أزاحت إيران، بمناسبة يومها الوطني للتقنية النووية، اليوم السبت، بحضور كبار المسؤولين، في مقدمتهم رئيس الجمهورية حسن روحاني، الستار عن "133 إنجازاً نووياً" في مختلف المجالات الصناعية والطبية والزراعية، لكن يبقى المجال النووي الأهم بين تلك "الإنجازات"، ولا سيما أنها كشفت عن إنتاج أجهزة طرد مركزي متطورة وتشغيلها، فضلاً عن بدء مرحلة اختبار أجهزة أكثر تطوراً.
وتحمل الخطوات النووية الإيرانية رسائل في اتجاهات عدة، لعلّ أهمها أن استراتيجية "الضغوط القصوى" التي مارستها ضدها الولايات المتحدة منذ انسحابها من الاتفاق النووي في الثامن من مايو/ أيار 2018، وفرض العقوبات عليها، وهي الأقسى والأشمل، التي طاولت جميع مفاصل الاقتصاد الإيراني، لم تحقق أهدافها في دفع إيران إلى التخلي عن برنامجها النووي وسياساتها الإقليمية وبرنامجها الصاروخي، وأن الانسحاب جاء بنتائج عكسية.
والرسالة الأخرى لهذه الخطوات، أن نتائج جولات المباحثات التي تجري راهناً منذ الجمعة الماضي في فيينا لأطراف الاتفاق النووي مع كل من إيران والولايات المتحدة على حدّ سواء، وهما الطرفان الرئيسان لأزمة تنفيذ الاتفاق، لم تحرز تقدماً وتراوح مكانها، رغم التفاؤل الذي تبديه بعض الأطراف أحياناً. ولو كان هناك تقدم يذكر، لما كان هناك داعٍ للجوء إيران إلى تنفيذ خطواتها النووية اليوم السبت.
كذلك، إنّ إيران، من خلال الكشف عن هذه "الإنجازات"، وإنتاج وتشغيل أجهزة طرد مركزي متطورة جديدة، تسعى إلى دعم موقفها التفاوضي في مباحثات فيينا، للضغط على الجانب الأميركي لتحصيل تنازلات في مسألة العقوبات، لكن ليس واضحاً بعد إن أرادت واشنطن التجاوب مع مفاعيل هذه الخطوات، طبعاً إذا لم تشكل هي بالأساس عقبات أمام تلك المباحثات. ولعلّ المواقف التي ستتخذها الأطراف الأميركية والأوروبية خلال الساعات والأيام المقبلة من الإجراءات الإيرانية الجديدة، ستوضح كيف تنظر هذه الأطراف إليها.
وفي السياق، أعلنت الحكومة الإيرانية بدء الإنتاج بكميات كبيرة وضخّ الغاز لمجموعة كاملة مكونة من 164 جهازاً للطرد المركزي من الجيل IR6 في منشأة "نطنز" لتخصيب اليورانيوم، وكذلك بدء ضخ الغاز إلى المرحلة الأولى من مجموعة ثلاثينية من أجهزة الطرد المركزي IR5 الجيل الخامس.
وكشفت أيضاً عن "بدء ضخ الغاز في المرحلة الأولى لمجموعة ثلاثينية من أجهزة الطرد المركزي IR6". لكن من الخطوات النووية الأهم التي أقدمت عليها إيران اليوم السبت، "بدء الاختبار الميكانيكي لأجهزة الطرد المركزي IR9"، وهي الأجهزة الأكثر تقدماً التي تسعى إيران إلى إنتاجها وتشغيلها إذا ما نجحت عملية الاختبار.
في غضون ذلك، وفي إجراء ذي مغزى، أعلنت طهران إعادة بناء موقع لتجميع أجهزة الطرد المركزي وإنتاجها في منشأة "نطنز" بعد تعرضه لعملية تفجيرية "تخريبية" خلال يوليو/ تموز 2020، وجهت السلطات الإيرانية أصابع الاتهام فيها إلى الاحتلال الإسرائيلي.
روحاني: قدراتنا النووية أقوى من أي وقت مضى
وفي كلمة له خلال افتتاح المشاريع النووية، أكد روحاني أن برنامج بلاده النووي "سلمي ولأغراض غير عسكرية"، مضيفاً أن إيران "لن تتجه لاستخدام الصناعة النووية كما فعل غيرها في اليابان"، في إشارة إلى قصف واشنطن مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقال إن بلاده "ملتزمة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية"، موجهاً انتقادات إلى الولايات المتحدة الأميركية والأطراف الأوروبية لـ"مصاعب خلقتها للشعب الإيراني منذ 16 عاماً بسبب قلاقل في غير محلها" من برنامجها النووي.
وأشار روحاني إلى إنجازات إيران النووية التي افتتحها اليوم السبت بمناسبة اليوم الوطني للتقنية النووية الذي صادف أمس الجمعة، لكن لكونه عطلة رسمية، أقيم الاحتفال اليوم السبت، قائلاً إن "هذه الافتتاحيات تختلف عن افتتاحيات أخرى، وهي مهمة للغاية"، موضحاً أن "أحد أهم إنجازات الاتفاق النووي، أنه شرعن الصناعة النووية الإيرانية، وهذا عمل عظيم"، منتقداً الوكالة الدولية للطاقة الذرية، متهماً إياها بعدم تقديم المساعدة لإيران لتطوير برنامجها النووي، قائلاً إن الوكالة وأميركا وأوروبا "مدينة لنا".
وخاطب روحاني معارضي الاتفاق النووي في الداخل الإيراني، الذين اتهموا الحكومة خلال السنوات الماضية بعد التوقيع على الاتفاق عام 2015 بأنها قدمت تنازلات نووية كبيرة أضعفت البرنامج النووي الإيراني، بالقول إن "قدراتنا النووية اليوم باتت أقوى من أي وقت مضى".
وأشار روحاني إلى مساعي بلاده لإنتاج أجهزة الطرد المركزي من الجيل التاسع IR9 ذات القدرة العالية في تخصيب اليورانيوم والتي هي أقوى بـ50 ضعفاً من الأجهزة القديمة، لافتاً أيضاً إلى إنتاج وتشغيل أجهزة أخرى مثل IR6، وتشغيل وحدة "دوترا" في مفاعل أراك لإنتاج الماء الثقيل.
بدوره، أكد رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، علي أكبر صالحي، أن المشاريع النووية التي افتتحتها إيران "جاءت في ضوء جميع القيود" التي تتعرض لها بلاده في إطار سياسة الضغوط القصوى.