أزمة الحكومة العراقية... سباق استقطابات بين التيار الصدري و"الإطار التنسيقي"

20 فبراير 2022
سيدعم التيار الصدري و"الديمقراطي" و"السيادة" ريبر أحمد للرئاسة (يونس كيليس/الأناضول)
+ الخط -

أفرز فشل الوساطات العديدة التي شهدتها الساحة العراقية، خلال الأسابيع الست الماضية، حيال أزمة تشكيل الحكومة الجديدة، تحركات جديدة خلال اليومين الماضيين، اعتبرها مراقبون بأنها محاولة لفرض أمر واقع باستخدام طرفي الأزمة، التيار الصدري وحلفائه من جهة، وقوى الإطار التنسيقي من جهة ثانية، لميزان القوى داخل البرلمان.

وتحدثت مصادر سياسية عراقية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، عن اجتماع يضم التيار الصدري والحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، وتحالف "السيادة" بزعامة خميس الخنجر، من المقرر عقده خلال الأيام القليلة المقبلة، بهدف الاتفاق على ملفي رئاستي الجمهورية والحكومة، والتأكيد على تعهدات سابقة للأطراف الثلاثة في هذا السياق. 

ويصرّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على مشروع حكومة الأغلبية الوطنية ورفضه مشاركة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي في المشهد الحكومي المقبل.

دعم ريبر أحمد لمنصب رئاسة الجمهورية

ووفقاً للمصادر، وأحدها نائب عن الكتلة الصدرية، فإن الاجتماع سيجري من خلال قيادات وممثلين عن التحالفات الثلاثة في بغداد. وأوضح "أنهم سيكونون مخولين باتخاذ القرارات عن الكتل الثلاث، من بينها الاتفاق على دعم ريبر أحمد لمنصب رئاسة الجمهورية، والتأكيد في المقابل على دعم مرشح التيار الصدري لمنصب رئاسة الحكومة".

نجح الصدريون في استمالة نواب من المستقلين والأقليات

وكشفت المصادر أن الصدريين نجحوا في استمالة عدد كبير من النواب المستقلين وبعض الأقليات، في تحرك استباقي لمنع قوى "الإطار التنسيقي" من امتلاك ورقة الثلث المعطل، التي يلوّح بها خصوم الصدر السياسيين، بمسألة تعطيل جلسة التصويت على رئيس الجمهورية.

ويفرض الدستور وجود ثلثي أعضاء البرلمان، البالغ عددهم 329، في الجلسة ليتحقق نصاب انتخاب رئيس الجمهورية. في المقابل، يحق للبرلمان عقد جلساته الأخرى بتحقق الأغلبية البسيطة (نصف الأعضاء+1)، وهو ما لم يتحقق أيضاً في الجلسة التي كانت مقررة الإثنين الماضي لانتخاب رئيس جديد للبلاد.

من جهته، قال العضو في تحالف "السيادة" علي العيساوي، لـ"العربي الجديد"، إن "الاجتماع المرتقب بين التحالف الثلاثي (الكتلة الصدرية وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني) سيؤكد على تماسك هذا التحالف، والمضي نحو حكومة الأغلبية، رغم كل الضغوط التي تمارس علينا في هذا التحالف، سواء داخلية أو خارجية". 

اجتماع لوضع اللمسات الأخيرة على ملف تشكيل الحكومة

وبين العيساوي أن "الاجتماع سيكون لوضع اللمسات الأخيرة على ملف تشكيل الحكومة. كما أن هناك تواصلاً مع بعض الأطراف السياسية، من أجل أن تكون مع التحالف الثلاثي في عملية تشكيل حكومة الأغلبية".

من جهته، قال السياسي المقرب من التيار الصدري مناف الموسوي، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إن "الصدر وحلفاءه ماضون في مشروع حكومة الأغلبية، والاجتماع المرتقب بين أطراف هذا التحالف هو للتأكيد على تماسكهم، بعد موجة ضغوط كبيرة داخلية وخارجية". 

وأضاف "حتى إذا واصلت كل قوى الإطار التنسيقي موقفها الحالي، فإن لغة الأرقام تميل إلى تمكن الحلف الثلاثي من تمرير الحكومة ورئاسة الجمهورية". وتابع: "نعتقد أن الثلث المعطل لقوى الإطار التنسيقي لن يدوم طويلاً، خصوصاً مع وجود كتل تريد المشاركة في الحكومة من داخل هذا تحالف الإطار".

