- ردود فعل سلبية من قبائل الصعيد وغرب مصر والحركة المدنية الديمقراطية تجاه الاتحاد، مما أدى إلى تقديم تقارير توصي بتجميد نشاطه مؤقتًا لتجنب خلق كيانات موازية لمؤسسات الدولة.
- عدم وجود تأكيد رسمي على تجميد نشاط الاتحاد، لكن هناك إشارات لإمكانية إعادة النظر في دوره وأهدافه لتجنب التضارب مع النظام السياسي المصري الذي يتسم بالتعددية المقيدة.
قالت مصادر مصرية لـ"العربي الجديد" إن قراراً صدر بتجميد مؤقت لنشاط اتحاد القبائل العربية في مصر والذي أُعلن عن تأسيسه مطلع مايو/أيار الحالي، بعد أن أثار الإعلان مخاوف كبيرة في الأوساط السياسية، من تحوّل الاتحاد إلى كيان مواز للدولة في شبه جزيرة سيناء. وأوضحت أن "جهات سيادية بالدولة، قدّمت تقارير لرئاسة الجمهورية، رصدت خلالها ردود الفعل على تأسيس اتحاد القبائل العربية في مصر برئاسة رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، والتي جاءت في معظمها سلبية، وأوصت خلالها بتجميد عمل الكيان الجديد بشكل مؤقت". وأضافت المصادر أن "مؤتمر اتحاد القبائل العربية في مصر والذي عُقد في محافظة الجيزة، في 13 مايو الحالي، برعاية العرجاني، أثار الكثير من الهجوم"، كما أن البيان الذي أصدرته "القبائل العربية في الصعيد وغرب مصر"، والذي قال إن اتحاد العرجاني "باطل ولا يمثلنا"، "دفع باتجاه اتخاذ قرار تجميد النشاط مؤقتاً".
اتحاد القبائل العربية في مصر
وأُعلن عن تأسيس اتحاد القبائل العربية في مصر خلال مؤتمر عُقد مطلع مايو الحالي، بمنطقة العجراء جنوبي مدينة رفح المصرية، بمشاركة 30 قبيلة سيناوية مصرية، وبرئاسة رئيس اتحاد قبائل سيناء ورجل الأعمال المقرب من النظام إبراهيم العرجاني. ودشّن مصطفى بكري، النائب والصحافي والمتحدث الرسمي باسم اتحاد القبائل العربية في مصر خلال المؤتمر التأسيسي الأول بالعجراء، الاتحاد رسمياً، مضيفاً أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيكون رئيساً شرفياً له. كذلك تم الإعلان عن اختيار العرجاني رئيساً لاتحاد القبائل العربية في مصر، وتغيير اسم قرية العجراء إلى مدينة السيسي.
وأعلن بكري عن "أهداف عامة كدمج القبائل تحت مظلة وطنية، وجعلها سنداً للدولة لدعم الأمن في المناطق الخاضعة للقبائل، ودعم التنمية، وتأسيس دولة فلسطينية". ومنذ تأسيس الاتحاد احتدم الجدل وسط مخاوف من أن القبائل السيناوية المكونة لعصب هذا الاتحاد، مسلحة في معظمها، إذ تشكلت مجموعات قبلية قتالية تحت اسم "فرسان الهيثم"، بهدف محاربة تنظيم داعش في سيناء إلى جوار القوات المسلحة.
في المقابل، هددت الحركة المدنية الديمقراطية في مصر، وهي تجمع سياسي يضم مجموعة من الشخصيات العامة والأحزاب، بأنها "ستلجأ إلى القضاء للوقف الفوري لأي خطوات تتخذ لإنشاء كيانات تخالف الدستور والقانون وتخلق كيانات موازية أو بديلة لمؤسسات الدولة وتقوم بعملها". وقالت في بيان يوم 11 مايو الحالي، إن "مصر بلد عريق لديه جميع مقومات الدولة المدنية الحديثة، بما في ذلك جيشه الوطني القوي الذي هو ملك للشعب، ونحن نثق في قدرة جيشنا على الدفاع عن أرض الوطن وحدوده دون سواه". وأضافت أن "الدعم المقدم من جانب المجتمع والقوى الشعبية في مواجهة الاحتلال أو الإرهاب يأتي في سياق لا يحوّل هذا الدعم إلى كيانات ذات طبيعة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية".
وقررت الحركة التقدم بعريضة تتضمن "المخاطر المحتملة من جراء إنشاء كيانات تحت أي مسمى"، محذرة من "التصريح لها من وزارة التضامن الاجتماعي، بما في ذلك من انتهاك للدستور الذي يمنع قيام كيانات على أساس عرقي أو ديني أو طائفي". وقالت إن "الموافقة على هذا الكيان (اتحاد القبائل العربية في مصر) تعد تراجعاً للخلف عن مقومات الدولة المدنية الحديثة، وبخاصة أن الإعلان عن تأسيس الكيان صاحبه مظاهر استعراضية تشير إلى أن لديه قوة ومساحة موازية لمؤسسات الدولة الرسمية".
