اتفاق بين الجزائر ونيجيريا على حل سلمي للأزمة في النيجر

23 اغسطس 2023
وزير الخارجية الجزائري ونظيره النيجيري (تويتر)
+ الخط -

أعلنت وزارة الخارجية الجزائرية أن الوزير أحمد عطاف توصل إلى اتفاق مع نظيره وزير الخارجية النيجيري يوسف مايتنا توجار "بتعزيز التنسيق بين البلدين في قادم الأيام بغية استغلال الفرص المتاحة كافة لتفعيل الحل السياسي وعدم تفويت أي منها لضمان استعادة الأمن والاستقرار في النيجر بطريقة مستدامة".

وأفاد بيان للخارجية أن عطاف الذي وصل اليوم إلى أبوجا، أجرى فور وصوله مشاورات مطولة مع نظيره النيجيري، وحول الأزمة في جمهورية النيجر وتطوراتها، "لتعزيز الجهود الرامية لبلورة حل سلمي لها بالشكل الذي يضمن العودة إلى النظام الدستوري في البلاد ويجنبها مخاطر التدخل العسكري التي لا يمكن التنبؤ بها".

وتتوافق الجزائر ونيجيريا في الموقف الداعي إلى عودة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه واستعادة المسار الدستوري سريعاً، لكنهما يتعارضان من حيث الموقف من استخدام الخيار العسكري، الذي تتبناه نيجيريا وتحذر منه الجزائر بشدة.

وسمح اللقاء بين الوزيرين الجزائري والنيجيري، بتبادل المعلومات حول الجهود الدبلوماسية التي بذلها رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو، بصفته الرئيس الحالي للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، والتنويه بمقاربات عبّر عنها الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون.

وبدأت الجزائر سلسلة مشاورات سياسية جديدة مع كبرى دول مجموعة "إيكواس" المتحمسة للتدخل العسكري في النيجر، لوقف الانقلاب على الرئيس محمد بازوم، بهدف استباق تنفيذ قرار التدخل والتحذير من التداعيات الخطيرة له.

وكلف الرئيس تبون الوزير أحمد عطاف، القيام بجولة تشمل كلاً من نيجيريا وبنين وغانا، لإجراء مشاورات مع نظرائه في هذه البلدان التي تنتمي إلى المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، حول الأزمة في النيجر وسبل التكفل بها عبر الإسهام في بلورة حل سياسي يجنب هذا البلد والمنطقة بأسرها تداعيات التصعيد المحتمل للأوضاع.

وهذه أول خطوة ميدانية تتخذها الجزائر، تجاه الأزمة في النيجر، بعد قرار مجموعة "إيكواس الأخير" القاضي بوضع خيار التدخل العسكري موضع تنفيذ خلال فترة وشيكة، ولم تعلن الخارجية ما إذا كان الوزير عطاف يحمل خلال زيارته لدول إيكواس تصورات بديلة للحل السياسي للأزمة في النيجر.

فرصة أخيرة

ويعتقد مراقبون جزائريون أن زيارة عطاف لكبرى دول "إيكواس" قد تكون فرصة أخيرة للعدول عن خيار الحرب.

وقال المحلل السياسي وأستاذ العلاقات الدولية في جامعة الجزائر توفيق بوقاعدة، تعليقاً على التحرك الجزائري، إنه "يأتي في توقيت حساس، إذ يسبق محاولة تنفيذ الخيار العسكري الذي هدّدت به إيكواس"، مضيفاً في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "تحرك الجزائر نحو الدول الأكثر تحمساً للتدخل العسكري هو محاولة لإيقاف الاندفاع الشديد نحو معضلة أمنية في منطقة الساحل، قد تكون آثارها وخيمة على الجميع، ومع ذلك لا أعتقد أنها كافية ما لم توسع عملية التشاور والضغط لتشمل أطرافاً أخرى، سواء الرافضة للتدخل أو الساكتة عليه، وخصوصاً القوى الكبرى".

وأشار بوقاعدة إلى أنه "يجب في الوقت ذاته إنجاح هذا المسعى، وتقديم مشروع مبادرة لإنهاء الأزمة، ويجب على المبادرة أن تأخذ بكل التحولات الحاصلة على مشهد الانقلاب في النيجر، وفي الوقت ذاته يجب أن تراعي تخوفات حكام الدول الأفريقية من شبح الانقلابات الزاحف إليها".

وفي وقت سابق، ورداً على سؤال عما إذا كانت زيارة عطاف لدول "إيكواس" قد تتضمن طرح تصور بديل للحل، قال بوقاعدة إنّ "الجزائر لم تظهر كل ما تفكر فيه حتى هذه اللحظة، لكن ما ظهر من التخوف الجزائري عبر مختلف البيانات السابقة من الانفلات الأمني في المنطقة يشي بأن هناك جهوداً إقليمية تبذل لتجنب الحرب بمبادرة دبلوماسية لحل الأزمة سياسياً".

وأضاف المحلل السياسي الجزائري: "أتصور أن أي مبادرة ستكون حلّاً لمأزق أطراف الأزمة التي سارعت لاتخاذ مواقف متقدمة تدفعها الحماسة دون دراية بمعطيات اللعبة الإقليمية والدولية (...) هذه الزيارة يمكن أن تشكل مخرجاً محتملاً لخيارات الطرفين الصفرية، كذلك يمكن أن تكون مدخلاً لتفعيل آلية دول الجوار الإقليمي، باعتبار هذه الدول قادرة على استيعاب الأخطار وتفعيل عناصر القوى لديها لكبح جنون الحرب".

ويعتقد الباحث في شؤون منطقة الساحل والأستاذ في جامعة سعيدة غربي الجزائر، مولود ولد الصديق، أنّ "زيارة عطاف تستهدف الدول الثلاث التي تعد بالترتيب الأكثر نفوذاً والأقوى في "إيكواس"، وقد تفضي إلى نتائج واقعية، وقد تكون الجزائر قد تلقت إشارات إيجابية بخصوص ذلك".

وأوضح ولد الصديق، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الزيارة مهمة جداً، وتوقيتها دقيق ومفصلي (...) يمكن اعتبارها الفرصة الأخيرة لتجنب خيار المواجهة العسكرية، واستشراف نتائج إيجابية لصالح الخيار السلمي، والعدول عن خيار الحرب".

وتابع الباحث في شؤون منطقة الساحل أن الجزائر "اختارت أن تتحرك في الأمتار الأخيرة عند استنفاد الحلول والخيارات المطروحة، وهو استشعار بخطورة الأمر وبواقعية الحرب أكثر، ولا سيما بعد طلب فرنسا من الجزائر فتح الأجواء لضربة عسكرية مرتقبة. التريث كان مرتبطاً بحسم الاتحاد الأفريقي قراره من الانقلاب، وبما ستقوم به المجموعة الاقتصادية "إيكواس"".

المساهمون