تحرك "الإطار التنسيقي" لتشكيل تحالف كبير

في موازاة ذلك، كشف القيادي في "الإطار التنسيقي" النائب عارف الحمامي، لـ"العربي الجديد"، عن تحرك لتشكيل "تحالف كبير، يستقطب قوى الإطار التنسيقي مع قوى سنية وكردية، لتشكيل تحالف يملك ثقلاً فاعلاً في البرلمان". 

وأضاف الحمامي أن "توجه الإطار التنسيقي نحو تشكيل هكذا تحالف كبير هو من أجل أن يكون له الثلث الضامن (المعطل) في البرلمان، مع إصرار التيار الصدري ومن معه من قوى أخرى على التفرد بقرار تشكيل الحكومة الجديدة، ومحاولة إبعاد قوى مؤثرة، سياسياً وشعبياً، عن المشهد السياسي في المرحلة المقبلة". 

وتابع الحمامي أن "عدد نواب التحالف، المرتقب الإعلان في الأيام المقبلة عنه، وسيحمل مبدئياً اسم الثبات الوطني، قد يتجاوز 140 نائباً". 

وأكد أن "الحوارات مع التيار الصدري متوقفة منذ أيام، لكن هناك أطرافا صديقة تعمل على إعادة الحوار والتفاوض بين الطرفين خلال اليومين المقبلين، من أجل الوصول إلى توافق بشأن تشكيل الكتلة الكبرى والحكومة الجديدة. لكن حتى الآن بصراحة لا توجد أي بوارد لحل الخلاف بين الطرفين".

لكن تصريحات الحمامي بشأن استقطاب 140 نائباً في التحالف الجديد تقابل بتشكيك، إذ إن التيار الصدري مع تحالف "السيادة" والحزب الديمقراطي الكردستاني يملكون حالياً نحو 180 مقعداً، مع تأييد غير معلن بشكل رسمي من نواب مستقلين وممثلي أقليات في البرلمان لمشروع حكومة الأغلبية الوطنية. ويجعل هذا الأمر عدد المقاعد الأخرى أقل من الرقم الذي تحدث به الحمامي لـ"العربي الجديد". 

مناف الموسوي: الصدر وحلفاؤه ماضون في حكومة الأغلبية
 

ويمتلك تحالف "الإطار التنسيقي" 88 مقعداً، بينما يمتلك الاتحاد الوطني الكردستاني 17 مقعداً، مع وجود كتلة من النواب العرب السنة، يستهدفها "الإطار التنسيقي" في تحركه الحالي، يبلغ عدد أعضائها 6، بزعامة النائب عن محافظة صلاح الدين مثنى السامرائي.

العملية السياسية وصلت إلى آخر مراحل الانسداد

وقال المحلل السياسي العراقي محمد التميمي، لـ"العربي الجديد"، إن "حراك الإطار التنسيقي في تشكيل تحالف سياسي كبير ومناوئ للتيار الصدري، يؤكد أن العملية السياسية وصلت إلى آخر مراحل الانسداد وفشل وساطات إيران وحزب الله اللبناني في إقناع الصدر، وهذا الأمر لا يعطي بوادر انفراج في المشهد العراقي السياسي". 

وبين التميمي أن "الخلاف حالياً لا يقتصر على البيت الشيعي فقط، بل وصل إلى مرحلة كسر العظم داخل البيت السياسي الكردي. وهذا الخلاف له أثر كبير على تعطيل عملية تشكيل الحكومة الجديدة". 

وأشار إلى أنه "رغم ذلك، فإن هناك مساعي لتوحيد المواقف داخل البيت الكردي، وهي ليست داخلية فقط، بل هناك مساع خارجية من قبل طهران وواشنطن أيضاً". 

واعتبر أن "توحيد الموقف السياسي الكردي، سيسهم كثيراً في تشجيع حل الخلافات بين الكتل السياسية الشيعية، إذ إنه سيضعف من أهمية الثلث المعطل لانتخاب رئيس الجمهورية الجديد، وهذا عامل مهم لدفع قوى الإطار التنسيقي للحوار والتفاوض، بل حتى التنازل للتيار الصدري".

تقارير عربية
التحديثات الحية
المساهمون