أنباء غير مؤكدة
وتعليقاً على ذلك، قال رئيس حزب الإصلاح والتنمية، النائب السابق محمد أنور السادات، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "الأنباء عن تجميد نشاط الاتحاد غير مؤكدة، لكن بالتأكيد فإن الضجة الكبيرة التي أحدثها الإعلان عن اتحاد القبائل العربية في مصر واللغط الكبير في الشارع السياسي المصري، يمكن أن يكون قد دفع الدولة الرسمية وأجهزتها، إلى إعادة النظر" في المسألة. وأوضح أن إعادة النظر هذه "ليست في استمرار الكيان المسمى باتحاد القبائل من عدمه، ولكن في تحديد دوره وأهدافه، كي لا يخلق حالة من اللبس والتضارب". وأضاف أن المراجعة تتم "لمعرفة ما إذا كان الاتحاد سيستمر أم لا، أم سيتم تحديد دوره، لكي لا يتداخل مع أي أنشطة ذات طابع سياسي أو حزبي أو حتى شبه عسكري".
محمد أنور السادات: إعادة النظر بموقف الدولة من تدشين كيانات تعد خطوة صحية
وشدّد السادات على أنه "بالرغم من عدم وجود تأكيد رسمي لمسألة تعليق نشاط الاتحاد أو تحديد وتحجيم دوره، إلا أن ذلك، يعتبر خطوة صحية مقبولة"، ويظهر "مقدرة من الدولة على إعادة النظر ومراجعة موقفها من هذا الكيان، أو أية كيانات أخرى تظهر فجأة وتحتاج إلى إعادة نظر". وطرح أمثلة عن تلك الكيانات "مثل مركز تكوين الذي تردد أيضاً أنه سيقوم بدور تنويري لتجديد الفكر والخطاب الديني وما إلى ذلك". وبرأيه فإن "كل هذه الأمور التي أعلن عنها، ستراجعها الدولة، بعد التحفظات عليها، والآراء المختلفة حولها، ولذلك من الممكن أن تعيد النظر فيها، وهذا أمر إيجابي ومقدر".
بدوره قال نائب رئيس مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، عمرو هاشم ربيع، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنه "حتى لو حدث وتم تجميد نشاط اتحاد القبائل العربية في مصر أو تعليقه، فإن النظام السياسي في مصر، لن يعلن عن ذلك صراحة". وأضاف أن "النظام السياسي المصري والذي يقوم على التعددية المقيدة، من خصائصه ألا يعترف بالخطأ".
عمرو هشام ربيع: النظام السياسي المصري والذي يقوم على التعددية المقيدة، من خصائصه ألا يعترف بالخطأ
وأوضح ربيع أن "من مؤشرات وجود تعددية مقيدة، أو وجود تسلط، وإلى آخره من مفردات، كلها تصلح لوصف هذا النظام بأنه لا يعترف بالخطأ، وإذا حدث خطأ ما لا يعتذر عنه، ولذلك من الممكن أن يكون النظام قد قرر تجميد نشاط اتحاد القبائل العربية، ولكن لن يقال أنه جُمد، ومن الممكن أيضاً أن يوقفه، لكنه لن يعلن عن ذلك رسمياً". وفي السياق توقّع الكاتب والباحث في العلوم السياسية، عمار علي حسن، أن يكون قد تم اتخاذ قرار بـ"تخفيف" ظهور اتحاد القبائل العربية في مصر إلى حد ما، لامتصاص غضب الرأي العام حيال تلك الخطوة، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إن توقعه جاء على خلفية "الطريقة التي قُدم العرجاني بها، وتعامل بعض المثقفين والسياسيين المعارضين معه، وإظهاره كأنه أحد الرؤوس الأساسية في الدولة، وهذا غير مستحب لدى السلطة السياسية لا مع العرجاني ولا مع غيره".
وأضاف حسن أن "هذا الأمر برمته، كان ورقة لُوّح بها"، لكنه لم ير أن ما تم فعلاً هو إلغاء الاتحاد أو تعليق عمله لمدة طويلة، وبتصوره فإن "ما حدث هو تخفيف النشاط بقدر الإمكان، وإبعاد الإعلام عن هذه المسألة، لأنها كلما ظهرت أثارت حفيظة الرأي العام". ولفت إلى أن "الدليل على ذلك أن المؤتمر الذي أقيم برعاية العرجاني في الجيزة، كان من دون حضور الأخير، وربما قيل له ألا يحضر، أو طُلب منه تخفيف النشاط والظهور الإعلامي، لكن هذا لا يعني إلغاء الاتحاد أو وقف عمله".
من ناحيته رأى أستاذ علم الاجتماع السياسي، سعيد صادق، أنه "ربما يكون قد تم تعليق البروز الإعلامي لاتحاد القبائل العربية الذي استفزّ دعاة الدولة الحديثة وغيرهم"، قائلاً في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "دور الاتحاد لا يزال مهماً ما دامت الحدود المصرية ملتهبة على كافة الاتجاهات". وأضاف صادق أن "الاتحاد يعمل بصفة عامل مساعد للأجهزة الأمنية في أوساط القبائل، مثل صحوات العراق، التي تكمل عمل الجيش والأمن، وليست بديلاً عنه".