ملك الأردن غاضب من مواقع التواصل الاجتماعي

31 أكتوبر 2018
(Jordan Pix/Getty)
+ الخط -
كتب العاهل الأردني عبدالله الثاني مقالاً بعنوان "منصّات التواصل أم التناحر الاجتماعي؟"، نشرته صفحة الديوان الملكي على "فيسبوك" وعدد من وسائل الإعلام المحلية، حمل في طياته غضباً مما ينشر على منصات مواقع التواصل الاجتماعي، مشيراً إلى أنّ بعض ما ينشر مجرد إشاعات وأكاذيب وشعارات فارغة وبطولات زائفة.

وخلال الفترة الأخيرة في الأردن كما في الكثير من دول العالم، أتاحت منصات التواصل الاجتماعي للمواطن التعبير الحر عن رأيه ومشاعره دون الحاجة لوسطاء وممثلين، كما لم يعد بحاجة الى وسائل الإعلام التقليدية لتنقل معاناته، هو لا يحتاج إلى أكثر من هاتفه الذكي.

ويقول الملك عبدالله الثاني في المقال "أصبحنا ونحن نتصفح منصات التواصل الاجتماعي نصطدم أحيانا بكمٍّ هائل من العدوانية، والتجريح، والكراهية، حتى تكاد تصبح هذه المنصات مكانا للذم والقدح، تعج بالتعليقات الجارحة والمعلومات المضللة، والتي تكاد أحياناً تخلو من الحياء أو لباقة التخاطب والكتابة، دون مسؤولية أخلاقية أو اجتماعية أو الالتزام بالقوانين التي وجدت لردع ومحاسبة كل مسيء".

ويضيف "لا يخفى على أي متابع للنقاشات الرائجة على الإنترنت، أن الإشاعات والأخبار الملفقة هي الوقود الذي يغذي به أصحاب الأجندات متابعيهم لاستقطاب الرأي العام أو تصفية حسابات شخصية وسياسية". مضيفاً أنّ "بين الأكاذيب والشعارات الفارغة والبطولات الزائفة، تنتشر في كثير من الأحيان، السلبية والشعور بالإحباط. ويبقى القارئ حائرا بين الحقيقة والإشاعة".

وتحدث الملك في المقال عن الإشاعات التي انتشرت في فترة إجازته، والتعليقات حول حادثة البحر الميت الأخيرة، مضيفاً "علينا جميعاً أن لا نتوانى عن مواجهة من يختبئون وراء شاشاتهم وأكاذيبهم، بالحقيقة. وبإمكان كل من يتعرض للإساءة أن يلجأ للقضاء لينصفه، فنحن دولة قانون ومؤسسات"، مضيفا أن "كل من يسيء إلى أردني – سواء من عائلتي الأردنية الكبيرة أو الصغيرة – فهو يسيء لي شخصياً".


وقال "أصبحت الحاجة ملحة اليوم لتطوير تشريعاتنا الوطنية، بما يؤكد على صون وحماية حرية التعبير، ويحفظ حق المواطنين في الخصوصية، والقضاء على الإشاعات والأخبار المضللة، ومنع التحريض على الكراهية"، مضيفاً "لا بد من مراعاة التوازن بين صيانة حرية التعبير، وهو الحق الذي نحرص عليه دائماً، وبين حقوق وأولويات في غاية الأهمية لاستقرار وعافية مجتمعنا".

وتساءل "إلى ماذا سيؤول حالنا إن لم نكن مسؤولين وحذرين في تفاعلنا على المنصات الإلكترونية؟ ما هو مستقبل مجتمعنا إن نبذنا العقلانية والمنطق، وآثرنا الإشاعة على الحقيقة؟ إن كان حديثنا مبنيا على الأكاذيب والإشاعات؟ إن أصبح اغتيال الشخصيات أمراً مقبولاً واعتيادياً؟ تخيلوا إن سيطر الخوف على المسؤولين فأقعدهم عن اتخاذ قرارات. لا بد من التذكير بأن الأوطان لا تبنى بالتشكيك وجلد الذات، بل بالعزم والإرادة والعمل الجاد".

ويعطي المقال الضوء الأخضر للسلطتين التنفيذية والتشريعية تشدد العقوبات في قانون الجرائم الإلكترونية المتوقع إقراره خلال الدورة البرلمانية الحالية.

وحظي المقال بردود فعل واسعة من المواطنين، تُظهر عدم توافق مضمونه مع توقعات المواطنين الذين انتظروا كلاماً آخر يتعلق بالأحوال الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها والاجراءات المنتظرة للخروج من الوضع الحالي.

ويأتي رواج الشائعات نتيجة حتمية لغياب المعلومة، فعجز الإعلام الرسمي عن تطوير أدواته، إضافةً إلى فقدان الثقة بالجهات الرسمية وما يصدر عنها، وهو ما تراكم في ذهن المواطن مع الأيام، ليجعل الكثير من المواطنين يتلقفون الشائعات ويعيدون نشرها.


ومن ردود الفعل على مقال العاهل الأردني وعلى صفحة الديوان الملكي على فيسبوك، يقول المواطن محمد مريان إن "عدم الاستقرار المادي وحالة الإحباط العامة من الوضع الراهن هي سبب كل مشاكلنا، لقد بات المواطن يبحث عن سبب لحل مشاكله عبر تجيير هذه المشاكل إلى أي مسؤول، ان ضنك العيش الذي نعيشه حاليا هو سبب قاهر يؤدي إلى تفكك البيت والمدينة والوطن بأكمله".

ويقول مواطن آخر: الفقر والبطالة فتكت بالشباب ولا تنتظر من شباب ضيعوا أعمارهم بانتظار ديوان المحسوبية (الخدمة المدنية) دون فائدة سوى التعب والضنك والشكوى وقلة الحيلة.

ويقول المواطن حمود عليان "جزء كبير من الإشاعات سببه عدم نشر المعلومات الحقيقية. وهناك جهات رسمية لا تقدم المعلومة للإعلام لتوضيح الأمور. قبل أن تظهر الإشاعة وتتضخم ويصبح من الصعب طمس الإشاعة، وبعض الوزراء جاء بالصدفة، بسبب علاقات الصداقة".

بدوره يقول المواطن مصلح العثمان: "الأوضاع على أرض الواقع صعبة، وصعبة للغاية ودرجة التحمل يصعب احتمالها، فلا مجلس النواب يمثل إرادة الشعب لأنه لا يمثل سوى 25% مع التدخلات المباشرة وغير المباشرة، وقانون انتخابي مشوه ورجعي وبدائي ومتبعثر أفرز مجلس نواب متشتتا غير منسجم ولا يلبي أدني وظائفه التشريعية، وحكومات تقليدية تفتقر إلى المهنية وتتميز بالمحسوبية والشللية والمحاصصة، تتغول على السلطة التشريعية وتتجاهل وتتنصل من أدنى مسؤولية، وجيوب المواطنين هي البدائل للتغطية على هدر الميزانية، وفساد ينتشر كالسرطان في جسم الوطن لا يرحم الصغير ولا الكبير، وأصبح المواطن مصابا بالكثير من اليأس والإحباط من النهج الحكومي الذي يخطو كل يوم خطوة إلى الوراء".