اتجه الكويتيون، صباح اليوم الخميس، إلى صناديق الاقتراع في انتخابات مجلس الأمة (البرلمان)، لاختيار 50 نائباً من بين 305 مرشحين بينهم 22 امرأة. وبلغت نسبة المشاركة حتى الساعة الثالثة عصراً 35%، في الدوائر الانتخابية الخمس.
وتنقسم الدوائر الانتخابية في الكويت إلى خمس دوائر، تنتخب كل دائرة منها عشرة أعضاء، ويحق للناخب الإدلاء بصوت واحد فقط لمرشح واحد، ويبلغ عدد من يمكنهم الانتخاب أكثر من 730 ألف ناخب وناخبة.
وشهدت الدائرة الأولى تسجيل نسبة مشاركة 30%، بينما سجّلت الدائرة الثانية نسبة مشاركة بـ36%، وسجّلت الدائرة الثالثة نسبة مشاركة 33%، وبلغت نسبة المشاركة في الدائرة الرابعة 40%، بينما بلغت النسبة في الدائرة الخامسة 37%، وذلك حتى الساعة الثالثة عصراً. ومن المتوقع أن ترتفع نسبة المشاركة إلى الضِعف في كافة الدوائر الانتخابية، في الساعات القادمة القليلة، وفق ما يقوله الخبير في شؤون الانتخابات عبد الرزاق الشايجي.
ويبلغ عدد الناخبين في الدائرة الأولى أكثر من 95 ألف ناخب وناخبة، وأكثر من 84 ألف ناخب وناخبة في الدائرة الثانية، وأكثر من 131 ألف ناخب وناخبة في الدائرة الثالثة، ونحو 188 ألف ناخب وناخبة في الدائرة الرابعة، ونحو 238 ألف ناخب وناخبة في الدائرة الخامسة.
وشهدت الساعات الأولى من فتح أبواب الاقتراع، إقبالاً واسعاً من الناخبين الرجال على مراكز الاقتراع في الدوائر الانتخابية الخمس، واصطفافهم في طوابير طويلة للإدلاء بأصواتهم، وكان لافتاً حضور كبار السن إلى جانب الشباب، بينما اللجان النسائية شهدت حضوراً موسعاً في الدوائر الأولى والثانية والثالثة، وبشكل أقل في الدائرتين الرابعة والخامسة.
المرأة حاضرة
وتبلغ نسبة عدد الناخبات من إجمالي الناخبين حوالى 55%، ما يمكّن المرأة من حسم وصول كثير من أعضاء مجلس الأمة، كما أنّ كثيراً من النساء لا يخضعن لاعتبارات الرجال في الانتخابات. وبحسب مراقبين، فإن تصويت المرأة في انتخابات مجلس الأمة عام 2020، صنع التغيير الكبير في مخرجات الانتخابات، وفق الأرقام التي أسفرت عنها اللجان النسائية حينها.
ومن المتوقع أن تعود المرأة إلى مجلس الأمة في هذه الانتخابات، عُقب غيابها في المجلس الماضي عام 2016، بعد خسارة النائب السابق صفاء الهاشم لمقعدها في الدائرة الثالثة، إلى جانب عدم فوز أبرز مرشحتين آنذاك، وهما غدير أسيري في الدائرة الأولى، وعالية الخالد في الدائرة الثانية.
وقالت الناخبة في الدائرة الخامسة، فاطمة عادل، في حديث مع "العربي الجديد" إنها اختارت التصويت للمرشح سعود عبد العزيز العصفور.
وعن معيارها في الاختيار، أوضحت عادل، أنّه "بعد متابعة ندواته وبرنامجه الانتخابي، ولمعرفتي خطه الواضح في الإصلاح، وتاريخه في المشاركة السياسية من بداية الحراك في الكويت، ومواقفه الوطنية المنحازة للمكتسبات الشعبية والدستورية"، قررت التصويت له.
وحول سبب مشاركتها في الانتخابات، قالت عادل، إنّ "المشاركة مسؤولية اجتماعية ووطنية، خاصة أن البلد يمر بمرحلة مفصلية في تاريخه"، وأضافت، أنه "لذلك واجب على كل مواطن أن يشارك بالإدلاء بصوته من أجل مستقبل هذا الوطن".
وأكّد رئيس "مركز طروس للدراسات"، الخبير في شؤون الانتخابات محمد الثنيان، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ "المرأة هي التي تحدد المسار في هذه الانتخابات".
وأكّد الثنيان أنّ "نسبة التغيير في مجلس الأمة ستتجاوز 65%"، موضحاً أنّ ذلك "بفعل عدة عوامل، ومنها الخطاب الأميري (خطاب أمير الكويت الذي أعلن من خلاله حل مجلس الأمة) الذي غيّر مزاج الناخب في هذه الانتخابات، بالإضافة إلى عدم وجود ضخ للمال السياسي في الانتخابات كما في السابق، ومرسوم الضرورة في التصويت وفق العنوان في البطاقة المدنية، وعدم وجود الانتخابات الفرعية التي تجريها القبائل قبل الانتخابات العامة لاختيار مرشح أو أكثر بهدف عدم تشتيت الأصوات".
وأضاف الثنيان أنّ "عدم وجود قضية سياسية كبرى في الانتخابات، وجهود وزارة الداخلية في مداهمة عمليات شراء الأصوات، من العوامل التي ستساهم في نسبة التغيير الكبيرة في مجلس الأمة التي ستُسفر عنها نتائج الانتخابات كما أتوقعها".
