواد التي اعتمد عليها.

إلى ذلك، شكك السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبنزيا بمصداقية الفريق وعمله ورفض النتائج وطعن بمصداقية التقرير ومصداقية أرياس، وادعى أن التقرير مسيس واتهم الدول الغربية بالتزييف، وشدد على ادعاءات سابقة لبلاده بأن الحادثة مفبركة.

ومن جهتها، أدانت الولايات المتحدة، خلال الجلسة، وعلى لسان نائبة السفيرة الأميركية بوني جينكينز، استخدام "نظام الأسد هذه الأسلحة المروعة بشكل متكرر"، ثم تحدثت عن الدور الروسي في الحادثة واتهمت "الشرطة العسكرية الروسية بمساعدة النظام السوري لعرقلة وصول منظمة حظر الأسلحة الكيميائية إلى موقع الهجوم وحاولت تعقيمه عقب الهجوم الكيمياوي بتاريخ 7 إبريل/نيسان 2018".

وطالبت "نظام الأسد بالامتثال الفوري لالتزاماته بموجب معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة"، وقالت "ينبغي أن تعلن سورية عن برنامج أسلحتها الكيميائية وتدمره بشكل كامل وتسمح بوجود موظفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في البلاد للتحقق من ذلك".

وعبرت المسؤولة الأميركية عن قلقها العميق "إزاء جهود سورية لإعادة بناء برنامج أسلحتها الكيميائية. على روسيا، من جانبها، التوقف عن حماية الحكومة السورية من المساءلة"، وقالت إن تقرير منظمة حظر الأسلحة الكيمائية "يدحض ادعاء روسيا أن المعارضة المسلحة هي المسؤولة عن هذا الهجوم".

ورحب عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن، الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا اليابان وسويسرا وألبانيا ومالطا والإكوادور، بتقرير المنظمة الدولية. وجاء ذلك بعد انتهاء الجلسة في بيان صادر عنها قرأه السفير الياباني بحضور بقية السفراء. ورأت هذه الدول أن التقرير يشكل خطوة "مهمة وضرورية لإثبات الحقيقة بشأن هجوم 2018 المروع على دوما".

وجاء في البيان أيضاً أن هذه هي "النتيجة التاسعة التي توصل فيها الخبراء المستقلون المحايدون على أساس مجموعة كافية وموثوقة من المعلومات". وأضاف البيان "إن عدم محاسبة منتهكي اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية يشير للآخرين بأن هذه الهجمات مقبولة. إن الإفلات من العقاب على استخدام الأسلحة الكيميائية، من قبل أي شخص، في أي ظرف من الظروف، لا يمكن ولن يُسمح به".

في السياق ذاته، قال مدير مركز توثيق الانتهاكات الكيميائية في سورية نضال شيخاني، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه "يجب على مجلس الأمن اتخاذ خطوات فعلية وصارمة لضمان حقوق اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية بما في ذلك حقوق السوريين"، مضيفاً أن "الروس سعوا أكثر من مرة وأكثر من محاولة لطمس معالم هذه الجريمة، بما في ذلك تقديم شهادات زور في لاهاي، وحرق ما يزيد عن 35 جثة في دوما بدافع طمس معالم الجريمة وحماية النظام السوري من أي عقوبات متوقعة".

وأشار شيخاني إلى أن "هناك قناعات لدول الأطراف بأن النظام السوري متورط في نقل واستخدام واستحداث الأسلحة الكيميائية وهذه ليست المرة الأولى"، مشدداً على أنه "لدينا سبعة مواقع مؤكدة لجثث مدفونة في دوما تعرضت لاستخدام الأسلحة الكيميائية في إبريل/ نيسان 2018"، لافتاً إلى أنه "في حال تأمين حماية دولية لدخول هذه المنطقة، وإخراج النظام السوري منها، سنعمل على سحب الجثث المدفونة السبع من أماكن يعرفها بعض الشهود، وإذا تم ذلك، ومن خلال استخراج هذه الجثث، من الممكن تحديد أن هذه الجثث تعرضت إلى استخدام الأسلحة الكيميائية حتى لو بعد 100 عام".

المساهمون