إصابة 6 أطفال ونساء بتجدد القصف الروسي على شمال غربي سورية

07 سبتمبر 2021
تواصل الطائرات الروسية بشكل متكرر قصف مناطق مأهولة بالمدنيين (Getty)
+ الخط -

أُصيب ستة مدنيين كلهم أطفال ونساء بجروح جراء قصف جوي روسي طاول مخيمات للنازحين في ريف إدلب شمال غربي سورية اليوم الثلاثاء، فيما أنشأت قوات النظام السوري نقطة عسكرية جديدة في ريف درعا جنوبي البلاد وعزّزتها بعشرات العناصر والآليات الثقيلة مع استمرار عملية التسوية والهدوء في درعا البلد.

وقال الناشط مصطفى المحمد، في حديث مع "العربي الجديد"، إن الطيران الحربي الروسي شن خمس غارات على المنطقة الواصلة بين مدينة معرة مصرين وبلدة كفريا في ريف إدلب الشمالي الشرقي، حيث أصابت إحدى الغارات مخيمات للنازحين في المنطقة، ما أدى إلى إصابة امرأتين وأربعة أطفال بجروح.

وذكر الناشط أن أحد الأطفال أصيب بجروح خطيرة في الرأس، وهو نازح من بلدة كفروما، فيما كانت الإصابة لبقية الأطفال والنساء بجروح متعددة. وأضاف الناشط أن كل الإصابات سجلت على أطراف مخيم مريم ومدجنة يسكنها نازحون بالمنطقة قرب مدينة معرة مصرين.

وقال المحمد إن فرق الدفاع المدني عملت عدة ساعات من أجل انتشال العالقين من تحت الأنقاض، التي خلفها القصف الجوي، وكانت الطائرات قد استخدمت صواريخ شديدة الانفجار.

وفي وقت سابق اليوم، أُصيب مدنيون بجروح بينهم امرأة جراحها خطرة، جراء قصف مدفعي من قوات النظام السوري على قرية الكفير بناحية جسر الشغور غربي إدلب.

وتواصل الطائرات الروسية بشكل متكرر قصف مناطق مأهولة بالمدنيين في ريف إدلب الخارج عن سيطرة النظام السوري رغم سريان وقف إطلاق النار بالمنطقة، وتسبب القصف بمقتل وجرح عشرات المدنيين جلهم أطفال ونساء.

إلى ذلك، قال الناشط محمد الحوراني لـ"العربي الجديد" إن قوات النظام السوري أنشأت نقطة جديدة لها على أطراف بلدة خراب الشحم جنوب غرب درعا، ونقلت تعزيزات عسكرية إلى النقطة.

وأوضح أن النظام نقل 50 عنصراً على الأقل مدججين بسلاحهم الفردي، إضافة إلى عشرات الآليات المدرعة والدبابات، وأضاف أن الفرقة الرابعة من قوات النظام بدأت بإنشاء ثلاث نقاط أخرى في المنطقة.

ومن المتوقع نقل عناصر من المليشيات المحاصرة لدرعا إلى تلك النقاط، وذلك يأتي في ظل الهدوء المستمر في درعا البلد التي تواصل قوات النظام حصارها في ظل تنفيذ بنود اتفاق التسوية.

وذكرت مصادر لـ"العربي الجديد" أن عملية التسوية وتسليم السلاح في درعا البلد ما تزال مستمرة برعاية الشرطة العسكرية الروسية، حيث جرى تسجيل اليوم قرابة مائة شخص منذ الصباح، بينما يستمر الهدوء في المنطقة.

وكانت المنطقة قد شهدت في وقت سابق اليوم قصفاً متبادلاً بين "قسد" والجيش التركي إضافة إلى اشتباكات متقطعة دارت بين "قوات سورية الديمقراطية" (قسد) من طرف، والجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا.

ونعت "وزارة الدفاع التركية" في بيانٍ لها، ظهر اليوم الثلاثاء، أحد مقاتليها النقيب "معمر بجيت"، إثر قصف مدفعي من قبل "قوات سورية الديمقراطية"، صباح الثلاثاء، استهدف نقطة عسكرية تركية في قرية الياشلي جنوب مدينة جرابلس الواقعة ضمن ما يُعرف بمنطقة "درع الفرات" التي يُسيطر عليها "الجيش الوطني" المعارض والحليف لتركيا، شرق محافظة حلب، شمال شرق سورية.

