01 نوفمبر 2024
حسن نصر الله .. سيد الثورة المضادّة
يخوض الشعب اللبناني نضالًا أسطوريًا للتحرّر من استعمار داخلي باسم الطائفة، ولكن المفارقة أن من يشن الحرب على هذا النضال هو الشخص الذي ابتز اللبنانيين والعرب، أكثر من عقدين، بأنه قائد حرب التحرير في الجنوب.
رسم اللبنانيون أروع لوحات الربيع العربي بتلك السلسلة البشرية الممتدة بطول خريطة لبنان من جنوبه إلى شماله، متشابكي الأيدي والقلوب، سعيًا إلى تحرير الوطن من أسر الطائفة والعصابة ومجموعات الاستثمار العرقي والأيديولوجي، فجنّ جنون زعماء مافيا الطوائف، فاتّحدوا ضد الشعب الحالم بالحرية والمساواة.
كيف تحوّل حسن نصر الله من زعيم مقاومة، كان يسميها ثورة المظلومين، إلى قائد ثورة مضادّة، تدمي لبنان وتثخن جراح شعبه؟ هذا الشعب الذي احتضن مشروع المقاومة، وفي القلب منه نصر الله، وتغاضى عن طائفيته الطافحة من الصور والشعارات والولاءات، وبذل الدم والمال لكي يمنحه لقب "سيد المقاومة"، يذوق على يد نصر الله الآن ما لم يفعله الكيان الصهيوني، لا لشيءٍ إلا لأنه ينتفض من أجل تحقيق دولة المواطنة المتساوية، لا دولة الطائفة والعصابة، لتتحوّل، حارة حريك، معقل المقاوم سابقًا، إلى وكر "مقاول الثورة المضادة" الذي يطلق قطعان البلطجة والإرهاب الطائفي للحرب على ثورةٍ تشارك فيها الجميع"إيد بإيد" ضد كل بارونات الإقطاع السياسي والاقتصادي الذين حوّلوا حياة الناس إلى جحيم.
ينكشف الغطاء الآن عن شخصٍ بنى مجده المصنوع على يد مرجعيات الخارج، معتبرًا ذاته زعيم المظلومين، يشنّ حرب عصاباتٍ ضد شعبٍ يثور ضد الظلم، فيجد "سيد المقاومة" وقد انحرف تخلى عنها، وانفرد بمقاولة القضاء على الثورة، متماهيًا مع إرادة الأوغاد الإقليميين الذين صدّع الرؤوس، وابتزّ النفوس، بأنهم أعداؤه.
على أن ذلك ليس غريبا على رجل قرر مناصبة الثورات العربية العداء منذ اليوم الأول، فلم يعرف عنه موقف منحاز إلى "المظلومين" الذين ثاروا في الغرب أو الشرق، بل اتخذ جانب الطغاة، وكأنه أراد ألا تكون هناك في تاريخ العرب ثورة، إلا التي تنطلق من تحت العمامة في حارة حريك، فأخذ على عاتقة مهمة، أو مقاولة، قتل الثورة السورية، مسلّحًا بالهوس الطائفي، وإن رفع شعاراته المضحكة التي يستنسخها ضد اللبنانيين الآن، عن المؤامرة الكونية على معسكر الممانعة، واستهداف مشروع المقاومة، العاطلة إلا عن محاربة حق الشعوب في التغيير والانعتاق.
حمل العام 2011 اللحظة التي ظهر فيها نصر الله مثل قبضايات الثورة المضادّة، غارقًا في وحل التناقضات، ممتشقًا مبدأ "الطائفة قبل الأمة". وقد رصدت، في ذلك الوقت، مفارقة مدهشة، إذ بدا "السيد" في موقفٍ لا يُحسد عليه وهو يقف أمام المرآة يشذّب لحيته ويتفحّص ملامح وجهه، فالرجل الذى يستبسل في الدفاع عن بشار الأسد وحالة نظامه، على اعتبار أنها حالة صمودٍ في وجه الاستعمار والإمبريالية والصهيونية، لم ينطق ببنت شفةٍ دفاعاً عن نظام آخر يروّج بعض أرامله في العواصم العربية أنه يدفع حياته ثمناً للتصدّي للاستعمار والإمبريالية، وهو نظام معمر القذافي.
وأظن أن نظامي الأسد والقذافي وجهان لعملةٍ واحدة، فكلاهما رضع من ثدي الخطابة والرطانة. صحيحٌ أن حاكم سورية يبدو أكثر فصاحة وبلاغة من ملك ملوك أفريقيا المخلوع، إلا أن كليهما يبيع بضاعة واحدة هي الكلام، فلماذا يهرع نصر الله لنجدة الأول ويصمت عن الثاني (لم يكن القذافي قد سقط بعد).
في هذه اللحظة، يمارس حسن نصر الله مع اللبنانيين، ما فعله حسني مبارك، ومن بعده جنرالات المجلس العسكري المصري في ثورة يناير 2011: الابتزاز باسم الحرب، والادّعاء أن في رصيد الذكريات ما يسمح بارتكاب المجازر ضد الثائرين، طلبًا للكرامة والعدل، فمبارك ظل يشهر لافتة "قائد الضربة الجوية في حرب أكتوبر" في وجه المنتفضين ضده، وكذلك يفعل نصر الله بإشهار ذكريات المقاومة، مبرّرًا للبلطجة والإرهاب، وكأن مبارك حارب وانتصر وحده.. وكأن نصر الله قاوم الصهاينة وحده.. أو كأنه لم يكن ثمّة لبنان قبل وصول السيد من الحوزة، كما لم تكن هناك مصر قبل خروج مبارك من أكمام عباءة السادات.
