ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" في افتتاحية لها إن انقلاب السودان الذي شنه الاثنين قائد القوات المسلحة، عبد الفتاح البرهان، يمثل تحديا مباشرا بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، داعية واشنطن إلى دعم جبهة التصدي الدولي للانقلاب، شاملة في دعوتها الأصدقاء القدامى للخرطوم والداعمين بالسعودية. وحذرت الصحيفة من مغبة عدم القيام بذلك قائلة إن نقطة ضوء ديمقراطية أخرى قد تمحى من الخريطة.
واعتبرت "واشنطن بوست" أن انقلاب البرهان تحد مباشر للولايات المتحدة الأميركية بما أنه جاء بعد نحو 48 ساعة على زيارة مبعوث الرئيس الأميركي، جو بايدن، للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، الخرطوم وتحذيره القادة العسكريين بأنهم يجازفون بفقدان المساعدات والشرعية التي استعادها السودان بعد دخوله في مسار التحول السياسي، بعد الثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير. وأعادت الصحيفة للأذهان أن إدارة الرئيس السابق، دونالد ترامب، سحبت اسم السودان من قائمة البلدان الراعية للإرهاب، وهي العقبة التي كانت تحول وصول المساعدات والقروض الدولية.
وفي سياق بحثها عن أسباب قد تكون وراء شن البرهان انقلابه بالسودان، أشارت "واشنطن بوست" إلى أن السلطات الانتقالية بالبلاد كانت قد قبلت ولاية المحكمة الجنائية الدولية، التي تتهم البشير بالإبادة الجماعية في إقليم دارفور، بعدما قتلت القوات الموالية لنظامه 300 ألف شخص بين 2003 و2008، وفق إحصاءات الأمم المتحدة.
The coup in Sudan represents a direct challenge for the U.S., the Editorial Board writes https://t.co/oI81aOy958
— Washington Post Opinions (@PostOpinions) October 26, 2021
وأضافت الصحيفة أن العسكر بالسودان كانوا مترددين بشأن تسليم البشير للجنائية الدولية، وذلك لمخاوف من كون المحاكمة قد تكشف عن تورط عدد كبير من الضباط في جرائم دارفور، مرجحة أن يكون هذا الملف قد ساهم في شن انقلاب الاثنين.
وفيما رحبت "واشنطن بوست" بتفعيل الإدارة الأميركية لتحذير فيلتمان، بعدما قطعت 700 مليون كانت مخصصة للمساعدات، وبتنديدها بالانقلاب في موقف يتماهى مع ما جاء على لسان قادة كبار بالاتحاد الأوروبي، والاتحاد الأفريقي، والجامعة العربية، والأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، لم تستبعد إمكانية حصول حمام دم جديد بالسودان. وربطت ذلك بسجل الجيش السوداني السيئ في هذا الصدد، والمليشيات المتحالفة معه، وهو ما حصل خلال ثورة 2019 حينما قتل 100 شخص.
كما قالت الصحيفة إن الحرب الأهلية قد تكون الخطر الأشد بالسودان، ضمن تقييمها لتبعات انقلاب البرهان، التي قالت إنه قد يؤدي إلى استفحال الأوضاع الاقتصادية المتأزمة، والعودة إلى النظام الدكتاتوري، رغم تعهد البرهان بإجراء انتخابات في 2023.
وفي متابعتها لتطورات انقلاب السودان، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن التوتر الحاصل بين المكونين المدني والعسكري، وكذا التنديد الواسع بالانقلاب من قبل أهم المانحين والمنظمات الدولية، يترك السودان دون طريق واضح لحل أزمته الاقتصادية المتنامية، والتي كانت الشرارة التي أذكت حالة غياب الاستقرار السياسي في الأعوام الأخيرة.
وقالت الصحيفة إن الغضب من الزيادات المهولة في أسعار الخبز وغياب الفرص بالنسبة للشباب السوداني عاملان ساهما في خروج المظاهرات الحاشدة التي أفضت لإزاحة نظام البشير بعد ثلاثة عقود من الحكم. وأضافت "وول ستريت جورنال" أن الأسبوع الماضي شهد عودة الآلاف من السودانيين إلى الشوارع بعد أشهر من تضخم أسعار مواد الاستهلاك قارب 400 في المائة، وكذا النقص الحاصل في القمح، والمحروقات، والأدوية وغيرها من المواد الحيوية.
وبحسب الصحيفة الأميركية فإن خطة الحكومة الانتقالية لحل المشاكل الاقتصادية بالبلاد، والتي كانت تتمحور حول مئات الملايين من الدولارات في شكل مساعدات من البلدان الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، أصبحت معلقة ولا يمكن تحديد مصيرها.
Pro-democracy protesters in Sudan vowed to resist a military coup of their transitional government through nationwide civil disobedience, deepening a high-stakes standoff that leaves the country with no clear path out of economic and political crisis https://t.co/aYHEMEzLCG
— The Wall Street Journal (@WSJ) October 26, 2021
ونقلت "وول ستريت جورنال" عن خبراء قولهم إنه في غياب المساعدات الغربية، ربما قد يلجأ القادة العسكريون إلى الاعتماد على مساعدة أقرب حلفائهم بالإمارات والسعودية.
وأوردت الصحيفة أن مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، قال أمس الثلاثاء إنّ إدارة بايدن تنظر في جميع الأدوات الاقتصادية المتاحة للتعامل مع الانقلاب العسكري في السودان، وإنها على اتصال وثيق مع دول الخليج بشأن الوضع.
وقال في إفادة بالبيت الأبيض، إنّ أفعال الجيش السوداني "غير مقبولة بالمرة" و"انتكاسة كبيرة ومقلقة" للسودان. وأضاف أنّ واشنطن على اتصال وثيق مع زعماء المنطقة، بما في ذلك منطقة الخليج، "لضمان أن ننسق عن كثب ونبعث برسالة واضحة إلى الجيش في السودان بأن عليه... الكف عن أي عنف ضد المدنيين الأبرياء والعودة إلى مسار ديمقراطي".