في المؤتمر الصحافي المشترك الذي أعقب اجتماع وزراء خارجية 4 دول عربية مع وزير الخارجية الإسرائيلي يئير لبيد، ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن، في النقب أمس الاثنين، قال الوزير المصري سامح شكري: "نحن نرى تطورات بناءة في تطبيع العلاقات بيننا، ونرى أن المسار (يقصد معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية)، بدأ يحظى باعتراف بأهميته وأهمية الأمن والاستقرار للمنطقة".
وكشفت مصادر دبلوماسية مصرية، في أحاديث خاصة لـ"العربي الجديد"، أن "حديث وزير الخارجية المصري يؤكد أن هناك ما يحاك حالياً في الغرف المغلقة، فيما يتعلق بالشرق الأوسط الجديد، بدأت تتضح معالمه". وأضافت أن "اجتماع النقب، على الرغم من أنه يبدو متعجلاً، إلا أن الإعداد له بدأ منذ فترة، وهو بمثابة إعلان عن تحالف إقليمي جديد، بقيادة إسرائيل".
لم يحظ الاجتماع بمباركة مسؤولين داخل بعض أجهزة الدولة السيادية
وكشفت مصادر خاصة، عن اجتماع عُقد الأسبوع الماضي، في مكتبة الإسكندرية، ضم ممثلين عن 9 شركات إسرائيلية، ومسؤولين في مجلس الأمن القومي التابع للحكومة الإسرائيلية، ورجال أعمال مصريين، تم برعاية جهاز المخابرات المصرية، بحث فرص استثمارات ومشاريع إسرائيلية في مصر.
قلق من توغل إسرائيل في المجتمع المصري
ووصفت المصادر الاجتماع بأنه "بداية صفحة جديدة في العلاقات المصرية الإسرائيلية، لم تحظ بمباركة مسؤولين داخل بعض أجهزة الدولة السيادية، خصوصاً أنها ستفتح المجال أمام توغل إسرائيل في المجتمع المصري، اقتصادياً واجتماعياً وسياسياً بشكل قد يؤثر على الأمن القومي للبلاد".
وقالت المصادر إنه تم خلال الاجتماع، الاتفاق بشكل نهائي على منح شركات الطيران الإسرائيلية، التصاريح اللازمة لتسيير خط الطيران الجديد بين مطار بن غوريون الدولي ومطار شرم الشيخ، ابتداء من شهر إبريل/نيسان المقبل، إضافة إلى مناقشة إمكانية فتح استثمارات إسرائيلية، بمحافظة جنوب سيناء.
وكان رئيس حكومة الاحتلال نفتالي بينت أعلن، قبل أيام، عن افتتاح الخط، مشيراً إلى أن من شأن هذه الخطوة تعميق آفاق التعاون بين مصر وإسرائيل، كاشفاً أنه تمّ الاتفاق على إعفاء السيّاح الإسرائيليين المتوجهين إلى شبه جزيرة سيناء من الحصول على تأشيرة دخول. وأعلنت شركة "إسرائيل للطيران" أنها ستسيّر ثلاث رحلات جوية يومياً إلى شرم الشيخ بمجرد استلام التصاريح.
وكشفت المصادر، التي تحدثت مع "العربي الجديد"، أن ممثلي الشركات الإسرائيلية، عرضوا خلال اجتماع الإسكندرية، رؤيتهم للفرص الاستثمارية في مصر، وعبّروا عن رغبتهم في الدخول إلى مجال السياحة، خصوصاً في شبه جزيرة سيناء.
تعويض السياحة الأوكرانية والروسية
وقالت المصادر إن الجانب الإسرائيلي، عرض على المسؤولين المصريين، فكرة تعويض السياحة الأوكرانية والروسية، التي كانت تتوجه إلى سيناء عبر طيران الـ"شارتر"، وتوقفت بسبب الحرب، بسائحين إسرائيليين، وهي الفكرة التي لاقت قبولاً لدى المصريين، خصوصاً مع تراجع أعداد السائحين، والذين كانوا يشكلون مصدراً مهماً للعملة الصعبة.
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أصدر قراراً، يوم الجمعة الماضي، باستثناء مدينتي شرم الشيخ ودهب وقطاع خليج العقبة السياحي، بمحافظة جنوب سيناء، مـن الخضوع لجميع أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، الصادر بالمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012.
وتنص المادة الثانية من القانون، الذي قرره المجلس الأعلى للقوات المسلحة، في 19 يناير/ كانون الثاني 2019، حيث كان يمتلك سلطة التشريع آنذاك، على: "يكون تملك الأراضي والعقارات المبنية بالمنطقة للأشخاص الطبيعيين من حاملي الجنسية المصرية وحدها دون غيرها من أية جنسيات أخرى، ومن أبوين مصريين، وللأشخاص الاعتبارية المصرية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين. ويقع باطلاً بطلاناً مطلقاً أي عقد تملك يُبرم على خلاف ذلك، ولكل ذي شأن التمسك بالبطلان أو طلب الحكم به، وعلى المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها".
دبلوماسي مصري سابق: اجتماع الشركات الإسرائيلية مع مسؤولين مصريين ورجال أعمال خطوة في صفقة القرن
ويقضي قرار السيسي، رقم 128 لسنة 2022، بـ"استثناء مدينتي شرم الشيخ ودهب، وقطاع خليج العقبة السياحي في محافظة جنوب سيناء، من الخضوع لجميع أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، الصادر بالمرسوم بقانون رقم 14 لسنة 2012، طبقاً للوحات المساحية وكشوف الإحداثيات المرافقة للقرار".
