عصابة "شجاع العلي"... خطف المدنيين السوريين وتعذيبهم بدعم من النظام

30 يوليو 2024
لاجئون سوريون في أثناء مغادرتهم لبنان، البقاع 14 مايو 2024 (Getty)
+ الخط -

احتجزت عصابة مرتبطة بقوات النظام السوري امرأة وثلاثة من أبنائها يتحدرون من محافظة درعا جنوبي سورية، في أحدث عملية للمجموعة التي تمتهن خطف المدنيين بريف حمص الغربي، وابتزاز ذويهم بمشاهد تعذيب وحشي، لدفع آلاف الدولارات مقابل إطلاق سراحهم.

وذكر "تجمع أحرار حوران" (مؤسسة إعلامية تغطي الأحداث في مناطق جنوب سورية)، الاثنين، أن عصابة المدعو شجاع العلي التابعة للفرقة الرابعة في قوات النظام (يقودها ماهر الأسد)، اختطفت في منتصف يوليو/تموز الجاري السيدة خديجة الفلاح وثلاثة من أبنائها في منطقة وادي خالد الواقعة على الحدود السورية اللبنانية، أثناء ذهابها إلى لبنان. وقال التجمع إنه حصل على مقاطع مصورة تظهر "تعذيباً شديداً" تتعرض له العائلة التي قدمت من منطقة الصنمين بريف درعا الشمالي بغية الوصول إلى لبنان، مشيراً إلى أن العصابة تواصلت مع ذوي المخطوفين وطلبت فدية مالية قدرها 60 ألف دولار أميركي لقاء إطلاق سراحهم، ومن ثم خفضت المبلغ إلى 25 ألف دولار.

وأطلق نشطاء من محافظة درعا بياناً يهدد بالتصعيد وإغلاق الطريق الدولي دمشق- عمان في حال لم يتم الإفراج عن المرأة وأبنائها. وذكر الناشط الإعلامي يوسف المصلح في حديث لـ"العربي الجديد" أن مجموعة محلية استهدفت الاثنين بقذيفة صاروخية مركز جهاز أمن الدولة التابع للنظام في بلدة إنخل ردّاً على اختطاف المرأة وأبنائها، ثم جرى اشتباك بالأسلحة الخفيفة مع عناصر المركز. وبيّن أنه من المقرر عقد اجتماع للأهالي الثلاثاء لتدارس الخطوات التي يمكن أن تسهم في إطلاق سراح المخطوفين.

وفي السياق، ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن مسلحين محليين قطعوا عدة طرقات واستهدفوا حواجز عسكرية تابعة لقوات النظام في مدينتي داعل وإبطع على خلفية اختطاف المرأة وأطفالها، مشيراً إلى أن المدعو شجاع العلي "مقرب من المخابرات العسكرية ومجموعات موالية لحزب الله اللبناني في مدينة حمص". وتزامن خطف المرأة وأبنائها مع خطف شاب وفتاة من محافظة طرطوس على الساحل السوري وتعذيبهما، وفق مصادر إعلامية محلية اتهمت عصابة "شجاع العلي" بالوقوف وراء الحادثة للحصول على فدية.

وكانت العصابة خطفت في فبراير/شباط الفائت، 10 أشخاص، بينهم نساء من بلدة تلبيسة شمال مدينة حمص في أثناء رحلتهم إلى لبنان عبر طرق التهريب. وذكرت مصادر إعلامية معارضة أن العصابة حصلت مطلع العام الجاري على فدية مالية قيمتها 100 ألف دولار أميركي مقابل إطلاق سراح أحد رجال الأعمال من مدينة يبرود بريف دمشق بعد خطفه أثناء توجهه إلى محافظة طرطوس.

وتقوم العصابة بتصوير المخطوفين وهم يتعرضون للتعذيب الوحشي لتدفع ذويهم إلى الإسراع في تأمين الفدية المطلوبة والتي تحدد بناء على وضع المخطوف. وقامت هذه العصابة على مدى سنوات الثورة بمئات عمليات الخطف بحق المدنيين السوريين الذين يعبرون ريف حمص الغربي وتحديداً منطقة تلكخ من أجل الذهاب إلى لبنان عبر طرق التهريب. ووفق مصادر محلية في ريف حمص، لا تتردد هذه العصابة في قتل المختطفين في حال لم تحصل على المبلغ المطلوب من ذويهم، مشيرة إلى أن شجاع العلي كان يمتهن التهريب عبر الحدود السورية اللبنانية قبل عام 2011.

شجاع العلي.. دعم من القصر الجمهوري

وبيّنت المصادر في حديث لـ"العربي الجديد"، أن العصابة شكلت مع بدء الثورة السورية من أفراد ينتمون إلى جهات موالية للنظام وبتوجيه ودعم من هذا الأخير، لقتل المعارضين تحت عناوين طائفية، خاصة في مدينة تلكخ وريفها غرب مدينة حمص بنحو 45 كيلومتراً. وأشارت إلى أن العلي اتجه بعد ذلك إلى عمليات خطف المدنيين المسافرين إلى لبنان عبر معبر الدبوسية أو العائدين من هناك، بهدف الابتزاز المالي، مقدرة عدد أفراد العصابة بنحو 400 عنصر.

وأوضحت المصادر أن العلي "مدعوم من ضباط كبار في القصر الجمهوري" في العاصمة دمشق، مشيرة إلى أن أسماء الأخرس زوجة رئيس النظام السوري بشار الأسد، تدخلت العام الفائت من أجل إطلاق سراح عائلة من دمشق خطفها العلي وعصابته، ولكن لم يطلق سراح العائلة إلا بعد الحصول على 18 ألف دولار. وأكدت المصادر التي فضّلت عدم ذكر اسمها حفاظاً أن أجهزة النظام المختلفة "لا تجرؤ على الاقتراب من العلي ومقراته وسجونه المنتشرة في عدة قرى بريف حمص الغربي"، مضيفة: "هناك تعاون وتنسيق بين العلي وفرع المخابرات العسكرية في حمص". كما لفتت المصادر إلى أن العلي "أصبح اليوم من أصحاب الثروات في المنطقة نتيجة حصوله على مبالغ من أهالي المخطوفين طيلة سنوات".

وكان النظام السوري دعم تشكيل مليشيات وعصابات بعناوين طائفية ومدها بالسلاح، خاصة في دمشق وحمص وحماة في عام 2011 للفتك بالمعارضين ومساندة الأجهزة الأمنية في قمع الثورة. وقدمت هذه المجموعات خدمات للنظام في العديد من المناطق، إذ قتلت وشردت المدنيين ودفعتهم إلى الهجرة خاصة في ريف حمص الغربي. واليوم يغض النظام الطرف عن عمليات الخطف والابتزاز التي تستفيد منها عدة أطراف في أجهزة النظام المختلفة.

وقال المحلل في مركز "جسور" للدراسات رشيد حوراني في حديث لـ"العربي الجديد" إن النظام "يرعى هذه المجموعات ويدفعها إلى الإيقاع بالسوريين سواء المغادرين إلى لبنان أو القادمين منه". وتنشط في ريف حمص العديد من عصابات الخطف والاتجار بالمخدرات التي يقودها أشخاص مرتبطون بالأجهزة الأمنية في المحافظة الواقعة في وسط البلاد والتي كانت من أهم المناطق الثائرة على النظام قبل أن يفرض سيطرته الكاملة عليها في عام 2018 بعد حملات قصف وحصار لبعض مدنها وبلداتها لعدة سنوات.

المساهمون