اجتماع ثانٍ مرتقب للقوى العراقية الخميس برعاية الكاظمي.. ومحاولات لإقناع الصدريين بالمشاركة
تعتزم القوى السياسية العراقية عقد اجتماع ثانٍ لها يوم غد الخميس برعاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وسط محاولات لإقناع "التيار الصدري"، بزعامة مقتدى الصدر، بالمشاركة فيه بعد مقاطعته الاجتماع الأول الذي عُقد في 17 آب/أغسطس الجاري، والذي لم يُفضِ إلى أية حلول ونتائج لحلّ الأزمة السياسية التي يمرّ بها العراق منذ أكثر من عشرة أشهر.
ويعوِّل الكاظمي على الاجتماع لإقناع القوى المشاركة بالعدول عن خطوات تحشيد الشارع بالتظاهرات والتظاهرات المضادة، وخطر الصدام المحتمل بين الطرفين، فيما دفعت الأحداث المتسارعة في العراق، والمتمثلة بتعليق عمل المؤسسة القضائية، إثر اعتصام أنصار "التيار الصدري" أمام مبنى مجلس القضاء الأعلى في المنطقة الخضراء في قلب العاصمة بغداد، الكاظمي إلى قطع زيارته لمصر، والعودة إلى البلاد.
وقال مصدر مسؤول في رئاسة الوزراء العراقية، لـ"العربي الجديد"، إن "يوم غد الخميس سيشهد القصر الحكومي اجتماعاً ثانياً للقوى السياسية العراقية، برعاية الكاظمي، وهو إكمال للاجتماع الأول، وهناك محاولات لإقناع التيار الصدري بهذا الاجتماع وعدم مقاطعته، كما حصل في الاجتماع الأول".
وأكد المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، "إدراك الجميع بشكل جيد أن أي حوار لا يحضره "التيار الصدري" لن يأتي بأي نتائج أو حلول، إذ إن التيار جزء أساسي ومهم من الأزمة السياسية، لذا يجب أن يكون له مشاركة بأي حوار وتفاوض"، و"عكس ذلك لن ينتج الحوار أي حلول، ولهذا، المساعي قائمة لإقناع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بإرسال من يمثله في اجتماع القوى السياسية في القصر الحكومي".
هل يؤجل الاجتماع؟
وقال المصدر، خلال حديث مع "العربي الجديد"، إن هناك رسائل وصلت من بعض أطراف "الإطار التنسيقي" بمقاطعة قوى الإطار الاجتماع وعدم المشاركة لاتهام الكاظمي بأنه "جزء من المشكلة والأزمة"، وهو ما قد يدفع رئيس الوزراء إلى تأجيل الاجتماع بسبب عدم مشاركة "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي"، اللذين يمثلان أساس الأزمة والخلاف والصراع السياسي.
واختتم المصدر المسؤول في رئاسة الوزراء حديثه قائلاً: "إن الكاظمي يواصل اتصالاته وتواصله مع الأطراف السياسية كافة من أجل نجاح اجتماع يوم غد المرتقب ودفع "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي" إلى المشاركة فيه للوصول إلى تفاهمات لحل الأزمة التي وصلت إلى مرحلة خطيرة جداً، قد تنذر باندلاع الصدام ما بين جمهور الإطار والتيار خلال المرحلة المقبلة".
"الإطار التنسيقي" لم تحسم أمرها بشأن المشاركة باجتماع الكاظمي
من جهته، قال القيادي في "الإطار التنسيقي"، عائد الهلالي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "قوى الإطار حتى الساعة لم تحسم أمرها من المشاركة من عدمها في اجتماع القوى السياسية يوم غد الخميس في القصر الحكومي، بسبب مواقف الكاظمي غير الحيادية والمهنية من التعامل والتعاطي مع الأزمة السياسية ووقوفه مع طرف سياسي ضد أطراف أخرى".
وبيّن الهلالي أن قوى "الإطار التنسيقي" كانت وما زالت داعمة لأي مبادرة لحل الأزمة السياسية وفق الحوار والتفاوض، لكن هي تريد المشاركة في اجتماعات سياسية تفضي إلى حلول واقعية للأزمة، خصوصاً أن "أي حوار دون مشاركة "التيار الصدري" فيه لن تكون له أي نتائج"، مضيفاً أن "التيار أساس الأزمة، ولهذا يجب أن يكون مشاركاً في أي حوار وتفاوض لمناقشة ما يريده من مطالب، والعمل على تحقيقها وفق الأطر الدستورية والقانونية".