ويكون تملك الأراضي والعقارات المبنية في المناطق الخاضعة لأحكام القرار للأشخاص الطبيعيين من حاملي الجنسية المصرية، وللأشخاص الاعتبارية المصرية المملوك رأس مالها بالكامل لمصريين. ومع عدم الإخلال بالحقوق المكتسبة، يكون التصرف من قبل جهات الولاية، في الأراضي أو العقارات المبنية المملوكة للدولة - ملكية خاصة - في المناطق المُشار إليها للأفراد والأشخاص الاعتبارية الخاصة بنظام حق الانتفاع.
ونص القرار على ألا تزيد مدة حق الانتفاع عن 75 عاماً، مع أحقية المتصرف في تملك المنشآت التي يقيمها على الأرض المُنتفع بها طوال مدة الانتفاع. ويجوز التصرف بالبيع في المنشآت المبنية من دون الأراضي المُقامة عليها، وفقاً للعقود النموذجية المؤمنة المرافقة للقرار.
اعتراض على تعديل وضع سيناء
وقالت المصادر إن هناك جناحاً داخل القوات المسلحة المصرية، وهيئة الأمن القومي "التابعة لجهاز المخابرات العامة"، اعترض على تعديل الوضع القانوني لشبه جزيرة سيناء، لا سيما أن القرار جاء بعد أيام قليلة من زيارة بينت إلى مدينة شرم الشيخ وعقد مباحثات مع السيسي في حضور ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد.
وكشفت المصادر أن اللقاء الثلاثي استهدف التوصل إلى تفاهمات أمنية، وأخرى اقتصادية بشأن سيناء، تتمثل في إقامة مدينة صناعية بالقرب من الحدود مع قطاع غزة، تتولى الإمارات الجانب الأكبر من تمويلها، فضلاً عن مشروعات اقتصادية أخرى مرتقبة بين مصر وإسرائيل في شبه جزيرة سيناء.
وعلق دبلوماسي مصري سابق، على اجتماع الشركات الإسرائيلية مع رجال أعمال مصريين بمكتبة الإسكندرية برعاية المخابرات العامة، قائلاً إن "نظام السيسي، يهرول الآن باتجاه إسرائيل، اعتقاداً منه أنها تلعب دوراً محورياً في الإقليم، ويمكن أن تساعده في تجاوز الأزمة الاقتصادية، التي تضرب البلاد حالياً وتهدد استقرار النظام".
وقال المصدر إن "دولة الاحتلال لن تجد فرصة أفضل من الآن، حيث يواجه السيسي صعوبات شديدة بسبب حالة الغليان على المستوى الشعبي، وحالة الرفض داخل بعض الأجهزة لطريقة إدارته للحكم، من أجل الحصول على تنازلات مصرية تصب في مصلحة الاحتلال".
خطوة جديدة في "صفقة القرن"
وأشار المصدر إلى أن "اجتماع الشركات الإسرائيلية مع مسؤولين مصريين ورجال أعمال، يعد بمثابة خطوة جديدة في ما يسمى بـ"صفقة القرن" (خطة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لتصفية القضية الفلسطينية)، والتي من المقرر أن تحصل مصر من خلالها على 9.167 مليارات دولار من قيمة المبالغ المالية في إطار إنفاذ الصفقة، محتلة المركز الثاني بعد الأراضي الفلسطينية، التي ستحصل على 27.8 مليار دولار، وقبل الأردن الذي سيحصل على 7.365 مليارات دولار، ولبنان الذي سيحصل على 6.325 مليارات دولار".
وبحسب الخطة فإنه من المستهدف تخصيص 500 مليون دولار لتطوير منشآت ومرافق الطاقة في سيناء، وجعل مدنها قابلة للحياة، وجاذبة للاستثمار، في حال المضي قدماً في الصفقة. وكذلك تخصيص 500 مليون دولار لتطوير منشآت ومرافق المياه في سيناء لجذب مزيد من الاستثمار، والأيدي العاملة المستدامة.
وكان السيسي قد أصدر قراراً جمهورياً، في فبراير/ شباط 2021، بـ"استثناء مدينتي شرم الشيخ ودهب بجنوب سيناء من نطاق تطبيق أحكام قانون التنمية المتكاملة في شبه جزيرة سيناء، بشكل جزئي"، وهو القانون الهادف لتحويل سيناء إلى منطقة عسكرية بصفة دائمة، من خلال فرض رقابة القوات المسلحة على كافة الأنشطة الاقتصادية المستقبلية فيها.
غير أن السيسي أضاف في القرار الجديد "قطاع خليج العقبة السياحي" إلى الاستثناء من جميع أحكام القانون، والذي يحظر التملك، أو الانتفاع، أو الإيجار، أو إجراء أي نوع من التصرفات في الأراضي والعقارات الواقعة في المناطق الاستراتيجية ذات الأهمية العسكرية، والمناطق المتاخمة للحدود. ويكون استغلالها طبقاً للضوابط والقواعد التي يصدر بها قرار من وزير الدفاع، والجزر الواقعة بالبحر الأحمر، والمحميات الطبيعية والمناطق الأثرية وحرمها.