02 نوفمبر 2024
في "تسعين" كاسترو
تخفّف فيديل كاسترو، هذه المرّة، من سترة "أديداس"، وارتدى واحدةً من "بوما"، في احتفال واسعٍ بعيد ميلاده التسعين، أول من أمس السبت، في هافانا. والظاهر أنه يرتاح كثيراً للبذلات الرياضية (يعتمدها كثيرون بيجاماتٍ في النوم)، فهو لا يجد حرجاً في ارتداء واحدةٍ من "أديداس" في افتتاح مؤتمر الحزب الشيوعي الكوبي، في أبريل/ نيسان الماضي، وفي استقباله في منزله البابا فرانسيس قبل نحو عام، وفي لقائه الرئيس الأميركي الأسبق، جيمي كارتر، في العام 2011. وليس في وسع أحدٍ يلحظ أمراً مثل هذا أن يغيب عن باله أن شركتي الألبسة والأحذية الرياضية الشهيرتين هما من الشركات العملاقة التي يمكن حسبانها من عناوين الرأسمالية ونجاحاتها النافذة في العالم، كما أنهما من دلائل العولمة العابرة للأعراق والثقافات والأمم والشعوب. وإذ يستطيب قمصانهما وسراويلهما شيوعيٌّ نحرير، وزعيمٌ عتيدٌ في المنظومة الاشتراكية إبّان زمنها الآفل، اسمه فيديل كاسترو، فذلك من علامات الهزيمة النكراء التي ألحقتها الرأسمالية بالاشتراكية، في نمطها الكوبي المَتْحَفيّ مثلاً، وإن حملت القاعة التي احتُفل فيها بالمسنّ الشهير، في عيد ميلاده التسعين، اسم كارل ماركس.
أرباح مبيعات شركة بوما الألمانية من ملابسها الرياضية في ثلاثة شهور من العام الماضي 20 مليون يورو، وكان ذلك مردوداً منخفضاً، وفي أحد الأعوام، ربحت مليارين و373 مليون يورو. أما "أديداس"، الألمانية أيضاً، فقد تجاوزت أرباحها 15 مليار يورو في 2014. وهذه أرقام لا تأتي إلى بال فيديل كاسترو، وهو يستحسن منتوج هاتين الشركتين من ألبسةٍ لنفسه، فيما يرابط على اعتناقه الاشتراكية التي تجعل طلبات كوبيين الحصول على تأشيرات سفرٍ إلى الولايات المتحدة من سفارتها في هافانا (افتتحت صيف العام الماضي) آلافاً متزايدة، وفي البال أن ابنة كاسترو نفسه انشقّت عنه، وهربت بجواز سفر إسباني مزور، قبل 23 عاماً.
تقرّ السلطات الكوبية، قبل عامين، قانوناً للاستثمارات الأجنبية، تستأنس منه ما يفيد في إسعاف اقتصاد البلاد المتعب. وبحذر ظاهر، تعمد إلى "إصلاحاتٍ" هيكليةٍ في هذا الاقتصاد، تنفتح على العالم، وتتيح فرصاً مشجعةً للقطاع الخاص، غير أن كاسترو لا يشجع شقيقه، راؤول، على المضي في هذا المسار، وعلى ذمّة من طالعنا عنهم، فإن التسعيني، وإنْ أقطع رئاسة البلاد، في 2006، لشقيقه هذا، وزير الدفاع السابق، لمّا أيقن أن لتصاريف الزمن قوانينها، وانصرف إلى منزله الذي صار مزار صحافيين، وأشبه بمصحّة، فإنه ما زال صاحب تأثيرٍ في البلاد، كيف لا وهو "القائد"، على ما ردّدت الأغنيات التي سمعها في حفل عيد ميلاده، وعلى ما هي صفته الباقية في البلاد. لم يتحمّس للاندفاع في العلاقات التي استجدّت مع أميركا، والظاهر أنها علاقاتٌ عرفت التقدّم الذي أصابها، في العامين الماضيين، من دون كثير اكتراثٍ بآراء "القائد" الذي يغتبط بتذكير مواطنيه بمحاولات أميركا اغتياله، على ما فعل في أحدث مقالاته، عشية الاحتفال بعامه التسعين.
