اغتالت إسرائيل، الاثنين، قائد إسناد "الحرس الثوري" الإيراني في سورية العميد رضي موسوي، في ضربة صاروخية استهدفت محيط السيدة زينب في ريف العاصمة السورية، وهو أبرز قائد عسكري إيراني يُغتال بعد قائد "فيلق القدس" السابق الجنرال قاسم سليماني.
عملية الاغتيال، التي جاءت قبل تسعة أيام من الذكرى الرابعة لاغتيال سليماني، تتزامن مع حرب غزة والتصعيد بين "حزب الله" -حليف إيران- والاحتلال الإسرائيلي، كذلك استهداف الحوثيين للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، ما يطرح تساؤلات حول إمكانية توسع الحرب وارتفاع وتيرة التصعيد.
وحظي اغتيال القائد العسكري الإيراني باهتمام في إسرائيل، إذ قالت وسائل إعلام عبرية إن الاحتلال يستعد لرد إيراني محتمل ويتوقع أن يكون في الجبهة الشمالية مع "حزب الله".
ووصف قائد لواء كفير بجيش الاحتلال الإسرائيلي اغتيال رضي موسوي بأنه "خطوة هجومية كبيرة" لإسرائيل على الساحة الشمالية.
وتوعد كل من الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي والحرس الثوري بأن "الكيان الصهيوني سيدفع ثمن الجريمة".
بدوره، قال وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، في منشور على منصة "إكس" إن المستشار العسكري الإيراني، رضي موسوي، قاتل لسنوات إلى جانب الجنرال قاسم سليماني لأجل "أمن إيران والمنطقة". وخاطب أمير عبد اللهيان، الاحتلال الإسرائيلي بالقول إن عليه أن ينتظر "العد العكسي الصعب".
وكشف رئيس هيئة إسناد "جبهة المقاومة" في سورية حسين بلارك، القائد في "فيلق القدس"، للتلفزيون الإيراني، ليل الاثنين الثلاثاء، أن موسوي سبق أن تعرض مرتين في سورية لعمليتي اغتيال فاشلتين.
وقال أستاذ الدراسات الفلسطينية والإسرائيلية في جامعة طهران هادي برهاني إن موسوي هو "أعلى مسؤول إيراني تغتاله إسرائيل في الخارج"، مضيفا أن عملية الاغتيال "تتجاوز جميع الخطوط المرسومة سابقاً بين الطرفين".
وعزا برهاني، في حديث لـ"العربي الجديد"، الهدف إلى محاولة إسرائيلية للتعويض عن "الهزيمة الكبيرة" في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وكذلك إعادة الاعتبار لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وقال برهاني إن الاحتلال لم يحقق نتائج على جبهات غزة ولبنان واليمن على مدى 80 يوماً من الحرب، "لكن سورية في هذه الحرب تمثل أضعف حلقات محور المقاومة، ولا ترد على هجمات إسرائيل ردا قويا".
وأشار الباحث الإيراني إلى أن "إسرائيل اختارت سورية لتوجيه ضربة كبيرة لخلق صورة استعراضية للنصر والتعويض عن الإخفاقات على بقية الجبهات"، عازياً ذلك إلى إيصال رسالة إلى طهران بأنها "لن تبقى في مأمن من تبعات الحرب".
وعن طبيعة الرد الإيراني على اغتيال موسوي، قال الباحث إن الرد على الهجمات الإسرائيلية السابقة في سورية "لم يحقق الردع اللازم"، موضحاً أن عدم الرد "ربما مرده عدم تعاون الحكومة السورية أو القيادة الروسية".
غير أن ذلك يلحق ضرراً بالحضور الإيراني في سورية، كما يقول برهاني، الذي أكد أن عدم الرد جعل "الساحة السورية نقطة ضعف جادة لمحور المقاومة"، مع الإشارة إلى أن استمرار هذا الوضع من شأنه أن يسبّب المزيد من الضربات.
ولفت الخبير إلى أن إيران "تدرك ذلك وستسعى إلى تغيير هذا الوضع"، مرجحاً أنها "لن تستطيع أن تبقي هذه الضربة من دون رد، لأن عدم الرد سيعتبر أنه مستوى جديد وخطير من خلخلة الردع الإيراني في المنطقة".
وفي السياق، أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني، في بيان تعقيباً على اغتيال موسوي، أن بلاده ستتخذ "التدابير اللازمة وتحتفظ بحق الرد على هذه الخطوة في الزمن والمكان المناسبين".
وعما إذا كانت العملية الإسرائيلية ستوسع نطاق الحرب في المنطقة، قال أستاذ الدراسات الإسرائيلية والفلسطينية في جامعة طهران، لـ"العربي الجديد"، إن "الكيان الإسرائيلي على الأغلب لن يكتفي بتحقيق أهدافه الأولية" من خلال تحييد القائد العسكري الإيراني، لافتاً إلى أن الاحتلال "يسعى إلى حرف التطورات باتجاه آخر من خلال الرد الإيراني، وهو ما ستأخذه إيران بعين الاعتبار".
وأضاف الأكاديمي الإيراني أن إيران ستقوم بالمشورة والتنسيق مع حركة حماس و"حزب الله"، وممارسة الضغط على دمشق وموسكو للوصول إلى "توازن رعب" في الساحة السورية مع الاحتلال الإسرائيلي "يمنع تكرار الهجمات لاحقاً"، لكن ذلك "يستدعي توجيه ضربة مؤلمة كتلك التي تلقتها".
اغتيال موسوي "لن يوسع الحرب"
وفي ذات الوقت، استبعد الخبير العسكري الإيراني محمد طاهري أن يؤدي حادث اغتيال موسوي إلى اتساع نطاق الحرب في المنطقة، قائلاً إن "ذلك ما تريده إسرائيل، والجمهورية الإسلامية لن تلعب في ملعبها"، مع الإشارة إلى أن نشاطات حلفاء إيران في المنطقة "لم تكن على مستوى يوسع نطاق الحرب، لكون ذلك يعود بالنفع على إسرائيل".
وقال طاهري لـ"العربي الجديد" إن "التجربة أثبتت أن ردود الجمهورية الإسلامية إزاء هذه الهجمات لن تكون انفعالية بل عقلانية"، مضيفا أن الرد "سواء كان عبر الأراضي الإيرانية أو السورية، فهذا يعود إلى ما ستقرره طهران ولن يكون الكيان قادرا على تشخيص ذلك".
وأشار الخبير إلى أن موسوي كان مسؤول تسليح "حزب الله" وسورية ومجموعات المقاومة الفلسطينية منذ مدة طويلة، مضيفاً أن الاغتيال يعكس محاولة إسرائيلية للبحث عن إنجاز، وذلك بعد "خروج ممر باب المندب عن السيطرة" الأميركية و"فشل" التحالف العسكري الأميركي في البحر الأحمر، بعد امتناع الكثير من الدول الأوروبية عن المشاركة فيه، فضلاً عن الفشل الإسرائيلي في "تحقيق أي من الأهداف العسكرية في غزة".
ويرى طاهري أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى إلى "تحميل إيران مسؤولية هذا الفشل من خلال استهداف أهداف إيرانية، وتوظيف ذلك عسكرياً وسياسياً".