وبحسب القيادي، فإن الإطار أوقف الحوارات كافة مع "التيار الصدري" بسبب التجاوز "الخطير والكبير" على المؤسسة القضائية، ولهذا "قد لا يشارك الإطار في اجتماع القوى السياسية المرتقب، دون وجود قرارات حكومية تمنع أي تجاوز وتمادٍ على مؤسسات الدولة العراقية من قبل التيار، تحت أي ذريعة كانت".
"الديمقراطي الكردستاني": نعمل على تقريب وجهات النظر بين الإطار والتيار
أما القيادي في "الحزب الديمقراطي الكردستاني" مهدي عبد الكريم، فقال لـ"العربي الجديد" إن أي اجتماع سياسي يعقد دون مشاركة "التيار الصدري" لن تكون له نتائج إيجابية لحل الأزمة السياسية، داعياً إلى "ضرورة العمل على إقناع الصدريين بالمشاركة في الاجتماع السياسي المرتقب في القصر الحكومي، وبخلاف ذلك لن تكون هناك أي نتائج جديدة بهذا الاجتماع لحل الأزمة".
وبيّن عبد الكريم أن ""الحزب الديمقراطي الكردستاني" ما زال يعمل حتى الساعة من أجل تقريب وجهات النظر ما بين "التيار الصدري" و"الإطار التنسيقي"، من أجل إيجاد تفاهمات تحلّ الأزمة السياسية في العراق"، وأكد أن الحزب "يدعم بقوة أي حوار وتفاوض يهدف إلى إنهاء الخلاف والصراع السياسي، ولهذا سيكون مشاركاً بأي اجتماع سياسي يعمل من أجل تحقيق هذه الأهداف".
اجتماع لا يختلف عن سابقه
في المقابل، قال المحلل السياسي مناف الموسوي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "التيار الصدري" ما زال يرفض بشدة المشاركة في أي حوار سياسي دون تحقيق مطالبه المتعلقة بحلّ مجلس النواب العراقي، وتحديد موعد الانتخابات المبكرة، معرباً عن اعتقاده بـ"عدم تغيّر الموقف".
وبيّن الموسوي أن "اجتماع القوى السياسية الثاني في القصر الحكومي لن يكون مختلفاً من ناحية النتائج عن الاجتماع الأول، فهو لم يخرج بأية حلول حقيقية وواقعية لإنهاء الأزمة، كذلك نعتقد أن حلّ الأزمة يكون من خلال تحقيق مطالب التيار الصدري، دون تسويفها ومحاولة كسب الوقت من قبل بعض قوى "الإطار التنسيقي"".
وأضاف أن محاولة كسب الوقت من قبل بعض قوى "الإطار التنسيقي" لتسويف مطالب الصدريين ستدفعهم من جديد إلى تصعيد الاحتجاجات الشعبية خلال المرحلة المقبلة، لتشمل محافظات جديدة، وعدم الإبقاء عليها في العاصمة بغداد فقط.
ودخلت الأزمة العراقية، أمس الثلاثاء، فصلاً جديداً من التعقيد، بعد بدء أنصار "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر اعتصاماً أمام مقرّ مجلس القضاء الأعلى داخل المنطقة الخضراء، وسط العاصمة بغداد، مطالبين بحلّ مجلس النواب وعدم تسيّس المؤسسة القضائية، وإصلاح القضاء في العراق.
ويتضاعف القلق في الشارع العراقي من استمرار الأزمة السياسية الأطول في البلاد منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، بعد دخول المليشيات والجماعات المسلحة الحليفة لإيران على خط الأزمة، بالاصطفاف مع قوى "الإطار التنسيقي" ضد "التيار الصدري" بزعامة مقتدى الصدر، الذي تصدّر الانتخابات الأخيرة التي أجريت في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وأعلن الصدر انسحاب نوابه من البرلمان بعد ما وصفه بالتفاف قوى "الإطار التنسيقي" على مشروع حكومة الأغلبية الوطنية، وإصرارها على حكومة توافقية جديدة قائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية، التي يراها الصدر سبباً رئيساً في استمرار الفساد والتردي الخدماتي في البلاد.