لسنا مضطرّين لأن نصدّق أنها 836 محاولة اغتيال تعرّض لها "الكوماندانتي" من المخابرات الأميركية وغيرها، منذ بدء رئاسته البلاد في 1959، حتى تخليه عنها لشقيقه. مع التسليم بأن اغتياله كان غرضاً أميركياً معلوماً، وهو الذي كاد انضواؤه في معطف الاتحاد السوفييتي يتسبّب بحرب نووية في 1962. .. مضى ذلك الزمن وانقضى، والأرجح أن كوبا في سيرها البطيء نحو هيكلة حالها، اقتصاديا وسياسياً، سوف تجد نفسها مضطرة إلى تسريع خطاها هذه، فلا تبقى الدولة على هيمنتها المعلومة على مجالات الاقتصاد ودواليبه، وعلى ملكيتها معظم وسائل الإنتاج، وعلى إدارتها أغلب المؤسسات. ومن النباهة أن يُظن أن الأنفاس التي حملتها زيارة باراك أوباما هافانا (مع عائلته)، في مارس/ آذار الماضي، لم تكن لدفع السياحة إلى الجزيرة الكوبية، وإنما للدفع بإيقاعٍ آخر، يشتهي الشباب هناك أن تنعطف بلادهم إليه، اقترب ميعاده أم ابتعد، فإن "بوما" و"أديداس" تُؤذنان به.
أرباح مبيعات شركة بوما الألمانية من ملابسها الرياضية في ثلاثة شهور من العام الماضي 20 مليون يورو، وكان ذلك مردوداً منخفضاً، وفي أحد الأعوام، ربحت مليارين و373 مليون يورو. أما "أديداس"، الألمانية أيضاً، فقد تجاوزت أرباحها 15 مليار يورو في 2014. وهذه أرقام لا تأتي إلى بال فيديل كاسترو، وهو يستحسن منتوج هاتين الشركتين من ألبسةٍ لنفسه، فيما يرابط على اعتناقه الاشتراكية التي تجعل طلبات كوبيين الحصول على تأشيرات سفرٍ إلى الولايات المتحدة من سفارتها في هافانا (افتتحت صيف العام الماضي) آلافاً متزايدة، وفي البال أن ابنة كاسترو نفسه انشقّت عنه، وهربت بجواز سفر إسباني مزور، قبل 23 عاماً.
تقرّ السلطات الكوبية، قبل عامين، قانوناً للاستثمارات الأجنبية، تستأنس منه ما يفيد في إسعاف اقتصاد البلاد المتعب. وبحذر ظاهر، تعمد إلى "إصلاحاتٍ" هيكليةٍ في هذا الاقتصاد، تنفتح على العالم، وتتيح فرصاً مشجعةً للقطاع الخاص، غير أن كاسترو لا يشجع شقيقه، راؤول، على المضي في هذا المسار، وعلى ذمّة من طالعنا عنهم، فإن التسعيني، وإنْ أقطع رئاسة البلاد، في 2006، لشقيقه هذا، وزير الدفاع السابق، لمّا أيقن أن لتصاريف الزمن قوانينها، وانصرف إلى منزله الذي صار مزار صحافيين، وأشبه بمصحّة، فإنه ما زال صاحب تأثيرٍ في البلاد، كيف لا وهو "القائد"، على ما ردّدت الأغنيات التي سمعها في حفل عيد ميلاده، وعلى ما هي صفته الباقية في البلاد. لم يتحمّس للاندفاع في العلاقات التي استجدّت مع أميركا، والظاهر أنها علاقاتٌ عرفت التقدّم الذي أصابها، في العامين الماضيين، من دون كثير اكتراثٍ بآراء "القائد" الذي يغتبط بتذكير مواطنيه بمحاولات أميركا اغتياله، على ما فعل في أحدث مقالاته، عشية الاحتفال بعامه التسعين.
لسنا مضطرّين لأن نصدّق أنها 836 محاولة اغتيال تعرّض لها "الكوماندانتي" من المخابرات الأميركية وغيرها، منذ بدء رئاسته البلاد في 1959، حتى تخليه عنها لشقيقه. مع التسليم بأن اغتياله كان غرضاً أميركياً معلوماً، وهو الذي كاد انضواؤه في معطف الاتحاد السوفييتي يتسبّب بحرب نووية في 1962. .. مضى ذلك الزمن وانقضى، والأرجح أن كوبا في سيرها البطيء نحو هيكلة حالها، اقتصاديا وسياسياً، سوف تجد نفسها مضطرة إلى تسريع خطاها هذه، فلا تبقى الدولة على هيمنتها المعلومة على مجالات الاقتصاد ودواليبه، وعلى ملكيتها معظم وسائل الإنتاج، وعلى إدارتها أغلب المؤسسات. ومن النباهة أن يُظن أن الأنفاس التي حملتها زيارة باراك أوباما هافانا (مع عائلته)، في مارس/ آذار الماضي، لم تكن لدفع السياحة إلى الجزيرة الكوبية، وإنما للدفع بإيقاعٍ آخر، يشتهي الشباب هناك أن تنعطف بلادهم إليه، اقترب ميعاده أم ابتعد، فإن "بوما" و"أديداس" تُؤذنان به.