قررت فرنسا والمكسيك عدم عرض مسودة مشروع قرار حول المساعدات الإنسانية في أوكرانيا للتصويت عليها في مجلس الأمن، وعرضها بدلاً من ذلك للتصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الأيام القادمة.
وقال السفير الفرنسي نيكولا دو ريفيير، خلال مؤتمر صحافي مقتضب عقد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك: "إن الوضع الإنساني مستمر بالتدهور. عدد الموتى يزداد كما عدد اللاجئين الذي وصل إلى 2.8 مليون شخص، طردوا من بلادهم، ناهيك عن اضطرار 1.9 مليون شخص إلى النزوح داخلياً وترك بيوتهم. نشهد أسوأ أزمة إنسانية في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. منذ بداية الحرب، وثقت منظمة الصحة العالمية 31 هجوماً على منشآت للرعاية الصحية".
وفي ما يتعلق بالأولويات، قال: "إن الأولوية المطلقة حالياً هي التوصل الفوري إلى وقف للأعمال العدائية. وهذا أمر لا غنى عنه لحماية السكان المدنيين، ولضمان وصول المساعدات الإنسانية. لهذا السبب، عملت فرنسا والمكسيك مع جميع أعضاء مجلس الأمن خلال الأسبوعين الماضيين على مشروع قرار لتقديمه أمام مجلس الأمن".
وقال السفير المكسيكي خوان رامون راميرز في هذا السياق: "إننا ندرك أن الوضع على الأرض شديد التقلب، وبالتالي يلزمنا التحرك وبشكل سريع.. أضافة إلى ذلك، فقد تواصل معنا عدد كبير من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة الذين أعربوا عن اهتمامهم بالمشاركة والانخراط في هذا الجهد. وقررنا أخذ مبادرتنا إلى الجمعية العامة من أجل بعث رسالة تظهر المجتمع الدولي متحداً".
لكن يبدو أن السبب الحقيقي وراء عزوف الجانبين الفرنسي والمكسيكي عن تقديم المسودة للتصويت عليها أمام مجلس الأمن يعود لخلافات بين بقية الدول الأعضاء، بما فيها الدول الغربية في المجلس، حول الهدف من المشروع. بعض الدبلوماسيين أشاروا في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد" إلى أن الهدف بالنسبة لهم عزل روسيا مجدداً، لكن دولاً أخرى أرادت أن تركز المسودة على الوضع الإنساني بشكل أساسي، وتحاول تفادي فيتو روسي.
واستمرت المشاورات بين الدول الأعضاء في المجلس أكثر من أسبوعين من دون نتيجة ملموسة تقرب بين وجهات النظر. لكن مصدراً دبلوماسياً غربياً آخر في مجلس الأمن عزا ذلك "لموقف روسيا المتعنت داخل المجلس، وفي المباحثات حول المسودة. ما أضطر كلاً من فرنسا والمكسيك للتوجه إلى الجمعية العامة للحصول على أكبر قدر ممكن من الدعم وإظهار مجتمع دولي متحد وراء المسودة"، ورجح المصدر في تصريحات لـ"العربي الجديد" في نيويورك "أنه لم يكن هناك شك بأن المسودة ستحصل على تأييد 11 دولة على الأقل".
ورداً على سؤال حول السبب وراء عرض تلك المسودة على الجمعية من دون المرور بمجلس الأمن، وما إذا كان ذلك يعود لمخاوف من الفيتو الروسي، قال السفير الفرنسي: "من الواضح أنه كان صعباً تبنيها في مجلس الأمن، لا حاجة لأن أشرح لكم لماذا. ونعتقد أنه من الضروري التحرك والحصول على دعم من الجمعية العامة حول المبادرة التي تتعلق بدخول المساعدات الإنسانية، ووقف الأعمال العدائية، واحترام القانون الدولي، واحترام معاهدة جنيف. ونشعر بالتفاؤل بأنه يمكننا فعل ذلك، وكلما عجلنا بذلك يكون هذا أفضل. إن الوضع على الأرض يتدهور من ساعة إلى أخرى وعلينا التحرك".
وتوقع أن يجرى عرض المسودة على الجمعية العامة خلال الأيام القادمة. وأكد أنه من أجل تبني مشروع القرار في الجمعية العامة، يجب الحصول على ثلثي الأصوات من مجموع الدول التي تصوت بنعم أم لا، حيث لا تعد أصوات الدول التي تمتنع أو لا تصوت.
وعبّر مصدر دبلوماسي غربي رفيع المستوى، لـ"العربي الجديد" في نيويورك، عن مخاوفه من أن المسودة الحالية لن تحصل على الدعم نفسه الذي حصلت عليه المسودة الأولى التي تبنتها الجمعية العامة وشجبت العدوان الروسي على أوكرانيا، واحتوت على فقرات تؤكد ضرورة تقديم المساعدات الإنسانية والالتزام بالقانون الدولي ووقف الأعمال العدائية. وكان القرار قد حصل على تأييد 141 ومعارضة خمس دول.