رسم اللبنانيون أروع لوحات الربيع العربي بتلك السلسلة البشرية الممتدة بطول خريطة لبنان من جنوبه إلى شماله، متشابكي الأيدي والقلوب، سعيًا إلى تحرير الوطن من أسر الطائفة والعصابة ومجموعات الاستثمار العرقي والأيديولوجي، فجنّ جنون زعماء مافيا الطوائف، فاتّحدوا ضد الشعب الحالم بالحرية والمساواة.
كيف تحوّل حسن نصر الله من زعيم مقاومة، كان يسميها ثورة المظلومين، إلى قائد ثورة مضادّة، تدمي لبنان وتثخن جراح شعبه؟ هذا الشعب الذي احتضن مشروع المقاومة، وفي القلب منه نصر الله، وتغاضى عن طائفيته الطافحة من الصور والشعارات والولاءات، وبذل الدم والمال لكي يمنحه لقب "سيد المقاومة"، يذوق على يد نصر الله الآن ما لم يفعله الكيان الصهيوني، لا لشيءٍ إلا لأنه ينتفض من أجل تحقيق دولة المواطنة المتساوية، لا دولة الطائفة والعصابة، لتتحوّل، حارة حريك، معقل المقاوم سابقًا، إلى وكر "مقاول الثورة المضادة" الذي يطلق قطعان البلطجة والإرهاب الطائفي للحرب على ثورةٍ تشارك فيها الجميع"إيد بإيد" ضد كل بارونات الإقطاع السياسي والاقتصادي الذين حوّلوا حياة الناس إلى جحيم.
ينكشف الغطاء الآن عن شخصٍ بنى مجده المصنوع على يد مرجعيات الخارج، معتبرًا ذاته زعيم المظلومين، يشنّ حرب عصاباتٍ ضد شعبٍ يثور ضد الظلم، فيجد "سيد المقاومة" وقد انحرف تخلى عنها، وانفرد بمقاولة القضاء على الثورة، متماهيًا مع إرادة الأوغاد الإقليميين الذين صدّع الرؤوس، وابتزّ النفوس، بأنهم أعداؤه.
على أن ذلك ليس غريبا على رجل قرر مناصبة الثورات العربية العداء منذ اليوم الأول، فلم يعرف عنه موقف منحاز إلى "المظلومين" الذين ثاروا في الغرب أو الشرق، بل اتخذ جانب الطغاة، وكأنه أراد ألا تكون هناك في تاريخ العرب ثورة، إلا التي تنطلق من تحت العمامة في حارة حريك، فأخذ على عاتقة مهمة، أو مقاولة، قتل الثورة السورية، مسلّحًا بالهوس الطائفي، وإن رفع شعاراته المضحكة التي يستنسخها ضد اللبنانيين الآن، عن المؤامرة الكونية على معسكر الممانعة، واستهداف مشروع المقاومة، العاطلة إلا عن محاربة حق الشعوب في التغيير والانعتاق.
حمل العام 2011 اللحظة التي ظهر فيها نصر الله مثل قبضايات الثورة المضادّة، غارقًا في وحل التناقضات، ممتشقًا مبدأ "الطائفة قبل الأمة". وقد رصدت، في ذلك الوقت، مفارقة مدهشة، إذ بدا "السيد" في موقفٍ لا يُحسد عليه وهو يقف أمام المرآة يشذّب لحيته ويتفحّص ملامح وجهه، فالرجل الذى يستبسل في الدفاع عن بشار الأسد وحالة نظامه، على اعتبار أنها حالة صمودٍ في وجه الاستعمار والإمبريالية والصهيونية، لم ينطق ببنت شفةٍ دفاعاً عن نظام آخر يروّج بعض أرامله في العواصم العربية أنه يدفع حياته ثمناً للتصدّي للاستعمار والإمبريالية، وهو نظام معمر القذافي.
وأظن أن نظامي الأسد والقذافي وجهان لعملةٍ واحدة، فكلاهما رضع من ثدي الخطابة والرطانة. صحيحٌ أن حاكم سورية يبدو أكثر فصاحة وبلاغة من ملك ملوك أفريقيا المخلوع، إلا أن كليهما يبيع بضاعة واحدة هي الكلام، فلماذا يهرع نصر الله لنجدة الأول ويصمت عن الثاني (لم يكن القذافي قد سقط بعد).
في هذه اللحظة، يمارس حسن نصر الله مع اللبنانيين، ما فعله حسني مبارك، ومن بعده جنرالات المجلس العسكري المصري في ثورة يناير 2011: الابتزاز باسم الحرب، والادّعاء أن في رصيد الذكريات ما يسمح بارتكاب المجازر ضد الثائرين، طلبًا للكرامة والعدل، فمبارك ظل يشهر لافتة "قائد الضربة الجوية في حرب أكتوبر" في وجه المنتفضين ضده، وكذلك يفعل نصر الله بإشهار ذكريات المقاومة، مبرّرًا للبلطجة والإرهاب، وكأن مبارك حارب وانتصر وحده.. وكأن نصر الله قاوم الصهاينة وحده.. أو كأنه لم يكن ثمّة لبنان قبل وصول السيد من الحوزة، كما لم تكن هناك مصر قبل خروج مبارك من أكمام عباءة السادات.