من جهته، يتوقع الخبير في شؤون الانتخابات، عبد الرزاق الشايجي، في حديث مع "العربي الجديد"، "وصول امرأتين إلى مجلس الأمة، هما عالية الخالد في الدائرة الثانية، وجنان بوشهري في الدائرة الثالثة".
توقعات بارتفاع نسبة التصويت
كما يتوقع الشايجي، أن "تتجاوز نسبة المشاركة في الانتخابات 70%"، وذلك بسبب الخطاب الأميري (خطاب أمير الكويت نوّاف الأحمد الجابر الصباح، الذي أعلن من خلاله حل مجلس الأمة) الذي أعاد التفاؤل للناخبين في المشهد السياسي، وفق قوله.
ويرى الشايجي أنّ "أعداد الحضور سترتفع في الساعات المقبلة، وتصل إلى ذروتها في الساعات الأخيرة". ويتوقع أن يتسبب ذلك في "إغلاق صناديق الاقتراع في عدد من اللجان الانتخابية بعد الموعد المحدد له (8 مساءً)، وقد تصل إلى الساعة العاشرة مساءً، مما يعني تأخر إعلان نتائج الانتخابات النهائية".
القبائل الكبيرة تحشد أبناءها للتصويت
وحشدت كافة القبائل الكبيرة في الكويت أبناءها في الانتخابات، ما يفسّر الإقبال الانتخابي الواسع حتى عصر اليوم على الدوائر الانتخابية الثانية والرابعة والخامسة، حيث يتركز ثقلها في هذه الدوائر، وذلك حتى تحافظ على أكبر عدد من المقاعد التي حصلت عليها في الانتخابات الماضية. ومع أنه، بحسب مراقبين انتخابيين، من المتوقع أن تحصد القبائل الكويتية النسبة الأعلى في عدد مقاعد هذه الانتخابات، إلا أن العدد سينخفض مقارنةً مع انتخابات مجلس الأمة عام 2020.
كما تعدّ الدائرة الثانية معقلاً رئيسياً من معاقل التجار. وعلى الرغم من عدم ترشح مرزوق الغانم، رئيس مجلس الأمة لثلاث دورات متتالية 2013 و2016 و2020 للانتخابات، إلا أنّ ذلك ساهم في ارتفاع حظوظ أكثر من مرشح ينتمي إلى الطبقة التجارية بالوصول إلى مجلس الأمة، كما أنّ الإقبال من قواعد العوائل التجارية على التصويت يؤكد حرصها على أن لا تفقد ثقلها السياسي بعدم وجود مقاعد لها في هذه الانتخابات. كما من المتوقع أن تشهد الدائرتان الأولى والثالثة إقبالاً أكبر في الفترة المسائية.
وقال الناخب في الدائرة الخامسة صالح الدريعي، في حديث مع "العربي الجديد"، إنه عاد من رحلة علاج مع شقيقه للمشاركة في هذه الانتخابات، بسبب "الحرص على المشاركة في العملية السياسية، ولأن صوتي يعدّ مشاركة في صنع القرار السياسي، وهو واجب وطني على كل مواطن بالمشاركة الفاعلة من خلال الانتخابات".
وأوضح الدريعي أنّ سبب اختياره للمرشح إذا أدلى بصوته لصالحه: "وضوح رؤيته السياسية، ولديه تصوّرات حول معظم أزمات الكويت في مختلف المجالات".
وأضاف الدريعي: "أراهن على أن تكون نتائج الانتخابات لصالح وصول عدد كبير من المرشحين الإصلاحيين يشكّلون أغلبية في مجلس الأمة، لأن الناخب الكويتي يمتلك وعياً سياسياً عالياً ويمكنه ترجمة ذلك في الصناديق".
فيما قالت الناخبة في الدائرة الرابعة بشاير جاسم، في حديث مع "العربي الجديد"، إنها خالفت توجّه أسرتها بالتصويت لمرشح ينتمي إلى القبيلة ذاتها، وتوضّح ذلك قائلة إنّ "صوتي أمانة وأُحاسب عليه، وانتمائي إلى قبيلة اجتماعية لا يعني أنه أيضاً انتماء سياسي بالضرورة، وبالنسبة لي توجد عدة خيارات أخرى مناسبة أفضل من مرشح القبيلة".
وقالت جاسم إنها اختارت التصويت للمرشحة موضي المطيري، وذلك "لأن الدائرة الرابعة يغلب عليها الطابع الذكوري واحتكار المقاعد من الرجال ذوي الخلفيات القبلية بسبب الثقل الاجتماعي لقبائلهم والكتل الصوتية الكبيرة لهم في الدائرة، ولأول مرة تترشح امرأة أشعر بأنها تجسيد لي في العملية السياسية، لا سيما أنها تأتي من الخلفية الاجتماعية ذاتها التي أنتمي لها، بالإضافة إلى الخلفية الثقافية كونها منقبة، وأتمنى أن تنال فرصة لتمثيل النساء القبليّات في مجلس الأمة، وأن تكسر احتكار الرجال".
وحذرت وزارة الداخلية الكويتية الناخبين من تصوير ورقة الاقتراع، وذكّرت عبر حسابها الرسمي في "تويتر" بأنّ "السجن مدة لا تزيد عن خمس سنوات، وغرامة لا تقل عن ألفي دينار كويتي (6440 دولارا أميركيا)" عقوبة لكل من "يقوم بتصوير ما يثبت إعطاء صوته لمرشح ما".
وتُجرى عملية الانتخاب في 118 مركزاً للاقتراع، بعدد لجان انتخابية بلغ 759، ما بين أصلية وفرعية، موزعة على الدوائر الانتخابية الخمس، بحسب "إدارة شؤون الانتخابات" التابعة لوزارة الداخلية الكويتية.