وكثفت الطائرات الحربية الروسية من غاراتها الجوية، اليوم الثلاثاء، مستهدفة تجمع مخيمات للنازحين بالقرب من مدينة معرة مصرين شمال المحافظة، أدى ذلك لسقوط جرحى بينهم أربعة أطفال وامرأتين، بالإضافة لأضرار مادية ألحقت بخيام النازحين، ونزوح بعض العوائل من "مخيم مريم" إلى المناطق الآمنة نسبياً، بسبب تعرض محيط المخيم للقصف الجوي الروسي لأكثر من مرة خلال الأشهر السابقة.

وحول التصعيد في مناطق شمال غرب سورية، قال الباحث في مركز "جسور للدراسات" فراس فحام، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "هناك عدة أسباب لهذا التصعيد الروسي؛ السبب الأول هو أن هناك ملامح تقارب أو زيادة التنسيق (التركي- الأميركي) في شرق الفرات، ويتمثل هذا التقارب من خلال الضوء الأخضر الذي يبدو أن واشنطن منحته لتركيا من أجل استهداف قيادات حزب العمال الكردستاني، وذلك من أجل إجبار "قسد" على الضغط على تلك القيادات لمغادرة سورية. 

 وكانت الولايات المتحدة صريحة خلال لقاء أجرته مؤخراً في نهاية أغسطس/آب الفائت مع "قسد" تحدثت فيه بشكل علني عن ضرورة مغادرة قيادات حزب العمال الكردستاني من سورية، وأنها لا تفكر بأن تضغط على تركيا من أجل أن توقف هجماتها، وأيضاً طالبت بأن يتم تفعيل الحوار (الكردي- الكردي)، وهذا يوضح أن هناك عملية أقرب إلى تبادل الأدوار بين أنقرة وواشنطن من أجل إحداث تغيرات في منطقة شمال شرق سورية، بحيث تكون هذه التغيرات لتطمين تركيا أكثر".

ويرى فحام أن "السبب الثاني، هو أن هناك استمرار تركي في رفض المسار الروسي الهادف إلى تعويم نظام الأسد سياسياً؛ كانت هناك تصريحات مهمة لوزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو في السابع من الشهر الحالي أكد فيها أنه لا يمكن لأنقرة أن تلتقي مع النظام السوري أو تخوض معه مفاوضات سياسية كونها تعتبره نظاماً لا يملك الشرعية الدولية".

وأوضح أنه "هناك غضب روسي من تصريحات رئيس الائتلاف السوري الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية سالم المسلط قبل يومين، وتهديده بالانسحاب من العملية السياسية من أجل ما يحدث في درعا، ومن المعروف أن العلاقة بين تركيا والائتلاف علاقة وطيدة، ومثل هذه التصريحات على الأرجح تكون منسقة مع الجانب التركي، وهذا يبدو ما فهمته روسيا بأنه موقف جديد من تركيا".

وأشار إلى أن "السبب الرابع وجود تراكم بين تركيا وروسيا في مختلف الملفات السابقة؛ كان هناك توتر في ليبيا، وبعدها حصل توتر في أذربيجان بين الطرفين، والآن هناك مساع تركية للحصول على دور في أفغانستان بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية وحلف الناتو، وهذا يبدو أنه غير مرغوب لروسيا".

وحول مستقبل العلاقة بين "الضامنين" الروسي والتركي، يرى فحام أن "التصعيد في شمال غرب سورية يأتي في سياق تفاوضي؛ لا يوجد مؤشرات على أن أي من الطرفين يريد أن ينهي هذا التنسيق أو أن تنزلق الأمور إلى مواجهة شاملة، ولكن دائماً ما يأتي التصعيد الميداني من أجل دفع العملية التفاوضية إلى الأمام".

ورأى أن "عملية تدوير زوايا الخلاف التي اتبعها الجانبان تضيق باستمرار، ومن الواضح أن الطرفين وصلا إلى نقطة أصبح فيها الكثير من الملفات كثيرة عالق، وهذه الملفات ربما لم تعد تحتمل التنازلات وتقديم تبادل المصالح، وهذا ما يدفع كل مرة إلى زيادة التوتر".

وأضاف "هناك أيضاً نفوذ عسكري للروس والأتراك لا يمكن تجاوزه، وفي نهاية المطاف الطرفان مجبران على التنسيق في ما بينهما من أجل إيجاد مخرج، لكن الأمور ستبقى تراوح بين التهدئة والتصعيد لحين الوصول إلى حلول وسط في الملفات الخلافية الأساسية".

المساهمون